طباعة

"لما صاحب المحل بيموت.. مهنته بتموت معاه".. و"الثورة" السبب

السبت 26/11/2016 01:32 م

فاطمة أبو الوفا

"عم حسن عرفة"

تمر ساعات دون أن يبرح مكانه، طامحًا في رفق رب السماء، كالظمأن المنتظر سقوط المطر، لا يتمنى سوى "زبون" يبث في نفسه الأمل ويطمئنه أن مهنته لم توافيها المنية وأنها لازالت بخير، يجلس "عم حسن عرفة" على كرسيه الخشبي، فيمر يومه بلا جدوى دون أن يحظى منه بشيء سوى غضب واستنفار من مشاجرات أهالي السوق المستمرة.

"عمل مفتاح"، الاسم الذي ظلت تحمله ورشة عم "حسن عرفة" الواقعة في شارع أبو طالب بمنطقة "دار السلام" حتى 58 عامًا، فكادت الأتربة تخفي معالمها القديمة وتحجب عنها الرؤية، يؤكد أنه ورث المهنة عن صهره منذ أن كان في الـ12 من عمره حتى صارت مهنته الأساسية:" من فلوسها علمت عيالي وجوزتهم وفضلت أنا ومراتي بطولنا في شقة في الدور الأرضي".

انتقل الرجل السبعيني من ماضي مشرق في مهنته إلى واقع مؤلم يعيشه منذ قيام ثورة الـ25 من يناير، مستنكرًا ارتفاع الأسعار وقلة المرتبات التي انعكست على أصحاب الحرف، فاكتفوا بأنفسهم لممارسة العمل.

يبدأ عم حسن عمله بشراء الخامات من منطقة "عابدين" التي تشمل مفاتيح السيارات والمنازل والدولايب، تبلغ قيمة المفتاح الواحد جنيه ونصف الجنيه، ويؤكد أنه يشتري من كل خامة 5 أنواع، ويحرص على أخذ البطاقات الشخصية من زبائنه ليطمئن إلى سلامة عمله:" لازم اتأكد أن الزبون صاحب العربية أو البيت ولا لأ، عشان أشتغل وأنا مطمن"، يستخدم عم حسن "مكنة المفاتيح القديمة" و"مكنة الكمبيوتر" ويوضح أن كلًأ منهما خاصة بأنواع معينة من المفاتيح.

يفتح "عم حسن" دكانه من الـ9 صباحًا ويغلقه عقب صلاة المغرب، بعد يوم طويل شاق يقضيه في انتظار الزبائن التي لا تأتي:" كل الحرف القديمة هتموت لما أصحابها يموتوا لأن كل صاحب محل شغال بطوله ومفيش حد عاوز يتعلم المهنة"، أوضح عم حسن رغبته في بيع الكوالين والأقفال لكن ضرائب المحل منعته:" مستنى كرم ربنا وأموت في أي وقت، ووقتها مهنتى هتنتهى خالص ومش هيبقي ليها وجود لأن مفيش حد بيتعلم الصنعة غيري".