بـ " الوثائق " المقال الذي تسبب في حظر مجلة " العروة الوثقى "

الأحد 27/مايو/2018 - 12:02 م

وسيم عفيفي

أحدثت مجلة " العروة الوثقى " زلزالا عنيفا في الأوساط السياسية والثقافية، وأزعجت نوم سلطات الإحتلال، وصارت مجلة العروة الوثقى هي النبراس الأول والأوحد لإيقاظ همم كل الناقمين على سلطات بريطانيا العظمى.

تأسست مجلة العروة الوثقى في يوم الخميس 13 مارس عام 1884م ، الموافق 15 من شهر جمادى الأولى سنة 1301 هـ بباريس ، وأشرف عليها كل من السيد جمال الأفغاني والإمام محمد عبده ، واستمرت العروة الوثقى في الصدور، وقدمت 18 عدداً كان آخرها في يوم الخميس 16 أكتوبر عام 1884 م الموافق 26 من شهر ذي الحجة عام 1301 هـ.

محمد عبده و جمال الأفغاني

وبعد ذلك التاريخ تم إيقاف المجلة وحظر بيعها في مصر وباريس وكافة الأقطار المشرقية وذلك بسبب سخونة ما تناوله العدد الأخير من مهاجمة سلطات الإحتلال البريطاني بشكل عام ومصر بشكل خاص.

غلاف العدد الأول من العروة الوثقى

في تعريف المجلة من حيث أهدافها أوضح الشيخ محمد عبده في خطاب أرسله إلى صديقه الشاعر الإنجليزي ولفرد بلنت عدداً من الأهداف التي تقوم المجلة من أجلها وفق ما ذكره رشيد رضا في سياق كلامه عن المجلة حيث قال صون استقلال الشعوب الشرقية من عدوان الدول الغربية، وإقلاق بال الحكومة الإنجليزية؛ حتى ترجع عن أعمالها المثيرة لخواطر المسلمين.
كذلك كان من الأهداف التي عبرت عنها المجلة والتي يمكن استخلاصها من المادة التحريرية الواردة فيها: الدعوة إلى الاتحاد والتضامن، والأخذ بأسباب النهضة، وتحرير مصر والسودان من الاستعمار البريطاني.

من أهداف مجلة العروة الوثقى المنشورة في العدد الأول

من تعليقات مجلة العروة الوثقى على الأخبار في مصر

في سياق بحثه عن مجلة العروة الوثقى، ذكر رئيس الجامعة البريطانية، أن المحتويات الصحفية بـ "العروة الوثقى" طوال أعدادها الثمانية عشر بمثابة كنوز لكل الأجيال، وضرب نماذج كثيرة من محتويات المجلة، حيث ناقشت المقالة الثانية: الجنسية والديانة والاسلامية نشرت في العدد الثاني، بينما تناول العدد الثالث ماضي الأمة وحاضرها وعلاج الأمراض التي فيها، وبشأن الأخبار فإن المجلة خصصت باباً كاملاً أسمته "النتف والأخبار"، وذلك من خلال نشر الخبر لكن بطريقة ثقافية.

نماذج من انتقاد المجلة للإنجليز

رأى الاحتلال البريطاني في مجلة العروة الوثقى أنها تؤدي إلى مخاطر من شأنها زوال الحماية البريطانية على مصر، وتفصح مذكرات اللورد كرومر عن ذلك، حيث أن الإمبراطورية البريطانية اتخذت موقفا عدائيا منها قبل صدورها في باريس لعلمهم ويقينهم أنها تمثل عليهم خطرا داهما في الهند ومصر وكل البلاد التي يحتلونها.

كانت بريطانيا تقوم بضغوط شديدة على كافة الدول فبدأ الضغط من خلال هجوم الصحافة الانجليزية لجريدة العروة الوثقى قبل صدورها، ثم تم الضغط على الدول المحتلة لمنع دخولها ومعاقبة كل من يقرأها وتغريمه غرامة كبيرة، وتطور الضغط أكثر فوصل إلى باريس فقررت الحكومة الفرنسية غلق مقر العروة الوثقى.

رغم مصادرة المجلة لكنها نفعت الشيخ محمد عبده كثيراً فيما بعد، خاصةً حين صدر مرسوم 3 يونيو سنة 1899م بتعيين الشيخ محمد عبده مفتياً للديار المصرية، حيث صار الشيخ محمد عبده أول مفتي مستقل لمصر معين من قبل الخديوي عباس حلمي وبلغت عدد فتاوى الشيخ محمد عبده 944 فتوى استغرقت المجلد الثاني من سجلات مضبطة دار الإفتاء بأكمله وصفحاته 198، كما استغرقت 159 صفحة من صفحات المجلد الثالث.