يتحمل عمال النظافة نظرات متدنية من من يتعاملون معهم ويواجهون صعوبات كثيرة بنفس راضية دون شكوى، تعودوا على العمل في درجات الحرارة المحرقة من أجل تنظيف البيئة التي نعيش فيها، ولا يشتكون عدم تقدير الناس والحكومة لهم ومراعات أدميتهم وعملهم الإنساني اللذين يقومون به، فتقديرنا منا بجهدهم وعملهم واعترافًا منا بأهميته "المواطن" ترصد أهم مشاكل عمال النظافة في فمصر في السطور التالية:

يقول عم محمد أحد عمال النظافة، أنه يرتدي كل صباح الزي الموحد الذي أعطنه له شركة النظافة ويأخذ في يده المكنسة ويتجول في الشوارع لكي ينظفها ويلم ما بها من قمامة، حتى تأتي عليه الشمس الحارقة ويتحملها لأنه غير مسموح له بترك عمله والجلوس في أماكن بها ظل وأشجار.

ويتابع عم محمد، أن الأعياد تأتي علينا ولا نشعر بها مع أولادنا أو بداخلنا ولكن قد نراها في عيون الناس التي تمر علينا في الشوارع فبعضهم ينظر لنا نظرة حانية وآخرون ينظرون إلينا بتدني واستغراب، لكن ليس أمامي عمل غيره كي أعمله فأنا كبير في السن فكنت في شبابي أعمل في البناء عندما كنت أمتلك الصحة ولكن الآن لم تعد الصحة كما كانت في السابق.

ويضيف "عم علي" أحد عمال النظافة ننحن من أول يوم العيد ومنذ الصباح الباكر نأتي إلى الحدائق والمتنزهات العامة كي ننظف القمامة الملقية على الأرض منذ مساء أمس لأن هناك بعض المواطنين يقوموا بوضع القمامة مكان جلوسهم ولا يذهبوا إلى سلات القمامة لوضعها بها فنأتي كي ننظفها للزائرين صباح اليوم التالي.

ويستكمل عامل النظافة، أن كل ما يهمنا أن يأتي الزائر ويجد مكان نظيف يجلس فيه ويكون راضي عنه لأنه يهمني أن أرى البسمة في وجوه الناس وأراهم يسعدوا بالعيد الذي أشعر به في خروجهم للتنزه وفي سعادتهم به.

وتشير أمل، إحدي عاملات النظافة، إلى أنها تشعر أنها تؤدي خدمة وطنية مثلها مثل المجند في الجيش لأننا جميعًا في خدمة الوطن، لكن مايثير غضبي أن أجد بعض الناس ينظرون لي على أني حرمية أو يظهر عليهم تخوف غير مفهوم من ما يزيد ألمي أن أكون منبوذة من المجتمع بسبب عملي.

وتتابع أمل، قد تكون مهنتي في أعينهم حقيرة ولكني أراها مهنة شريفة تساعدني بأن أوفر منها أي شيء يساعدني على الحياة فأنا فخر في عين أبنائي وبعض الناس الذين يقدرون عملي، لكن هناك صعوبات كثيرة في المهنة كنت أتمنى أن تحل مثل ضعف الإمكانيات المستخدمة في جمع القمامة فنحتاج إمكانيات تساعدنا على إنجاز العمل بسرعة حتى لا تحرقنا الشمس ساعات كثيرة.

ويقول عم حسن، أحد عمال النظافة عندما سألناه أكتر شيء ممكن يضايقك من المهنة فسكت لوهلة وقال "أنت زبال ودي شغلانتك " الجملة التي أسمعها كثير من بعض الناس في الشوارع عندما ننظفها وفي نفس وقت التنظيف ألاقي واحد بيرمي وراي زبالة وأنا واقف وعندما أنصحه أسمع منه هذه الكلمة.

يتابع حسن، يؤلمني كثير أن أرى هذا رد فعله وهو في عمر أبنائي وأحفادي ويقولها هكذا دون الخوف على مشاعر من أمامه، احنا بننزل حتى أيام العيد لأن اليوم الذي أجلسه في المنزل يبقى مفيش فلوس.

