"الحب يصنع المعجزات".. عبارة تتردد على الألسنة تحمل بداخلها دافع لكل العاشقين لاستكمال قصص حبهم، لم تكن "هدى" تعلم أن الحب هو أملها الوحيد الذي سيمنحها سبل تحقيق أحلامها، لتصبح قصة حبها ضمن قصص العاشقين، وتلقب بقصة الحب المستحيل.

"هدى" فتاة في العقد الثاني من عمرها، تحدّت المستحيل، شاء القدر أن تكون من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما أعاقها عن الاستمتاع بأنوثتها، ليأتيها الحب ليتوُج تلك المشاعر ويحولها إلى أمومة، الحلم الذي كان واحدًا من أحلام هدى المستحيلة.

ظلت "هدى" حبيسة كرسي متحرك طوال 25 عام، لإعاقة في القدمين، لم يتوقع أحد أن صاحبة إعاقة القدمين، والجسم القصير ستتمكن من الزواج، أو من تحقيق حلم الأمومة، الجميع أكد عجزها وعدم استطاعتها، لكن "إيهاب" الشاب الثلاثيني هو الوحيد الذي آمن بقدرات "هدى"، ووقف بجانبها وتحدى العالم حتى حقق أحلامها ليكتبا معًا قصة حبهما المستحيل ضمن حكايات العاشقين.

استطاع كيوبيد أن يلعب دوره ببراعة، ليقع "إيهاب" في حب "هدى" من أول نظرة، فتقدم لأهلها للزواج منها، وواجهتهما الكثير من المصاعب حتى تزوجا وأنجبا طفلتها "خديجة"، وهما في انتظار مولدهما الثاني خلال أشهر، ليأتي طفلهما الثاني للحياة لتكتمل العائلة التي كانت حلم مستحيل تحقق على أرض الواقع بإصرار الحب.

روت "هدى"، أن حياتها تبدّلت منذ دخول "إيهاب" إليها، مشيرةً إلى أن حبه هو الذي جعلها تشعر كأي فتاة، وقالت: "أنا من أسوان، عندي 28 سنة وبسبب إعاقتي عشت 25 سنة مكتئبة، فكرت فيه أني أسيب أهلي عشان مبقاش عبء عليهم، وقتها قابلت إيهاب، كان واقف بعيد بيعاكسني مكنتش مصدقة أنه بيعاكس فعلًا، لحد ما قابل أهلي وقالهم أنه بيحبني مكنتش مصدقة كلامه، ووضحت ليه حجم المسئولية اللي هيتحملها، لكنه قالي أنه قادر يكون جنبي وأنه عاوز يتجوزني".

واستكملت: "أهلي رفضوا عرض الجواز وأهل إيهاب نفس الكلام، الكل رفض جوازنا، لكنه أصر لحد ما أتجوزنا، وعشنا سوا رغم أن الكل رافض، وربنا رزقنا ببنت "خديجة" والحمد لله البنت سليمة من أي إعاقة، وبسببها أهل إيهاب تقبلوني وأهلي بعد الجواز اطمنوا عليا ورحبوا بجوازنا".

وأشارت إلى معاناتها فقالت: "أنا وقت الحمل والولادة كنت بعاني لوحدي أنا وإيهاب بس اللي كان بيراعيني، وسخرية الناس كانت بتلاحقني لأنهم كانوا بيستغربوا إزاي حد في حالتي وبيحب ويتجوز ويخلف كأني ارتكبت جريمة".

وسرد إيهاب قائلًا: "براءة وضحكة هدى كانت السبب أني أحبها، علشانها أتخليت عن أهلي، وعدلت من حياتي وطيش الشباب وقتها وقف، لأني كنت بحاول أسعد الإنسانة اللي دق قلبي بسببها، كان حلمي أحققلها أحلامها اللي هي أصلًا بسيطة بتتمناها أي بنت كالحب والزواج والإنجاب".

وأضاف: "عندما عرضت على أهلي فكرة الزواج من فتاة عاجزة رفضوا، ولكني أصررت على الزواج، وأقامنا بحجرة صغيرة بمنطقة بين السرايات، ثم خضعت هدى لعدة عمليات لقدميها لإزالة جزء من إعاقتها، ثم أنجبنا بنتنا الأولى خديجة التي أذابت سوء العلاقة بيننا وبين أهالينا وعادت العلاقات بين الجميع قوية".

وتقول هدى أن فتاتها تعيش حاليًا مع أهل والدها، وهي في شهرها الثاني من الحمل في طفل آخر، ولكن قصة الحبيبين "هدى وإيهاب" التي مرّت بالكثير من الأزمات مازالت تواجهها أزمات أخرى يناشدا فيها المجتمع والمسئولين لكي يستكملا قصة حبهما المستحيل، فتقول: "الناس مش سايبني في حالي في ناس وسيدات كتير بتحاول تخطف مني جوزي، فيه أكتر من بنت بتحاول تستغل إعاقتي ويظهروا مفاتنهم الأنثوية للتقرب من إيهاب، صحيح أنا واثقة فيه بس الحركات دي بتجرحني جدًا يا ريت الناس تراعي ربنا فيا بجد".

ووجهت هدى وزوجها إيهاب حديثها لرئيس الجمهورية ووزير الإسكان، قائلين: "إحنا نفسنا نستلم الشقة اللي بتوزعها الدولة لذوي الاحتياجات الخاصة، الورق خلص بس واقفين على تسليم الوزير، وهما مستنيين لما عدد المستلمين كبير مش إحنا بس، ولكن نتمنى الوزير يسلموا لأن حياتنا متوقفة على الشقة دي".

وأضافت هدى: "أنا بنتي مش قاعدة معايا بسبب الأوضة اللي احنا قاعدين فيها، لأنها بتتعبها، وأهل إيهاب خايفين عليها فأخدوها مني، ولكني عندي القدرة أني أربيها بس المكان هو العائق الوحيد، يا ريت أي حد يلاقيلنا حل عشان نستلم الشقة عشان أعيش فيها أنا وجوزي وبنتي والطفل اللي جاي عشان عيالي يتربوا في حضني وميكونوش بعيد عنى".

واستطردت هدى: "أنا بنتي لما بتشوفني مش بتعرفني وبتخاف مني، وأهل جوزي بيربوها بعيد عني، والحل دا مش مريح لأي أم، وأنا نفسي بعد ما إيهاب قدر يخليني أعيش دور الزوجة، يا ريت الدولة تقدر تساعدني علشان أعيش دوري كأم لبنتي والطفل اللي جاي".