بغرفة مكتبه القابع في مقر مبنى جريدة الأخبارسنة 1992 م، أمسك إبراهيم سعدة بقلمه وكتب مقالاً دق به طبول حرب إعلامية شرسة ضد فيلم "ناجي العلي" ونور الشريف لدرجة جعلت الأخير يفكر في الاعتزال والهجرة.
حلقت التهم من مبنى أخبار اليوم إلى الرأي العام ولاحقت كل صناع الفيلم بتشكيلة من الاتهامات إما الخيانة أو السعي للمال، أو دعم إسرائيل وأن نور الشريف مريض عقلياً ويحتاج للعلاج، وأقل هذه التهم من حيث شدتها كانت أن نور الشريف يشتري تذاكر الفيلم حتى يستمر في دور العرض.

لماذا ناجي العلي (الرسام) ؟!.

كان ناجي العلي رساماً كاريكاتيرياً فلسطينياً، وأحد أكثر الرسامين الذين يتسمون بالنقد اللاذع في تاريخ فن الكاريكاتير العربي وظلت حياته مليئة بالجدل والخلافات مع كافة الأنظمة العربية التي لها صلة بإسرائيل.

لماذا ناجي العلي (الفيلم) ؟!

كان الفيلم صادماً لكثيرين لأن ناجي العلي كان أحد أبرز رسامي الكاريكاتير الذين هاجموا مصر بضراوة، وكان الهجوم على صناعه أيضاً شديداً.

انتقادات كثيرة وُجِّهَت للفيلم لعل أبرزها تغافله عن دور مصر في لبنان وتاريخ حرب أكتوبر، وعلل بشير الديك مؤلف الفيلم آن ذاك بأن الضرورة الدرامية لم تقتضي ذلك، فيما رد نور الشريف على الانتقادات بأن الفيلم ليس له علاقة بالدول العربية ولا مواقفها إنما هو يسلط الضوء على جرائم الكيان الإسرائيلي.

الحملة و تدخل الدولة

حملة صحفية شديدة واجهها فيلم ناجي العلي وأرقت كل صناعه، كان عاطف الطيب حزيناً حين سأله أبوه "إنت صحيح خنت مصر يا عاطف؟"، بينما اتهم نور الشريف بالمرض النفسي من قِبَل بريد القراء في أخبار اليوم وطالب القارئ حينها بجمع تبرعات لعلاج نور الشريف.

كان إبراهيم سعدة يحمل شعار "أنا بحمي سيادة الرئيس مبارك"، كانت هذه الجملة مستفزةً بالنسبة لمحمد حسني مبارك، فهل يمكن لفيلم أن يعرضه للخطر، وهل يمكن لصحفي أن يحميه ؟!.

ولو جملة إبراهيم سعدة مستفزةً بالنسبة لمبارك لكنها كانت أقل من استفزاز ياسر عرفات نفسه والذي سافر إلى مصر خصيصاً ليطلب من مبارك منع الفيلم وسحبه.

كان ياسر عرفات يكره ناجي العلي، يواجه تهماً بالضلوع في اغتيال ناجي العلي، خاصة وأن مقتله جاء بعد فترة قصيرة جدا، من نشر اللوحة الشهيرة رشيدة مهران، التي تهاجم السيدة التي تحمل الاسم نفسه والتي يعتقد أنها كانت عشيقة عرفات كما كانت تذكر الصحف اللبنانية آن ذاك.

المخابرات تنقذ نور الشريف من الاعتزال

يقول نور الشريف في تعليقه حول أزمة ناجي العلي، قررت الهجرة إلى انجلترا للعمل هناك مذيعا أو أن يكتب في الصحافة العربية الصادرة من لندن حتى أستطيع أن أعيش أنا وأسرتي.

وقبل أن يبدأ خطوات جدية في تنفيذ قرار الاعتزال اتصل به صفوت الشريف، وزير الإعلام المصري في ذلك الوقت، وطلب منه القيام ببطولة مسلسل الثعلب، وكان التلفزيون أرسل له سيناريو المسلسل وتردد في قبوله من رفضه، لكن وزير الإعلام أكد له بوضوح أن الثعلب مسلسل مخابرات وبتوجيه من الجهاز، وأنه سوف يؤدي شخصية الضابط المصري رفعت جبريل، وهذا المسلسل سيكون من إنتاج التلفزيون المصري، وهذا كله يؤكد أن الدولة ليست ضده، وأمام هذا الموقف من الدولة، وافق نور الشريف على العمل وسرعان ما نُسيت الأزمة بعد ذلك.

ورفعت جبريل الذي مثله نور الشريف باسم "شوكت فهمي"، كان رئيساً لهيئة الأمن القومي الأسبق واستطاع اختراق الموساد، ونجح في تسجيل جلسات التعاون بين مخابرات أوروبية وشرقية مع إسرائيل في بداية السبعينيات، ونجح في القبض على الجاسوس الإسرائيلي ضابط الموساد الشهير باروخ مزراحي، وتمكن من القبض على العميلة المصرية الأصل هبة سليم.