في ركن صغير اتسع لخشبتها المتآكلة التي تضع عليها بعض "كراتين البسكويت" مختلفة الأنواع، تجلس صامتة تبث شكواها لله، يلتف حول عنقها "إيشارب" ذا لون زهري، ليعبر عن بسمة أمل ورضا عن حالها البائس.

تكمن حياة "نصرة عبد الحفيظ"، 57 سنة، في تلك "الكراتين" الصغيرة، فهما مصدر رزقها الوحيد، الذي تأكل منه قوت يومها: "ربنا كرمني وحوشت واشتريت التلاجة بالقسط والغسالة بالقسط"، تقطن الحاجة نصرة بمفردها في منطقة "مسرة" بعد أن وافت المنية زوجها الذي لم ترزق منه بأولاد، تعاني من مرض النقرس الذي أصابها بعجز في قدميها، فتجلس دائمًا وعلى قدميها "قماشة بيضاء" تجنبًا للذباب الذي يبادر بالوقوف عليها.

"الكراتين دي باكل منها عيش وساعات الجو بيكون مريح، وفي ناس بتشترى ومش بتدفع الفلوس"، لا تلفظ الحاجة "نصرة" بكلمة سوي أن تصاحبها بغارة من البكاء الشديد، ليس لها أحد سوى الله فتبكي له وتدعوه على أمل الشفاء، "نفسي أجيب علاج لرجلي ومش قادرة عشان فلوس القسط".