طباعة

سمير المنزلاوي لـ"بوابة المواطن": أمي تتمتع بثقافة عالية وتشاركني نجاحي

الأربعاء 21/03/2018 02:22 م

لمياء يسري

الكاتب سمير المنزلاوي

تحتفل مصر، اليوم بعيد الأم، الموافق 21 مارس من كل عام، وللأم دور مهم في تنشئة أبنائها، وتشكيل وعيهم في الحياة.

يقول جبران خليل جبران عن الأم " الْأُمُّ هِيَ كُلُّ شَيءٍ في هذِهِ الْحَياةِ، هِيَ التَّعزيَةُ في الْحُزنِ، والرَّجاءُ في الْيَأْسِ، وَالْقُوَّةُ في الضَّعْفِ، هِيَ يُنْبوعُ الْحُنُوِّ وَالرَّأْفَةِ وَالشَّفَقَةِ وَالْغُفْرانِ" 

وقال الأديب سمير المنزلاوي لـ "بوابة المواطن"، أمي هي التي ربتني وتبنتني ثقافيا، فهي تتمتع بثقافة عالية، وذهن حاضر، لأنها كانت دائمة الاستماع إلى البرامج التليفزيونية الخاصة بالمثقفين، وتتابع النشرات والبرامج الإذاعية، وكانت تعرف اسماء كبار الأدباء كنجيب محفوظ ويوسف إدريس، وكذلك تتابع الأخبار السياسية لعبد الناصر، وكانت تحكي لي ولأخوتي ما تسمعه وتشاهده من برامج، حتى تعلمنا ما تعلمته هي طيلة اليوم، لم تكن أمي تمل من الحكي، ولا من الاستماع إلى أحوالنا وحكياتنا.

وأضاف " المنزلاوي"، أنه عندما ذهب إلى الجامعة "كانت أمي ترسل إلي الجوابات لتطمئن على أحوالي هناك، ومازلت أحتفظ بالكثير من هذه الجوابات إلى الآن، وفي الأيام التي كنت أمل فيها من دروسي، كنت أشكو إليها، فكانت تجلس بجانبي، وتطلب مني أن أحكي لها ما حدث في يومي، وما ذاكرته من دروسي، حتى لو لم تفهم ما أقول بحكم الدراسة، لكنني كنت أجدها شديدة التركيز، منتبهة لكلامي، وكانت تنصحني بما تستطيع، هي كانت تريد أن تخفف حملي .


وذكر الأستاذ سمير المنزلاوي، موقف مهم من جانب والدته بخصوص مساعدته ودعمه لموهبته الروائية، فقال إنها ذات يوم كانت تستمع إلى الراديو كعادتها، علمت بوجود مسابقة عن القصة القصيرة خاصة بموضوع الأسرة، فأخبرتني أن أتقدم إلى المسابقة، ولكنني رفضت في البداية معللًا ذلك أنني لا أحب أن يفرض عليّ ما أكتب، فما كان منها إلا أنها اقترحت موضوع للقصة، قائلة "اكتب عن ابنة خالتك وأسرته"، فقلت لها إن شاء الله ولم أكن أنتوي الكتابة، ولكنني بعدما ذهبت إلى المدرسة، إذ كنت وقتها أعمل أستاذا للغة الإنجليزية، وأثناء شرحي للتلاميذ، ارتسمت في ذهني ملامح القصة كاملة، فأنهيت الحصة وكتبت القصة بالفعل، ثم عرضتها عليها بعد عودتي من المدرسة، فشجعتني أكثر وأصرت أن أرسل القصة على العنوان المكتوب الذي احتفظت به عندها، بعد سماعها للحلقة، لم أشأ أن أخذلها، وأرسلت القصة على العنوان، وبعد شهر واحد، جائني الرد باستبعاد القصة لأنني لم أسدد مبلغ خمسة جنيهات مبلغ الاشتراك _ والذي لم تكن هي تعلم به ولا أنا بالطبع _ حزنت أمي بشدة وقالت لي "مفيش حد بن حلال كان يدفع لك الخمسة جنيه ؟"، ونسيت الأمر تمامًا، وفي الشهر التالي جائني جواب آخر، وفوجئت أنني فزت في المسابقة، وعندما علمت أمي وجدتها تبكي وتحمد الله، وسألتها ماذا حدث، قالت "لا أعلم يا ولدي، ولكنني كنت أدعو الله لو يدفع لك أحدهم المبلغ وتستكمل المسابقة"، عندها تفكرت أن أمي لها كرامة، ولأن قلبها صافي لا يحمل ضغائن، لم يشأ الله أن يرد لها دعاء.

وبعدها بأيام، ذهبت إلى القاهرة، لأستلم جائزتي، وعلى المنصة، قال لي الشخص المعهود بتسلم الجائزة " ياسمير، قصتك أعجبتني ولقد دفعت لك الخمسة جنيهات، حتى تستطيع أن تستكمل المسابقة" فرددت عليه، "أنت ابن الحلال الذي دعت له أمي."

أما عما يميز والدته، قال " من المميز في أمي، أنها مرتبطة ارتباط شديد بمن حولها من الجيران وأهالي القرية، أمي تحب الجميع وتحب مساعدتهم، ولا تبخل على أحد أبدًا بشيء مما تملك، فهي كل صباح تشتري أدوات العطارة من شخص يطوف القرية يعرض بضاعته على الجميع، فتشتري سكر نبات وتعطيه لمن لديه مشكلة في الأحبال الصوتية أو مشاكل في الصدر، وتشتري اللبان الدكر لمن يعاني من آلام في المعدة، وإذا جاء لها أحد يشكو من صداع، تسخن الماء الدافيء وتقطر له في أذنيه حتى يغيب عنه الصداع، أمي كذلك تساعد سيدات القرية على رد "دينهم"، فعندنا في القرية اعتقاد أن من تلطم خدها تعد خارجة عن الدين، فتأتي السيدات اللاطمات إلى أمي ليرددن الدعاء ورائها "اللهم إني توبت وندمت عما فعلت، وعزمت ألا أعود إلى ما فعلت" 40 مرة."