المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

كيف تخلى عبدالحميد الثاني عن " أحمد عرابي" فوقعت مصر تحت الاحتلال

الإثنين 11/يونيو/2018 - 06:01 ص
وسيم عفيفي
طباعة
اندلعت في 9 سبتمبر 1881 شرارة الثورة العرابية، وخرج عرابي للخديوي توفيق ومعه أيضا المدنيين من جميع فئات الشعب، بسبب سوء الأحوال الاقتصادية والتدخل الأجنبي في شئون مصر ومعاملة رياض باشا القاسية للمصريين ونمو الوعي القومي.

وشارك الشعب المصري بكامل طوائفه مع الجيش بقيادة عرابي، الذي أعلن مطالب الشعب للخديوي توفيق وكانت المطالب هي زيادة عدد الجيش إلى 18000 جندي، وتشكيل مجلس شورى النواب على النسق الأوروبي وعزل وزارة رياض باشا.

مظاهرة عابدين بقيادة
مظاهرة عابدين بقيادة أحمد عرابي
وبعد ضغط كبير وحوار شهير مع "عرابي" استجاب الأخير لمطالب الأمة، وعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وتولى شريف باشا تشكيل الوزارة ووافق الخديوي وهو مرغم على عزل عثمان رفقي وزير الحربية، وتعيين محمود سامي البارودي بدلا منه.

ونجح البارودي في الانتهاء من الدستور وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده، ثم عصف بهذا الجهد تدخل إنجلترا وفرنسا في شئون البلاد بإرسال المذكرة المشتركة الأولى في 7 يناير 1882 والتي أعلنتا فيها مساندتهم للخديوي وتأزمت الأمور وتقدم شريف باشا باستقالته في 2 فبراير 1882 بسبب قبول الخديوي تلك المذكرة.
معركة التل الكبير
معركة التل الكبير
في خضم تلك الأحداث كانت القوات المصرية متمركزة في مواقعها وتعاني من صدور فرمان عصيان عرابي يوم 9 سبتمبر من نفس العام وبخيانة ديليسبس ثم خيانة بعض بدو الصحراء الذين اطلعوا الإنجليز على مواقع الجيش المصري وخيانة بعض الضباط الذين ساعدوا الإنجليز على معرفة الثغرات في الجيش المصري وخيانة خنفس باشا قائد حامية القاهرة، وفي هذه المعاناة كان قدوم الإنجليز وقاموا بالمعركة التي استغرقت أقل من 30 دقيقة، والقي القبض على أحمد عرابي قبل أن يكمل ارتداء حذائه العسكري.

كان عدد قوات الجيش البريطاني 18,500 جندي بينما بلغت قوات العرابيين 15,000 جندي
وحاربت بريطانيا بـ 70 مدفع بينما حارب المصريين بـ 60، وكانت الخسائر عند المصريين فادحة حيث بلغت 1,396 قتيل و 681 جريح، بينما بريطانيا كانت قُتل منها 57 قتيل و 380 جريح و22 مفقود
وبعد حدوث هذه الموقعة تمكن الإنجليز فعلياً من احتلال مصر لمدة 72 عام.
عبدالحميد الثاني
عبدالحميد الثاني
وضع مصر مع الدولة العثمانية كانت منتهياً منذ عهد الباشا محمد علي ، وازداد هذا الأمر بخلفاء الخليفة العثماني عبدالمجيد الأول ، وورثة عرش محمد علي نفسه ولعب الإنجليز دوراً في ذلك من عند الطرفين .
ومع وصول عبدالحميد الثاني لسدة الخلافة العثمانية، نشأت في مصر حركات وطنية فكرية تقاوم الانجليز الذين بدأوا يتوغلوا في الشأن المصري نتيجة للديون ، ولم يكن الجيش المصري طرفاً في هذا الصراع .

ولما وصل الخديوي توفيق للحكم بدأ الجيش في التدخل رسمياً بدخول الثورة عن طريق أحمد عرابي ، وكان السلطان عبدالحميد داعماً لها عبر إرسال وفقد لاستطلاع الأحوال واللقاء مع ممثلي الثورة العرابية " البارودي وزير الحربية في حكومة الثورة والزعامات الشعبية كشيخ الأزهر ونقيب الأشراف وشيخ المالكية وغيرهم.

