المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

السيد بدير.. "أبو البطل" وحارس الفن صدمه القدر بمآسي أطفأت شمعته

الجمعة 31/أغسطس/2018 - 03:21 ص
إسلام مصطفى
طباعة
الأقدار لم تكن في المُطلق تُرضينا، هذه هي الطبيعة البشرية، ولكن المُتأمل في حياة بعض الشخصيات التي أسعدت الجميع بفنها، تجد السيد بدير، صاحب الشخصية الأشهر في السينما المصرية، "ابن كبير الرحيمية قبلي"، عبد الموجود عبد الرحيم، الذي مر على رحيله 32 عامًا، والذي رسم الابتسامة على وجوه الكثير من الناس، سطر له القدر مآسي في حياته وبعد مماته، فهو "أبو البطل" الذي ذاق نار فراق ابنه في حرب 73، حتى بعد الممات تناثرت أنباء عن اغتيال ابنه عالم الأقمار الصناعية الكبير.

مُتعدد المواهب عاشق الفن
السيد بدير
السيد بدير
لم يعرف الكثير من الناس تفاصيل حياة السيد بدير، التي تُعد من أكثر الحيوات التي يفخر أي شخص على الأرض عند الإطلاع عليها، لم يكن السيد بدير مُحبًا للدراسة البيطرية التي هجرها، عشقًا في الفن، الذي دخله من باب المسرح، ليصنع لنفسه عالمًا خاصًا به يدعو للفخر.

أرشيفًا فنيًا أقل ما يوصف به أنه عملاق تركه السيد بدير، فهو صاحب 250 سيناريو فيلم، 3 آلاف تمثيلية إذاعية و45 مسرحية، فضلًا عن إخراجه 36 فيلم روائي طويل.

كان السيد بدير مُتمردًا على كل شيء حوله، ودائمًا كان يسعى للأفضل، للدرجة التي رأى فيها أن الإذاعة المصرية على أيامه، تأخرت تأخر شديد عما كانت عليه أثناء انطلاقها على يد "ماركوني"، وهذا ما صرح به في لقاء إذاعي مع الإذاعية آمال العُمدة، في برنامجها "ساعة زمان"، قائلًا: أن تعدد الخدمات في الإذاعة المصرية، أدى إلى "لُهاف" القائمين على إعداد البرامج في الإذاعة، للدرجة التي أصبح يُعد بها كل البرامج بنفس الأسلوب.
تمرد المُبدع على الفن الهابط 
السيد بدير
السيد بدير
وكان للسيد بدير رأيًا في الفنانين صرح به خلال لقاءه، أن المُمثلين أصبحوا لا يقدرون الفن، واصفًا اشتراكهم في أكثر من عمل في نفس الوقت، بسوق الخُضر بروض الفرج، تلك المنطقة التي عاش فيها حياته، لاسيما وأن المُمثلين يتعاملون مع الأعمال الفنية بأنها عبارة "خبطات" على حد وصفهم أو "مرمة"، مُضيفًا أن المُمثلين اخترعوا مُصطلحات غريبة، يتعاملون بها مع الفن، الأمر الذي كان يثير استياءه.

بحسب ما جاء على لسان السيد بدير، كان يُقدم كل يوم تمثيلية في إذاعة البرنامج العام، إبان حرب 48، مُضيفًا أن القوات المُسلحة كانت تُبلغهم بالأحداث البطولية التي وقعت على الجبهة، وكنا على هذا الأساس نُقدم تمثيلية يوميًا، مُشيرًا إلى أنه رغم ذلك كنا نعد إعدادًا جيدًا لهذه الأعمال، لتخرج بالصورة المُشرفة، فالعمل الفني دون إعداد مُسبق يستحيل أن يتم على الإطلاق.

 
تمرد "حارس الحرفة الفنية" كما أطلق عليه الكثير من النُقاد، وهو أحد صُناع المسرح، وأحد المُؤثرين به بشكل ملحوظ، على الحالة التي وصل إليها المسرح، لاسيما عقب عرض مسرحية "مدرسة المُشاغبين"، مُعقبًا علي المسرحية بأنها إن كانت أسعدت الناس، هذا لا يُعني أنها عمل يرقى إلى أن يُعرض على المسرح، أو في الإذاعة، مُشيرًا إلى أن الألفاظ الواردة بالعمل المسرحي الهابط، ستؤثر على الأطفال وسلوكياتهم.

ومن شدة تمرد الفنان المُبدع، أوضح خلال حواره أنه لو كان مسؤولًا عن الإذاعة أو التلفزيون، لكان منع عرض المسرحية من الأساس فأيٍ منهما، ولكن تُعرض في المسرح، حيثُ أن المسرح محكوم باختيار الجمهور للعمل المسرحي الذي يُشاهده، فمن أراد أن يُعلم أطفاله، الألفاظ المُتدنية الموجودة بالمسرحية عليه اصطحابهم إلى المسرح لمُشاهدتها.
رأى السيد بدير أن حل الأزمات التي أصابت الفن في مصر، يجب أن يتم من خلال الجلوس حول مائدة للنقاش حول ما أصاب الفن، ونصح الفنانين ألا يتلهفوا وراء المادة، كما يفعلون.
مآسي القدر في حياة "أبو البطل"
ساهم السيد بدير بحسب ما أشار في حواره، في حرب 48 بالميكرفون، والأعمال الدرامية الإذاعية، والحقيقة أن القدر أبى أن تكون مُساهمة السيد بدير فقط بالميكرفون والدراما الإذاعية، في حروب العرب مع الكيان الصهيوني، ليُفاجئه القدر بأخذ أعز ما يملك منه وهو ابنه، الذي استُشهد في حرب 73، والذي غنت له زوجته وأم ابنه، أشهر أغانيها "أم البطل"، وبسيناريو سطره القدر هذه المرة لم يسطره السيد بدير أصبح هو "أبو البطل"، ليعيش بقية حياته حزينًا على فراق ابنه، وكأن شموع حياته انطفأت.

مأساة أخرى كان يُجهزها القدر للسيد بدير، إلا أنه رحل قبل أن يشهدها بثلاث سنوات، إلا أن القدر أن يشهد "حارس الحرفة الفنية"، المأساة، حينما أرسل إليه ابنه العالم في مجال الاتصالات الفضائية، سعيد، إلى العالم الآخر، بالتحديد يوم 17 يوليو 1989م، برغم من أن الطب الشرعي قال إنه انتحر، إلا أن ما حدث لا يؤكد ذلك.

فالسيناريو يتمثل في أنه اشتم أحد سكان العمارة رقم 20 بشارع طيبة بالإسكندرية، رائحة غاز تملأ العقار، بينما كان يُفكر في مصدر رائحة الغاز، سمع صوت ارتطام شديد بالأرض، واكتشف الأمر بأن الشيء الذي وقع، جثة لرجل في الأربعينيات، عُرف فيما بعد أنها تعود للعالم المصري، سعيد السيد بدير، الغريب في الأمر أن أنبوب الغاز وُجد بغرفة نومه، بالإضافة إلى وجود علامات لقطع شرايين بيده.

هكذا يكون القدر قد سطر مأساة أخرى للسيد بدير الذي أسعد الكثير من الناس، بل ما زال يُسعد الكثير منهم بأعماله الخالدة، رغم مرور 32 عامًا على رحليه، الذي وافق ذلك اليوم.
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads