بالفيديو.. دور تحية كاريوكا في مشوار العندليب
الإثنين 27/مارس/2017 - 11:05 م
نورجيهان صلاح
طباعة
ذات ليلة فى الإسكندرية
كان عبد الحليم هو أحد الوجوه الجديدة التي غنت ليوم واحد ولليلة واحدة علي مسرح
لونا بارك الصيفي وجاءت أغنيته صافيني مرة، بعد منولوجيست"حمامة
العطار"لإسماعيل يس، الذي تعود الجمهور السكندري أن يتبادل معه القافية
والسخرية منه، وحين صعد عبد الحليم للغناء كانت بقايا السخرية عالقة في ذهن
الحاضرين، فقام بعضهم يحتجون علي أغنية صافيني مرةـ، وحاول الحاج صديق متعهد
الحفلات يومها أن يهدئ الجمهور بما يثير شجن شهيته، فطلب من تحية كاريوكا تقديم
عبد الحليم ولكنه لاقى رفضًا تامًا.
وعندما وصلت تحية مع فرقتها، كانت ضمن الفرقة راقصة
مبتدئة هي ميمي فؤاد التي كانت تنظر إلي عبد الحليم كحلم تصعد معه إلي دنيا
الشهرة، وهي من عرضت عليه أن يغني أغنية ترقص أمامه فيها، لكن عبد الحليم الذي
انسجم عاطفيا لبعض الوقت معها الا إنه أحس أن ظهوره على المسرح وأمامه راقصة، هو
تكرار لما فعله فريد الأطرش عندما ظهرت سامية جمال أمامه، وما فعله عبد العزيز
محمود مع أكثر من راقصة، بالإضافة إلى علمه التام، أن الصوت المغني قد يتشتت من
أذن المستمع ووجدانه إذا ما تعلقت العيون علي راقصة تثير فيه مشاعر مختلفة.
كان هناك في مشاعر عبد الحليم رفض لما كانت تحلم به
ميمي فؤاد ،ولأنها كانت ترقص ضمن فرقة تحية كاريوكا فقد سمعت منها ما يسمم بدنها
"عيب ترمي نفسك علي الراجل.. الراجل لازم هو اللي يجري وراكي"، وكان كلا
من " تحية كاريوكا وفرقتها وعبد الحليم ومعه الموجي، وعدد آخر من الذين تعاقد
معهم المعلم صديق ليقدموا فقراتهم لجمهور الإسكندرية، ينزلون في فندق واحد.
وكان محمد الموجي يراقب كيف ترمي ميمي فؤاد بعواطفها
تحت رغبات عبد الحليم، لكن عبد الحليم يبعد عنها بمسافات، صحيح هو يستريح لها، الا
انه لم يفكر في الارتباط والزواج بها، وحين زارهم المعلم صديق في نهاية الليلة
التي لم يقبل الجمهور فيها غناء عبد الحليم، كان الرجل واضحًا معهم قائلا:"
ليس أمام البائع والشاري إلا يفتح الله"، وهنا طلب عبد الحليم من تحية
كاريوكا خمسة جنيهات كسلفة، فأخرجتها من كيس نقودها ليقدمها عبد الحليم إلي المعلم
صديق قائلا "العربون الذي أخذته منك أهو يا معلم".
ووقفت تحية كاريوكا بجانب حليم حتى انها قالت:"
إذا انسحب عبد الحليم من الحفل أنا كمان ماشية"،وهكذا وضعت كاريوكا المعلم
صديق في مأزق، فهو لن يقبل إستمرار عبد الحليم وهو يغني صافيني مرة ولا يستطيع
التفريط في تحية كاريوكا،وتكبل خسائر فادحة فى هذه الليلة.
وبعد الانتهاء من المقابلة،سهر عبد الحليم مع محمد
الموجي ومعهما المحامي الشاب مجدي العمروسي بسيارته الـ ستروين، التي قادها إلي
بيت عبد الوهاب علي شاطئ جليم، وحين فتح لهم عبد الوهاب طلب الموجي من محمد عبد
الوهاب أن يسمع المطرب الشاب عبد الحليم، فأخرج من جيبه خمسة جنيهات ليعطيها لهم
ولكن حليم رد قائلًا " أنا مش طالب حسنة.. أنا طالب رأى حضرتك"، فقال
عبد الوهاب: "مفيش حد يقول رأيه في الغنا بعد نص الليل" وانسحب الثلاثة
بخيبة أمل، وكان هناك جيش قد تحرك في ليلة من ليالي آخر يوليو1952، لتنزل الستار
علي زمن بأكمله ليولد زمن جديد، وتطل أغنية صافينى مرة من صوت عبد الحليم فيشتعل
بها الشجن والفرح، ولتبدأ كميلاد جديد لمطرب إسمه عبد الحليم، وقرر أن يضيف اسم
الرجل الذي شجع تسجيل هذه الأغنية بالإذاعة "حافظ عبد الوهاب"، فصار
اسمه عبد الحليم حافظ. وحين أتي ليلة 23 يوليو1953 أصر عبد الحليم أن يقدمه يوسف
وهبي بعد نشرة الحادية عشرة، وكان الحفل منقولا من حديقة الأندلس، بعد ان بذل عبد
الحليم جهدا في اقناع أحمد فؤاد حسن بأن ترتدي الفرقة الموسيقية زيًا موحدًا، وكان
الميلاد الجديد بأغنية صافيني مرة الحان محمد الموجي.
ولم تنقطع علاقة تحية كاريوكا بحليم عند هذه الليلة،
فقد جمعتهما صداقة ومحبة ظلت حتى نهاية مشواره الفنى حتى انها اتصلت لتطمئن على
صحته بعد رحلته الأخيرة للمغرب التى سافر بعدها للعلاج وأحيا حفلا كبيرًا بقاعة
"البرت هول" بلندن.
