المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

«محمد بن دحيلان» .. حكمته حفرت أسمه في كتب التاريخ

الجمعة 10/يونيو/2016 - 01:10 م
طباعة
محمد بن دحيلان أبو تايه، ولد عام 1880 في جنوب الأردن لعشيرتين كريمتين، فوالده من عشائر أبو تايه ووالدته من عشائر المراعية وتعد كلتاهما الأوسع إنتشاراً في قبيلة الحويطات المنتشرة عشائرها آنذاك في المنطقة من شمال الحجاز جنوباً إلى أواسط الأردن شمالاً ومن فلسطين غرباً إلى العراق شرقاً.
نشأ إبن دحيلان وسط رجالات هذه القبيلة المعروفين لدى القبائل الأخرى بالكرم والجود، والذين يعتبرون من أشد المقاتلين بأساً في الصحراء التي سادتها حالة المعارك والغزو وصراع البقاء في تلك الحقبة بين القبائل في المنطقة العربية حيث أنهم يتمتعون بشجاعة نادرة وشعور بالفخر والإعتزاز، وكانوا يسيطرون على طريق الحج الممتد من الشام إلى الحجاز في زمن الدولة العثمانية حيث كان الحجيج يتمتعون بالأمن و الطمأنينة خلال عبورهم لهذه المنطقة .
ولما كان الشيخ محمد بن دحيلان أبو تايه يتمتع بصفات الزعامة والقيادة إلتف حوله كثيرٌ من عشائر أبو تايه والفريجات عامة، فهو أكثر شيوخ الحويطات أتباعاً وأوسعهم ملكاً مما دفع الدولة العثمانية للسعي لإستمالته وتنصيبه الممثل الوحيد لعشائر الحويطات لديها.
ومن هنا جاءت تسميته بشيخ الدولة، وقاموا بمنحه العديد من الأوسمة والإمتيازات إلا أن حسه الوطني والقومي غلب تلك الإغراءات والإمتيازات، حيث قام بزيارة لجلالة الشريف الحسين بن علي طيّب الله ثراه في مكة المكرمة، وكان ذلك في أواخر عام 1915 مبدياً إستعداده ورجال قبيلته للإنضمام للثورة العربية فور إعلانها، وقد نفِّذت هذه الوعود، حيث كان على رأس مستقبلي الأمير فيصل بن الحسين في الوجه عند إندلاع الثورة.
إبن دحيلان هو العقل المدبر للعشيرة، وصاحب رؤية مستقبلية ثاقبة وذكاء منقطع النظير، وإذا تكلم أقنع من حوله ومن هنا جاءت تسميته بأبو البلاغة.
ومما جاء عنه في كتاب أعمدة الحكمة السبعة لكاتبه توماس ادوارد لورنس الذي وصفه بما يلي:
«كان ثرياً وكريماً، كان يعرف ويعالج مسائل رجال العشائرأفضل من أي شخص آخر، وكانوا يحترمونه حيث أنه كان نزيهاً ومتواضعاً وحكيماً.
كما وكان محمد بن دحيلان رفيقاً أنيساً حلو المعشر قوياً مفكراً لديه الكثير من روح الدعابة، قوي البنية، طويل القامة بوضوح، عمره آنذاك كان 38 سنة (عام 1917)، كان يعتبر في العشيرة هو وإبن عمه عوده أبو تايه (كلوتين متعادلتين) حسب تعبير أبناء العشيرة. له أتباع موالون إليه أكثر من غيره، متذوقاً أكثر للترف ولديه بيت في معان فيه قطيع من النعام، وآخر فيه قطيع من الغزلان بالقرب من الطفيله، ومنزل آخر في ضور في منطقة الشراه، ومنزل في الجفر.