فبدورهما أرسلت بريطانيا وفرنسا سفينتان حربيتان في مظاهرة عسكرية أمام الإسكندرية وأعلنتا أنهما لن تنصرفا إلا بانصراف الوفد العثماني الذي يمثل تدخلا في الشؤون المصرية.

أحمد عرابي في مظاهرة
أحمد عرابي في مظاهرة عابدين
ولما زاد نفوذ عرابي وفق ما ذكره محمود الخفيف في العلاقة بين عبدالحميد وعرابي ، زاد عبد الحميد في دعم عرابي عن طريق منحه رتبة أمير لواء والباشوية، والوسام الحميدي من الطبقة الأولى، ومانع ما استطاع في عقد مؤتمر الدول الأجنبية للبحث في شأن المسألة المصرية، وسعى في إقناع من استطاع من الدول بأن الأمر لا يستدعي عقد مؤتمر، ثم لما تبين أن إنجلترا عازمة جعل عقد المؤتمر في الآستانة ليكون على علم به ولئلا تنفرد بريطانيا بالقرار، كذلك ماطل عبد الحميد مع القوى الأوروبية التي كانت تضغط عليه لإعلان عصيان عرابي وإرسال قوة عثمانية لدعم سلطة الخديوي، وكانت بينه وبين عرابي خطوط اتصال سرية ورسائل وموفدين تدعمه وتؤيده، وبلغ الأمر من وجوه الدعم حدَّ أن السلطان عبد الحميد حرضهم على خلع توفيق وإنهاء حكم الأسرة العلوية .

جاء في إحدى رسائله "لا أهمية فيمن يكون خديو مصر، ويجب أن تكون أفكار والي مصر ومقاصده وسيرته خالصة من الشوائب، بحيث إن جميع حركاته تكون متجهة لصيانة مستقبل مصر ولتوطيد عرى العلاقات الوثيقة مع عرش الخلافة"، ففعل عبد الحميد كل ما وسعه دبلوماسيا لمنع تدخل الأجانب في مصر، وإنقاذها مما كانت فيه من النفوذ الأجنبي.
 
وعلى الجهة الأخرى تمسك عرابي بمساندة عبد الحميد الثاني، وأعلن أنه يطلب الإصلاح "باسم الذات الشاهانية"، وأنه يصدر عن أوامر السلطان وتوجيهه، وأنه مقيم على طاعته ومنتمٍ إليه، ولما انحاز الخديوي توفيق صراحة إلى الإنجليز خلعه قادة الثورة فأعلنوا عزله بانحيازه للإنجليز، وصار عرابي الممثل للسلطان العثماني في مصر.
 
ولا يصدق عرابي أن السلطان عبد الحميد هو الذي أصدر بيان العصيان، فهو يقول في تقرير كتبه قُبيْل المحاكمة "لم يستنكر السلطان أبدًا ما فعلنا، لا في أثناء تلك المفاوضات ولا فيما بعدها حتى وقتنا هذا، بل إن السلطان أيّد أفعالنا بالقول وبالعمل"، وهو يتهم الصدر الأعظم (رئيس الوزراء في الدولة العثمانية) بأنه كاتب منشور العصيان هذا  وليس السلطان عبد الحميد  بضغط من الإنجليز الذين أرادوا تهدئة المسلمين في الهند ومنعهم من استغلال الأحداث في ثورة.
 
وكان أحمد عرابي أشد تفهما لموقف السلطان عبد الحميد الثاني ، فهو يقول في مذكراته بأن السلطان كان مضطرا "إلى إصدارها مراعاة لظروف الأحوال، والخوف من ظهور المسألة الشرقية في مظهر يصعب استدراكه ويعز تلافيه"

ظهر منشور العصيان يوم 6 سبتمبر 1882م أي قبل الهزيمة الفعلية في التل الكبير بستة أيام فقط، وقبل احتلال القاهرة بأسبوع واحد، وبعد ضرب الإسكندرية بشهرين.
 
والتحليل لذلك كما حلل اللورد كرومر في مذكراته مصر الجديدة ، أن السلطان عبدالحميد أراد  أن لا يكون في معسكر المهزومين بل في معسكر المنتصرين ليكون له مكان في مستقبل مصر والمسألة المصرية، إلا أن تقديره كان خاطئا وإن كان له وجه من النظر، خصوصا وأن الإنجليز دخلوا مصر وهم يعلنون أنهم إنما قدموا لحماية الأجانب وإعادة سلطان الخديوي مع الإقرار الكامل بشرعية السلطان العثماني.

أخبار تهمك

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads