الإمبراطورية العثمانية هي واحدة من أكبر دول الشرق الأوسط وأوروبا مساحة وأطولها عُمرًا، بلغت مساحتها نسبيًا 18 مليون متر مربع، وطال عمرها إلى أن أصبح 625 عام حتى انهارت تمامًا عام 1924م، تخلل فترة حُكم الدولة العثمانية الطويلة اعتلاء 36 سلطان عثماني مختلفي الصفات والشخصية، فمنهم الشجاع، ومنهم الشامخ الذي لا يستسلم، ومنهم الحكيم، ومنهم المُرعب لأوروبا، ومنهم الرقيق اللين طيب القلب، ومنهم ضعيف الشخصية، وقد كان السلطان "سليم الأول" معروفًا بقسوة القلب والعنف، حيث أنه اعتلى العرش على جثمان شقيقيه الأميرين "كوركود" و "أحمد" وكان الأخير وليًا للعهد، ولكن "سليم" استطاع أن يجذب إليه الباشوات والإنكشاريّين أصحاب القوّة ليوصلوه إلى العرش بعد أن تحارب مع شقيقيه.
نشأة سليم الأول
وُلد سليم الأول في 10 سبتمبر 1470م، في مدينة أماسيا، التي كان يديرها والده بايازيد الثاني في ذلك الوقت، ترعرع وكبر في مدينة أماسيا، مدينة تنشئة الأمراء العثمانيين، وتم تعيينه والي على مدينة طرابزون في عام 1481م، واستمر حكمه لطرابزون حتى عام 1510م، خلال هذه الفترة اعتنى بأعمال الدولة الإدارية والعسكرية، ولاحظ ميل التركمان الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للدولة العثمانية، إلى الدولة الصفوية وحكامها بسبب سخطهم من سياسات الدولة اتجاهم، ولتفادي هذا الميل والخطر الجسيم، الذي يشكله على الدولة العثمانية، قام سليم الأول دون أخذ الإذن من والده بتحريك التركمان في حملة عسكرية مُهيبة انطلقت عام 1508م، مُتجه نحو جورجيا ومنطقة شرق تركيا، استطاع خلال هذه الحملة فتح قارس وأرض روم وأرتوين وضمهم للدولة العثمانية، وبعد الفتح لم يقم بإرسال الغنائم إلى بيت المال بل قام بتوزيعها على الجنود التركمان لكسب قلوبهم وإبقاء ميلهم مُتصل بالدولة العثمانية.