وبسبب تأثيره فإن جماعات عشائر أبو تايه عموماً كانوا يسيرون خلفه هو وإبن عمه عوده أبو تايه، وكان يعتبر العقل المدبر للمجالس العشائرية ويوجه سياستها، وكنت أُسر بروح النقد لديه، وغالباً ما إستخدمت ذكائي طامعاً بأن أحوله لصفي قبل أن أبلور فكرة جديدة، حيث أن الخطط العسكرية بحاجة لتأييده قبل تنفيذها. إن رفقتنا في المسير الطويل جعلت أفكارنا وأحاسيسنا تلتقي سوياً وكانت أفكارنا يتخللها هدف منطوي على خطر ليلاً ونهاراً، وبوعي أو بلا وعي فقد كنا ندرب أنفسنا ونقلص رغباتنا وتمنياتنا إلى هدف وحيد والذي كان على الأغلب مستحوذا على اللحظات الغريبة للحديث ونحن متحلقون حول نار المساء وكنا نتسلى هكذا، في حين كان صانع القهوة يقوم بغليها وقبل أن يصبها للشرب، جاءت نحونا صليه من الرصاص من صوب الكثبان الرملية الواقعة في الشرق، فإنبطح أحد رجال عشيرة «عقيل» وزحف للأمام وهو يصرخ مذعوراً، حيث أصبح في منتصف النار، وقام محمد بن دحيلان بدفع موجة كبيرة من التراب بقدمه الضخمة فوق النار التي سرعان ما إنطفأت بسرعة وأصبحنا في ظلام دامس أطفأ النار فوراً حتى لا يكون هدفاً واضحاً لنيران العدو ، فزحفنا للخلف لنحتمي بالأشجار وتبعثرنا لنصل إلى بنادقنا، وكانت لدينا ذخيرة محدودة ولا نريد أن نبددها،
وتوقف العدو عن الرماية تدريجياً، وفي صباح اليوم الثاني سرنا تحت أشعة الشمس المشرقة بموازاة خط السكة الحديد لنرى أول قطار خارج من معان ومن ثم نندفع إلى الداخل على سهل الجفر الغريب، وللإستفادة من الوقت فقد أجلنا تناول الطعام مع محمد بن دحيلان أبو تايه، فقد كان دبلوماسياً، وبعد ذلك جرى الترحيب بنا لتناول الطعام عنده والمؤلف من الأرز واللحم والبندورة الجافة في خيمته (بيت الشعر) والتي كانت أكبر في طولها وعرضها من باقي الخيام كمثل باقي أمتعة محمد ابن دحيلان».
وكما ورد في نفس المصدر أن محمد بن دحيلان أبو تايه ورجاله قاموا منفردين بتعطيل سكة الحديد الممتدة 80 ميلاً و محطاتها السبعة ، والإستيلاء على الخط الممتد بين معان و المدورة و الذي كان بيد الجبش التركي. و بذلك أنهى محمد بن دحيلان الخط الدفاعي التركي النشط إلى المدينة المنورة .
ومما جاء عن محمد بن دحيلان في كتاب تاريخ الأردن في القرن العشرين للمؤرخين منيب الماضي و سليمان موسى:
«... وفوجئ الأتراك بهذه الهجمة الصادقة فارتبكوا وحاولوا الفرار, ولكن الحلقة التي ضربها العرب حولهم لم تمكنهم من ذلك, وسرعان ما انتهت المعركة بمقتل ثلاثمائة وأسر مائة وستين من الأتراك. ولم يتمكن من النجاة إلا عدد قليل من الجنود فرّوا على ظهور البغال أو الخيول. ولاحق محمد بن دحيلان الفارين على رأس فصيله من جماعته وتبعهم حتى مريغة. ولم يخسر العرب في هذه المعركة سوى قتيلين أحدهما رويلي والآخر شراري».
وصِفَ محمد بن دحيلان في كتاب الرحالة جيرترود بيل 1914م (يوميات الجزيرة العربية مغامرة خارجة عن القانون):
«محمد بن دحيلان أبو تايه شخص يتسم بضخامة جسمه الصلب كالحجارة، وأوضح ما فيه عيناه الثاقبتان يتحلى بالأدب الجم وبعد تقديمه واجب الضيافة لنا، وأهدائي بعض الهدايا وكانت إحدى الظباء الصغيرة الجميلة التي يحتفظ بعدد منها في خيمته الضخمة، تلك المخلوقات الصغيرة والجميلة والفاتنة، وجلد نعامة جميل ملون بالأبيض والأسود، تحول فجأة لأستجوابي فيما إذا قد حصلت على إذن من الحكومة للقيام برحلتي هذه أم لا، وما إذا كان البدو يحبون رؤية الأجانب في ديرتهم
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads