طباعة

الزراعة من حرفة بدائية إلى أيدولوجية تقدم

الخميس 21/06/2018 04:00 م

دنيا سمحي

الزراعة في مصر

عرف الإنسان الزراعة منذ قديم الأزل، في البدايات الأولى لتواجده على أرض المعمورة في الدلتا، والأراضي الفيضية الخصبة، لم تكن حرفة الزراعة نابعة في البداية، من عبقرية الإنسان، بقدر ما كان ظهورها مدفوعا بقوة من قانون البقاء، ومن هنا، عمل الإنسان القديم على تذليل وتسخير كل المتاح في الطبيعة لصالح احتياجاته، ومع تطور الأيدلوجية الإنسانية، وتعدد وتشعب حاجات الأفراد، بعد أن أصبحت الجماعة الصغيرة، تجمعا ومجتمعا مترامي الأطراف، وتطور العصور وتبدلها، وظهور زراعة في ثوب جديد، وصولا إلى الزراعة الحالية، لا شك أن لكل تطور عقبات وتداعيات، وهو ما نحصده من زراعة اليوم، التي عانت ولازالت تعاني من بعض القصور، والاحتياجات، وكذا التداعيات المحتملة لتلك القصور، وإيمانا بالدور الفاعل الذي تلعبه الزراعة في إقتصاد البلاد، ترصد " بوابة المواطن " أبرز ملامح الزراعة في مصر، ونستعرضها فيما يلي:
الزراعة من حرفة بدائية
ولعل أحدث العقبات والمشكلات التي تواجه جميع القطاعات، وليس فقط الزراعة، هي أزمة الأسعار، وتحريك سعر الوقود، والمحروقات البترولية، وما تبعها من رفع سعر تعريفة المواصلات والنقل، في المدن الجديدة، والقاهرة، والمحافظات ومراكزها، حيث يرتفع سعر تعريفة نقل المحاصيل، والتي اشتكى منها كثير من المزارعين، نظرا لارتفاع قيمة الأراضي الزراعية، وارتفاع سعر الأسمدة، تزامنا مع أزمة الري، الأمر الذي في مجمله ينتهي بهلاك المحصول، أو عزوف الفلاح عن الزراعة، والإتجاه إلى الحرف الأخرى- كما هو ملاحظ حاليا- وهو الأمر الذي يهدد خطة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية التي تعتمد عليها الدولة محليا.
الزراعة من حرفة بدائية
تسعير المحاصيل الزراعية
وحرصا على حق الجميع، والعدالة الإجتماعية، دون انتقاص للحقوق، فقد قدم عدد من النقابيين في الزراعة، مناقشات في البرلمان، لوضع تسعيرات ثابتة على المحاصيل الزراعية في البيع والشراء، تجنبا لجشع المتاجرين بالمحاصيل الزراعية، وحفظا لميزانية المستهلك المحلي، نظرا للظروف الإقتصادية الراهنة التي تمر بها البلاد، إضافة إلى تخصيص أراض زراعية، يتم العمل على استصلاحها لمصلحة صغار الفلاحين والشباب، لمساندتهم في بناء أساس راسخ يهييء لقيام دولة إقتصادية بكل ما تحمله الكلمة من مقاصد، هذا إلى جانب مشروعات الري وتفعيل قانون الموارد المائية.
الحد من الفجوة الاستيرادية
ولأن الاستيراد وجهان لعملة واحدة، فهو يسمح بدخول أصناف جديدة إلى البلاد، لكنه يحمل في طياته تبعية أيا كان نوعها، إقتصادية، أو سياسية، وكذا فهي تُحمل ميزانية الدولة عبئا إقتصاديا إضافيا، نتيجة الاستيراد بالعملة الصعبة، والشروط الجمركية المتحفظة، ومن هنا، توجهت الدولة بخطوات ثابتة نحو الاكتفاء، وعملت على التوسع في الزراعات القائمة، ومنها المحاصيل الزيتية، التي تتضمن زيت النخيل، والفول، والصويا، إضافة إلى المحاصيل الزيتية التي من شأنها توفير الكثير من المنتجات الغذائية التي تستوردها البلاد، وبهذا يدخل إلى الخزانة المصرية نقدا من عمليات التوسع، دون اللجوء للخارج.
الزراعة من حرفة بدائية
وبما إن المياه هي الأزمة الكبرى في ماضي وحاضر الزراعة، والتي تهدد مستقبله أيضا، فقد ظهرت مطالبات بتقليل مساحة المسطحات الخضراء التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وأيضا التي تعتمد على الري بالغمر، وهو ما يسبب نقصا في الموارد المائية المتاحة، والعمل على تطبيق أسلوب الري الحديث، خاصة في محاصيل الفاكهة، مثل الموز، الذي تسببت زراعته بأزمة مؤخرا، نظرا لنقص الأسمدة الخصبة، والتي أدت إلى تعفن الموز وتوقف سوقه، وكذا استخدام الري بالتنقيط أو الرشح أو الري بالنتح، لتوفير المياه ومعالجة أزمة الجفاف، وتصحر الأراضي، ولعل طريقة "الري بالبخر" هي الأكثر عملية، والتي تستخدم فى دول أوروبا وأمريكا، ودول الزراعة المتطورة.

ولم تتوقف المقترحات في مجال الزراعة عند هذا الحد، بل تخطت ذلك، مسايرة للزراعات الحديثة، والسير على نهج ومنهاج الدول الآخذة في الازدهار، حيث تستهدف مصر من تقويم النظام الزراعي، أن ترقى لمصاف الدول، وتعتمد على محاصيلها المحلية، لتحقيق الاكتفاء، الذي أصبح خطوة في طريق قاطرة التقدم والازدهار وليس مجرد التنمية.