المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

"مدارس الأندلس" نواة معرفة أوروبا بفكرة جامعات التعليم العالي

الأحد 05/أغسطس/2018 - 04:02 م
وسيم عفيفي
طباعة
ثمة مفارقة غريبة يمكن أن يصادفها أي باحث وهي أوجه التشابه بين الجامعات الإسلامية و الجامعات الأوروبية، ذلك التشابه الذي لم يكن وليد الصدفة، إذ أن جذوره تعود للعصور الوسطى.

ربما كانت الإسكندرية هي الحاضنة لأقدم جامعة في التاريخ الإنساني، لكن هناك أدلة كبيرة على أن مؤسسة الجامعة هي من المبتكرات الخاصة بالحضارة الإسلامية، حيث نشأة المدارس في بغداد و القاهرة والأندلس، والتي حوت 4 كليات مستقلة.

كانت مدارس الأندلس هي الوسيلة الأولى التي عرفت أوروبا بفكرة الجامعات، وكانت مكتظة بكثير من أساتذتها الذين كانت لهم شهرة عالمية، ولم تكن خاصة بالمسلمين بل كانت تضم الطلاب من جميع الأجناس والاديان، ومنهم البابا سلفستر الثاني الذي أقام في أشبيليه 3 سنوات.
أطلال جامع مدينة
أطلال جامع مدينة الزهراء
لم تعرف دولة أوروبية نظام حزائين الكتب، مثل مكتبات الأندلس، وكان التفوق العلمي هناك حافزاً لعددٍ من البعثات الأوروبية لعل أبرز هذه البعثات هي تلك التي ضمت الأميرة إليزابيث بنت حال الملك لويس السادس ملك فرنسا.

ووصل الأمر في نهوض الأندلس أن تعامل الملوك الأوروبيين مع تلك الحركة العلمية، فملك منطقة بافاريا أرسل إلى هشام الثاني كتاباً يطلب فيه إرسال بعثة من بلاده للأندلس من أجل الإطلاع على التقدم الموجود هناك والاستفادة منه.

ملوك آخرين من أوروبا ساروا على هذا النهج مثل ملك ويلز الذي أرسل بعثة برئاسة بنت أخيه تضم 18 فتاة من بنات الأشراف، وكما ينص مؤرخي العصر الأندلسي فإن تلك البعثة أخذت اهتماماً كبيراً من رجال الدولة الذين قرروا أن ينفقوا عليها من أموال المسلمين.

التقاليد العلمية التي شهدتها مدارس الأندلس، كانت هي الملهمة لجامعات أوروبا، ويمكن معرفة ذلك من كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة، حيث أخذت أوروبا فكرة الملابس الخاصة بالأساتذة من الأندلس، وقلدتها في تخصيص أروقة للطلاب حسب جنسياتهم تسهيلاً لاستيعابهم في الجامعة.
مخطوطة أندلُسيَّة
مخطوطة أندلُسيَّة بالعربيَّة والإفرنجيَّة
حتى في المصطلحات، فكلمة بكالوريوس اللاتينية ليست إلا تحريفا للعبارة العربية "بحق الرواية"، والتي تعني الحق في التعليم بإذن من الأستاذ، ولا تزال جامعة كمبرج تحتفظ باجازة جامعية عربية مبكرة تعود الى عام 542هـ/ 1147م، فيها عبارة: بحق الرواية، بينما لم تظهر كلمة بكالوريوس في الاجازات الاوربية قبل عام 618هـ/ 1221م.

كانت الأندلس قبل الفتح الإسلامي الأقل عمارة عن سائر الممالك الأوروپية، وإن كانت تحفل بكثير من آثار العمارة التي تعود لحضارات مختلفة، وكانت لها وظائف عدة كالدينية في حالة المعابد، والدفاعية كالقلاع والحصون، والمدنية كالقصور والمسارح والقناطر. 

وبعد الفتح، صبغ المسلمون مدنهم بطابع إسلامي مميز، وذلك بإقامة المساجد التي تُعد نواة لعمارة المدن وتمددها سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، حيث كان يشهد عقد الاجتماعات السياسية وتوزيع ألوية الجيش وتدريس العلوم الدينية والعلوم العامة. 
وكان يتفرع منه الطرق الكبيرة المؤدية إلى أبواب المدينة ومنها الشوارع والأزقة الموصلة للأحياء، وتُقام حول ساحته الأسواق والحمامات والفنادق والقيساريات. 

ونظم المسلمون المدن التي أقاموا بها وفق الأسلوب المشرقي بشوارع ضيقة ذات محاور متكسرة درءًا للشمس وحماية للسكان، واتخذوا شكلًا مميزًا في بناء قصورهم، فقد جعلوا في المسكن صحنًا يتوسطه بركة ماء، وعلى جانبها الأزهار والأشجار، وتقوم بعض طنوف الطبقة الثانية من البناء على عمد من الرخام وغيره، والدور طبقتان فقط طبقة سفلية للصيف والطبقة العلوية للشتاء ويدخل إلى الدار من دهليز. 
كان بناء الأندلسيين بالآجر والحجر، وكان الحجر ينقسم إلى الحموي والأحمر والأبيض، وكانوا ينحتون السواري والعمد من مقالعهم على الأغلب.
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads