طباعة

بالفيديو والصور.. الإهمال يغتصب القاهرة الفاطمية.. «الصالح طلائع» أول مسجد معلق يغرق في المياه الجوفية.. تحول إلى بؤرة للدعارة ومأوي للكلاب الضالة.. والآثار «شاهد مشفش حاجة»

الخميس 29/09/2016 09:55 ص

محمد المواردي ومحمد يونس

بعد أن كان التاريخ يحكي عنها وسط الحضارات الأوربية، بعظمتها وقيمتها الأثرية التي لا يغفل عنها أحد، بكت اليوم لمحو عرقها التاريخي من هيئة الآثار، بعد تركها في طي النسيان بعيدًا عن عمليات الصيانة والترميم، لتصل إلي وضع استاء منه جميع من ينظر إليها، ولو كان عاش أجيال العصر الفاطمي لانهاروا بالبكاء لما قام به أحفاد الصالح طلائع من تشويه معلمه الأثري ذو القيمة التاريخية علي مر العصور.

ونتيجة ذلك انتشرت وسائل الإهمال التي أصابت السياحة الخارجية من تواجدها بمحيط بعض المناطق الأثرية، وانحدار دخلها بأراضي الكنانة.

لم نكن نتحدث علي موقع بعينه، وإنما نشير إلي القاهرة الفاطمية بشكل عام، بدءا من باب زويلة والصالح طلائع وغيرها من المعالم الأثرية الأخرى التي أصبح تاريخها مختلط بالتشويه.

وفى جولة قام بها «المواطن» لتسليط الضوء علي أوضاع الآثار المتهالكة بالقاهرة الفاطمية، لإيجاد حلول لذلك الإهمال من قبل المسئولين، رصدنا بعض المناطق التاريخية ذات وضع يحزن عليه أحفاد الفراعنة.

زحام شديد من المترددين علي شارع الغورية وسط انتشار ملحوظ من قبل أصحاب المحال المخالفين لقيود الترخيص، فضلا عن الباعة الجائلين المسيطرين علي محيط الصالح طلائع، كما افترش أصحاب المحال بضائعهم علي أسوار الجامع، ذلك في غياب تام لإدارة الحي ورجال الأمن المكلفون بتأمين المناطق الأثرية والحفاظ عليها من التشويه.

وفي مشهد غير لائق، وجدنا الكلاب الضالة تغتصب قيمة الكيان التاريخي لأول مسجد معلق بالقاهرة الفاطمية، بميدان بوابة المتولي في باب زويلة بالدرب الأحمر، في اختناق بالروائح الكريهة للقمامة المختلطة بالمياه الجوفية دون الاهتمام من قبل الجهات المعنية بأهمية الأثر المصري العريق.

وفي الوقت الذي تسعي فيه وزارة الآثار تطوير المناطق التاريخية، لإضفاء القيمة الأثرية والرقي بالمستوي الحضاري، تستغيث بعض الأماكن من الإهمال والتهميش.

وحرصًا مننا علي استقصاء أوضاع أغلب المناطق الأثرية، توجهنا اليوم إلي حي الدرب الأحمر، لمتابعة أخر ما توصل إليه جامع الصالح طلائع، ثالث أكبر مساجد مصر، وأول مسجد معلق بني في مصر والثالث على مستوى العالم الإسلامي.

غرق كيان الجامع ولم يجد من ينقذه ليصل إلي حالته المستاء منها بعد محاولات ترميمه عام 2007، من انتشار القمامة والكلاب الضالة وغرقه في المياه الجوفية، دون النظر إليه ولو دقيقة في الأسبوع، وفي نظرةغضب وجدنا أول القاهرة الفاطمية تستغيث بشكل متواصل إلي وزارة الآثار ومسئولي الصيانة والترميم بالهيئة لمتابعة كيانها التاريخي في مختلف المناطق، ذلك لإنقاذها من شبح تشويه قيمة الآثار المصرية علي مر العصور.

في البداية، قال الكحلاوي عبد الحفيظ، صاحب محل "أسماك"، والمقيم بجاور الصالح طلائع منذ 40 عامًا، أن هناك شركتين أمريكية وهندية جاءتا الموقع لأجل ترميمه وإنقاذه من شبح الإهمال، وإزالة القمامة المسيطرة على المكان، وبالفعل تم ذلك عام 2007، ولكن في عصرنا الحالي عاد كما كان من قبل ينغمر في المياه الجوفية.

وأعرب عن حزنه الشديد لما وصل به حال القاهرة الفاطمية من إهمال ملحوظ دون تحرك الجهات المعنية بشكل ايجابي وفعاله لإيقافه تلك المهزلة، مطالبًا بضرورة وجود شخص مسئول عن الجامع ومتابعته.

وفي نهاية حديثه عبر قائلًا: «لكل المسئولين زيارتكم للجامع مش هتكلفكم كتير وانقذوا تاريخنا.. ولو كل أسبوع نظرة واحدة للقاهرة الفاطمية، هنرتقي بآثارنا التاريخية».

فيما أضاف عبد المجيد، أحد السكان المجاورة للجامع، أن الأهالي دائما تقدم الشكاوى للحي لإنقاذ المنطقة من انتشار القمامة والباعة الجائلين حول الجامع، إضافة إلي انتشار الأمراض والأوبئة والحشرات الضالة التي تعود علي العقارات المجاورة للجامع بالإضرار، لافتا إلي أن السياحة اختفت نهائيا حول زيارة الجامع بعد أن كان يشغل بالسياح منذ سنوات ماضية، قائلا: "لامتي هيفضل عندها غياب الوعي الأثري ده.. انقذونا».

وتابع أحمد إبراهيم، صاحب أحد المحال المتواجدة أمام المسجد:«الجامع لم يتعرض لذلك الإهمال من قريب ولكن منذ عشر سنوات تقريبا كان المسجد في حالة يبكي عليها كل من يراه حيث تحول من جامع يتقرب إليه الناس لله إلي موقع لفعل تصرفات غير أخلاقية من بعض الشباب تجاه البنات، مؤكدا أن الإهمال يعود عليه بالضرر لانتشار الحشرات والكلاب الضالة ما يسبب له الأمراض».

جدير بالذكر، أن جامع الصالح طلائع، يبلغ مساحته 1522 مترًا مربعًا ويعتبر ثالث أكبر مساجد مصر بعد مسجدي أحمد بن طولون وعمرو بن العاص، إضافة إلى أنه أول مسجد معلق بني في مصر والثالث على مستوى العالم الإسلامي، ذلك لارتفاعه عن مستوى الشارع.