يستيقظ كل يوم في الساعات الأولى من الصباح، ليذهب لمقر عمله بإحدى الجراجات الكائنة بمنطقة منشية جبريل بالبساتين، قرب محكمة الشهر العقاري، مستفتحًا يومه بتلاوة ما تيسر من آيات الذكر الحكيم لعل الله أن يفتح له أبواب رزقه في أوقات شروق الشمس.

عم "رضا"، البالغ من العمر 50 عامًا يعاني من ظروف معيشية صعبة حاله كحال الكثير من المصريين، لاسيما بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة خلال شهور مضت لصالح المنظومة الاقتصادية في البلاد، يقول:" أكتر مشكلة بعاني منها هي السكن، دلوقتي بدفع إيجار شهريًا حوالي 500 جنيه، ومتزوج وعندي 4 أولادي منهم واحدة في الشهادة الإعدادية وبتاخد كل 15 يوم 200 جنيه دروس خصوصية بس، وأجيب منين".

تبدأ الرحلة اليومية "رضا" الرجل الخمسيني، مع الحياة، بعد صلاة الفجر يضيف:"بقف كل يوم من الساعة 6 الصبح لحد الساعة 7 بالليل، وبروح بيتنا حوالي الساعة 9 بعد العشاء، وبخلي ابني يمسك بعديا من الساعة 8 بالليل لحد تاني يوم بعد الفجر الساعة 5 ونص واستلم مكانه".

وبصوت يملؤه الحزن والبكاء معًا على ما وصل إليه حاله، يقول:"خرجت ابني من التعليم من سنة عشان المصاريف مش مكفيه البيت أكل وشرب وايجار بس، راتبي من الجراج هنا 1400 جنيه، أعمل بيهم إيه يا أستاذ، وقريب جدًا هبدأ أخرج بنتي التانية من التعليم، لأن بالطريقة دي حرام أجيب منين أسرق يعني؟!".

"محدش بيسأل في حد" كلمات قالها عم "رضا" تعبر عن حاله الذي وصل إليه بعدما طرق كل الأبواب الممكنة، فالرجل لم يقف مكتوف الأيدي أمام تلك الظروف القاسية، بل ذهب منذ 6 أشهر إلى مقر حي المعادي، بشارع 77، أملًا في أن يجد قلوبًا رحيمة تسعي لحل معضلته التي أرقته كثيرًا، ليفاجأ بردهم عليه:"رئيس الحي مش موجود هنا".