ربما كانت تحمل كواليس الفيلم الشهير الذي نحبه جميعًا "إشاعة حب" أسرار لا نعرفها، فقالت الفنانة الكبيرة إحسان شريف، صاحبة دور والدة سعاد حسني، في برنامجها "زي ما بقولك كده"، الذي كان يعرض على إذاعة الراديو، إن فيلم "إشاعة حب" لم يكن في البداية مسنود لهؤلاء الأبطال، بل كان على غرار فيلم "ابن حميدو" حيث كان من المفترض أن يقوم ببطولته النجم "إسماعيل يس" ولكنه كان مشغولًا في هذه الفترة ورفض الفيلم.

انتهز المخرج" فطين عبد الوهاب" هذه الفرصة، واسند الفيلم لنجوم التراجيديا غير الامتوقع منهم أن يقوموا بفيلم كوميدي فأسنده إلى عمر الشريف، وفي دور "بهيجة بنت سلطح باشا" فكر على الفور في "إحسان شريف"، حيث شاهدها في فيلم "أين عمري"، أدت دور العانس، فقرر أن يخرجها من أدوار الشر والتراجيديا التي اعتادت عليها، ومن هنا أصبحت "بهيجة بنت سلطح باشا" نموذج موجود في أغلب الأسر المصرية، ويرجع الفضل للمخرج "فطين عبد الوهاب" في تغيير مسار "إحسان شريف" وتحولها من أدوار الشر التي دائمًا يحصرها فيها المخرجين إلى الأدوار المتنوعة التي برزت فيها حتى ولو كانت مساحتها صغيرة.

شاركت "إحسان" في ثلاثة أفلام تتحدث عن فلسطين أولها عام 1957 في فيلم "أرض السلام" بطولة عمر الشريف وفاتن حمامة، ولعبت فيه "إحسان" دور"رقية"، خالة البطلة، والفيلم الثاني هو فيلم "الناصر صلاح الدين" بطولة أحمد مظهر، ولعبت فيه "إحسان" دور"راعية الكنيسة"، فبعد أن حرر"صلاح الدين الأيوبي" مدينة القدس طلبت منه "راعية الكنيسة" أن يحرر ابنتها من يد الجنود.

أما الفيلم الثالث هو "الرصاصة لا تزال في جيببي"، بطولة محمود يس ونجوى إبراهيم، والذي تحدث عن محمد الضابط الذي عاد من حرب 1967، ولعبت "إحسان" دور والدته.

ولدت "إحسان شريف" في 15 مايو 1921، لأسرة عادية، والتحقت بإحدى مدارس القاهرة، لم تعرض نفسها على الفرق، فكانت تنتقل مع فرق الهواه، حتى انتقلت في الثلاثينيات مع الفرق الشهيرة مثل نجيب الريحانى وعلى الكسار بأدوار صغيرة، اكتشفها ذكي طليمات وتزوجها، ولكنها عملت معه في أدوار التراجيديا المسرحية، وما أن انفصلوا حتى انتقلت إلى السينما عام 1947 بفيلم "هدية" مع محمود ذو الفقار.


انقطعت "إحسان" بعد فيلمها الأول لمدة 7 سنوات، وعادت بعد فترة توقف عن التمثيل من خلال فيلم "بين قلبين" مع شادية وكمال الشناوى، ثم فيلم "أين عمرى" الذي جسدت خلاله شخصية أخت " عزيز" العانس مع ماجدة وزكى رستم، وخشيت العديد من الممثلات لعب هذا الدور خوفًا من آداء العانس فتلتصق بهم هذه الصفة، ولكن لم تخش "إحسان" تقديم هذا الدور، بل ونجحت فيه، ومن بعده شاركت بفيلم "أرض السلام" وكان دور أكثر قوة.


بدأت إحسان في التنوع، قدمت أدوارا مهمة، وشاركت في أفلام تعد من أفضل علامات السينما المصرية، فنذكرها في دور راهبة الكنيسة في "الناصر صلاح الدين"، ودور داية القرية في "البوسطجى"، ودور الأم في "أنف وثلاث عيون" و"الرصاصة لا تزال في جيبى"، فضلا عن دورها في "النمر الأسود" مع أحمد زكى، و"خرج ولم يعد" مع يحيى الفخرانى، ثم قدمت آخر أدوارها في فيلم "شهد الملكة"، لتتوفى بعدها بأيام قليلة في 8 سبتمبر 1985، بعد أن بلغ عدد الأعمال التي قدمتها نحو 64 عملا فنيا بين الدراما والمسرح والسينما.