طباعة

"جميلة".. طردها أبنائها فسكنت كشك الـ"عيش"

الإثنين 14/11/2016 10:58 م

فاطمة أبو الوفا

"جميلة"

بناء ذا لون "موف" يتوسط أحد أرصفة شارع "السلام" الواقع في عزبة "دلاور" ببولاق الدكرور، نقشت عليه رسوم توحي بالبهجة لتعلن عن قاطن جديد أقام فيه، بدا شكله غريبًا لبعض المارة مما جعلهم يتساءلون "مش ده كان كشك عيش، إيه اللى غير شكله كده؟"، جولة صغيرة حول الكشك ظهر خلالها باب خشبي صغير يحمل خلفه تفاصيل مأسوية تناقض المظهر الخارجي، غطاء رث وسرير متهالك يحتويهم الكشك، تحتمي بهما الحاجة "جميلة" بعد مطاردات عديدة واجهتها من بلطجية المنطقة بعد أن رفضت مغادرته.

3 أعوام مضت على إقامة المرأة السبعينية بـ"كشك العيش" بعد أن طردها أبناءها من المنزل الذي بنته لأجلهم: "من يوم ما جوزي مات وأنا متبهدلة، عيالي طردوني من البيت ورموني في الشارع، وأنا كنت ببيع العيش في الكشك ده لما كان فاتح قبل ما حال الأكشاك يقف، لما سمير عرف إني مرمية في الشارع قالي أكسري القفل واقعدي فيه، هو كان مسئول عن العيش في الكشك، بعد ما رئيس الحي وافق كمان"، دعوات متتالية ترسلها "جميلة" إلى السماء لمن وقفوا بجوارها "ربنا يسعدهم ويسترها معاهم يا رب" وتدعو الله أن ينتقم بمن يريدون هدم الكشك لها: "بلطجية المنطقة عاوزني أخرج منه علشان يقعدوا يشربوا براحتهم وكذا مرة يخبطوا بالحديد فوق الكشك وأقوم من النوم مفزوعة".

طرقات عديدة على باب "الكشك" أفسدت نوم "جميلة"، وجدت أمامها رجلًا لا تعرفه تحدث إليها بقسوة قائلًا "بكرة الصبح الكشك ده هيتشال" ثم مضي، تلك الكلمات كانت بمثابة صدمة كبيرة أصابتها لتدخل في نوبة بكاء عارمة جعلتها تسرع بمغادرة الكشك، تحتمي بشجرة صغيرة على الرصيف المجاور لعلها تنقذها من ماء المطر:" اشتكيت للأستاذ حسن وحكيت ليه اللي حصل، هو يعرف المحافظ وقالي باتي في الكشك محدش هيقدر يكلمك نامي وأشبعي نوم"، الذرة المشوي هو مصدر رزق "جميلة" الذي تخلت عنه بعد أن كُسر ذراعها: "روحت أملا البوتاجاز الصغير كان تقيل على أيدي وكسرها، وبقيت عايشة على المساعدات".

وتضيف:" مش عاوزة حاجة غير أنهم يسيبوني عايشة في الكشك، ده أنا اللي وضبته على حسابي والله، وحتى مفهوش حمام، وعيالي مش عاوزة منهم حاجة بعد ما رموني، الكشك تبع مخبز ميت عقبة وخايفة يفتحوه تاني وأترمي في الشارع، ونفسي بلطجية المنطقة يبعدوا عني وأعيش في حالي، أنا حافظة اساميهم كلهم بس مش اللى بقدر عليه إني بقول ربنا ينتقم منهم ومن كل ظالم".

من جانبه قال أسامة السقعان، رئيس حي بولاق الدكرور أن مشكلة "جميلة" مر عليها وقت طويل، وهو غير متذكر تفاصيلها، مضيفًا: "طالما قاعدة ومش مضايقة حد يبقى خلاص، وطالما هما عاوزين يطلعوها من الكشك تجيلي وأنا هحل ليها مشكلتها وهوفر ليها شقة، هو الموضوع من 3 سنين ومش متذكره أوي بس طالما هي ست كبيرة وملهاش حد يبقي وجودها في الكشك مش مؤذي ومحدش هيقدر يطلعها منه".