ويرى عم محمود، أحد عمال النظافة أيضًا، أن هناك ناس تشعر بحالتنا ونجد بعض المحسنين يعطونا في الأعياد ما فيه النصيب قد تكون المناسبات بالنسبه لنا باب رزق جديد لهذا اليوم فقط، فأنا أعمل في شركة سوف تنهي تعاقدها في نهاية 2017، ولا أعرف لي مصير بعد ذلك، ولا يوجد استقرار في العمل، والمشرفين علينا بأمكانهم طردنا في أي وقت.

وحتى الحد الأدنى للأجور التي تتحدث عنه الدولة " لا يطبق علينا فيوجد في العقود 1200 والذي نتقاضاه فعليًا 600 جنيه، والحجة في ذلك أن الشركة تعطي لنا زي رسمي ومكانس ومواصلات توصل العاملين منازلهم ويبقى الوضع كما هو عليه 600 جنيه ونأخذها ونرضى ونسكت على ذلك.

أما سمر الطفلة ذات الـ14 عام التي أجبرتها الظروف على العمل باليومية بعد أن أصيب والدها في حادث وتم قطع ذراعه فاضطرت للعمل، تقول الناس بتعاملني كأني بنت شوارع ومعنديش أهل ومن حقهم إهانتي وكمان يتحرشوا بينا وكأننا بقينا متحين لكل شيء.

وتبكي سمر، أكيد كان نفسي أعيش طفولتي زي كل الأطفال في سني وأتفسح وأخرج وأجد ما يهتم بي ولكن الظرف هي التي أجبرتني على ذلك غير أن كمان المشرف ممكن يعدي آخر اليوم ويتلكك علينا ويخصم نص اليوم بحجة أننا لم ننظف الشوارع جيدًا.

فبعد أن سمعنا معاناة عمال النظافة دعونا نعرف رأي المسئولين في الدولة حول مايحدث لهم، حيث أقام عدد من النواب حربًا شرسة ضد الحكومة من أجل إعادة النظر في حال عمال النظافة في مصر.

وتقدمت النائبة فايقة فهيم، عضو مجلس النواب بطلب إحاطة حول تدنى رواتب عمال النظافة باعتبارهم أكثر المهمشين فى الدولة، فعقودهم مؤقتة ويمكن إلغاؤها فى أى وقت ويتقاضى بعضهم 600 جنيه شهريًا وآخرون 750 جنيهًا، وهم على عقود مؤقتة، والذين لم يوقعوا عقودًا رواتبهم 350 جنيهًا وحياتهم تسير على مرتبات معدمة كل شهرين أو ثلاثة وهم غير تابعين لهيئة النظافة ولا الكادر الوظيفى الحكومي ويعيشون على صدقة الشوارع.

وتؤكد فهيم، أن أغلبهم يتعرضون للموت بالبطىء يوميًا بسبب ما يتعرضون له من إصابات من الزجاج الموجود بالقمامة أو السرنجات الملوثة بالدماء، بعض العمال أصيبوا بمرض السل، والأمراض الصدرية، ويتقاضى أغلبهم حوالى 567 جنيهًا وأغلبهم بالعقود لم يتم تثبيتهم حتى اليوم وأثناء قيام بوقفات للمطالبة بحقوقهم يتم تحويلهم للنيابة.

كما أنهم يتقاضون بدل وجبة نصف جنيه فى اليوم ليصل إلى بدل وجبة 15 جنيهًا شهريًا، وقد طالب أغلب العمال بزيادة بدل الوجبة إلى 10 جنيهات فى اليوم لتصل إلى 300 جنيه شهريًا لكن لم تتم الاستجابة حتى الآن.

وأن الظلم الذي وقع عليهم جعلهم يتسول أثناء أداء عملهم فانتشرت ظاهرة التسول بالمقشة على الأرصفة وفى الطرقات العامة، هذه الظاهرة التى لا يمكن أن نلوم عليها عامل النظافة بمفرده ولكن الظلم والتضييق وتدنى الراتب هو من دفعه لذلك، مؤكدة أن زيادة رواتب عمال النظافة لن تحدث أزمة اقتصادية أو عجزًا فى ميزان المدفوعات والأخذ من رواتب هذه الفئة المهمشة لن يحدث فارق يذكر فى ميزانية الأجور في الدولة.