طباعة

"عمر الخيام".. الشاعر الذي حوسب اللغة العربية

السبت 03/12/2016 01:37 م

منى عادل

عمر الخيام

"هبوا املئوا كأس المونئ، قبل أن تملئ كأس العمر كف القدر، لا تشغل البال بماض الزمان، ولا باآت العيش قبل الأمان، وأغنم من الحاضر لذاته، فليس في طبع الليالي الآمان".

رباعية شهيرة تغنت بها أم كلثوم، وأطربت جميع من سمعها.. تلك الرباعية التي ألفها غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام، المعروف باسم "عمر الخيام".. و"الخيام" هو لقب والده، حيث كان يعمل في صنع الخيام.

ولد "الخيام" عام 1048، وتوفى عام 1131، وعاش ما بين نيسابور وخراسان، ويعد من أشهر قادة الطائفة الإسماعيلية النزارية، ورغم شهرته كشاعر، إلا أنه عالم في الرياضيات والجبر، وحدد التقويم السنوى للسلطان ملك شاه، الذي أقر التقويم الفارسي المتبع حتى اليوم.

ترجع شهرته إلى عمله في الرياضيات، حيث حلَّ معادلات الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية، ونظم المعادلات وحاول حلها كلها، ووصل إلى حلول هندسية جزئية لمعظمها، وبحث في نظرية ذات الحدين عندما يكون الأس صحيحًا موجبًا، ووضع طرقًا لإيجاد الكثافة النوعية.

"الخيام" أول من استخدم الكلمة العربية "شئ" التي رسمت في الكتب العلمية الإسبانية "xay" ثم تم استبدلها بالحروف الأول منها ""x" للتعبير عن العدد المجهول، وأول من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط.

تولى وضع تقويمًا سنويًا بدقة، ورغم كل هذا التفرد، إلا أن أكثر ما اشتهر به "الخيام" هي الرباعيات التي تعد عبارة عن مقطعات من 4 أشطر، الشطر الثالث مطلق، بينما الثلاثة الأخرى مقيدة، وهي تعرف باسم الدوبيت بالفارسية، وألفها بالفارسية ولم يفكّر أحد ممن عاصره في جمع الرباعيات.

فأوّل ماظهرت سنة 865 هـ، أي بعد رحيله بـ3 قرون ونصف، وقام بترجمتها للعربية الشاعر المصري أحمد رامي، وصنفت الرباعيات على أنها من أهم 100 كتاب على مر العصور، تتراوح رباعياته بين الإيمان والإلحاد، وبين الدعوة للمجون واللهو وطلب العفو وإعلان التوبة.

واتهم "الخيام" بالالحاد والزندقة، وعرف عنه خلال تلك الفترة المتأخرة من حياته ميله إلى التنجيم، فكان يروي عنه توقعه أحداثًا كانت سرعان ما تقع بالفعل، وأحرقت كتبه ولم يصلنا منها سوى الرباعيات التي أحبتها القلوب وحفظتها من الضياع.

ورغم شهرته بالرباعيات، إلا أن هناك اختلاف على كونها تخص الخيام، فالرباعيات تدعو إلى اللهو واغتنام فرص الحياة الفانية، بينما "الخيام" عرف بعالم جليل وذو أخلاق سامية، لذلك يعتقد البعض أنها نسبت خطأ له، وأثبت ذلك المستشرق الروسي زوكوفسكي، فرد 82 رباعية إلى أصحابها، ولم يبقى إلا القليل الذي لم يعرف له صاحب.

رحلّ الخيّام عن عالمنا، لكنه ترك نتاجًا لا يمكن الاستهانة به، وكان مصدر إلهامًا للعديد من المبدعين بعده، ففي عام 1941 قدمت هوليود فيلمًا روائيًا طويلًا بعنوان "عمر الخيام".

هذا الفيلم لم يستطع أن يرسم صورة حقيقية واضحة له، إلا أنه استلهم المرحلة التاريخية التي عاشها، فقيل أنه فيلم مزدحم بالمغامرات والسيوف والرمال وشئ من الحب، واعتمد السيناريو على مصادر تاريخية شرقية وغربية عن حياته، وأحداث المرحلة التي عاشها.

فإن الروائي الكبير أمين معلوف، خصص في روايته "سمرقند" ليتحدث فيها عن "الخيام" والفترة التي عاصرها.

وأسهم الفن السينمائي في تناول سيرة "الخيام" وعصره، فأُنتج في مصر فيلم يحمل اسمه، من بطولة الممثل عمر الشريف.

وأسهمت الشاشة الصغيرة بمسلسل عربي من 30 حلقة عُرضت في عام 2002، كان معظم ممثليه وممثلاته من سوريا.