إيهاب نافع.. ابنًا حقيقيًا للمُخابرات المصرية خدع الكيان الصهيوني وحوكم غيابيًا من قبِل صدام حسين

السبت 01/سبتمبر/2018 - 09:01 م

إسلام مصطفى

"ابن حقيقي من أبناء جهاز المُخابرات"، قالها رئيس المُخابرات المصرية الأسبق، عمر سُليمان، عن إيهاب نافع، الذي لا يعرف عنه الكثيرون سوى أنه مُمثل وسيم وفتى أحلام بنات جيله؛ تلك، إلا أن أسرارًا كثيرة أخفتها طيات الأيام، كشف عنها هو في مُذكراته، فساحر النساء استطاع أن يسحر الكيان الصهيوني؛ بعدما أقنعه أنه عميلًا مزدوجًا للكيان لدى مصر، إلا أن نافع لم يُنسيه العمل بالفن أنه المُقاتل المُنتمي للمؤسسة العسكرية، الذي عمل طيارًا للرئيس جمال عبد الناصر على مدار ثلاث سنوات؛ تشبع فيها بمعنى الانتماء والوطنية، ومكنته من خِداع الكيان الصهيوني، هذا وقد وقع الفنان المُقاتل في مأزق مع الدولة العراقية، أغضبت رئيسها صدام حسين، مما دفعه إلى محاكمة نافع محاكمة غيابية.

فنان بدرجة مُقاتل خدع إسرائيل

الفنان إيهاب نافع

وُلد الفنان إيهاب نافع، في مطلع سبتمبر عام 1935م، بمُحافظة القاهرة، وتخرج في كلية الكلية الجوية طيارًا مُقاتلًا عام 1955م، جذبته "نداهة السينما"، وهو في العمل العسكري، حيثُ قدم أول أفلامه 1963م، والحقيقة أن عمله بالفن من ضمن الأشياء التي دفعت الكيان الصهيوني في الثقة به.

بدأت القصة بتمكن نافع المُقاتل صاحب الشخصية المراوغة من تكوين صداقات مع بعض قيادات القوات الإسرائيلية، على رأسهم "عذرا وايزمان" الذي اعتلى كرسي الرئاسة بإسرائيل فيما بعد، مُستغلًا تلك الصداقة في خداع "وايزمان" بأنه عميل مزدوج، مما دفع الأخير بتسهيل دخول نافع إلى دولة الكيان الصهيوني، ظنًا منه أنه يعمل لصالحه، والحقيقة أن الفنان المُقاتل كان يتلاعب بـ"عِذرا".

إيهاب نافع

وبحسب ما أورد إيهاب نافع في مُذكراته، "لعبة الفن والمُخابرات"، فإنه تلاعب بالجانب الإسرائيلي وراح يُنفذ أعمالًا استخباراتية لصالح وطنه، حيثُ أورد أن مصر كلفته فمُهمة مُخابرتية لصالحها، للتأكد من حقيقة انتهاء الكيان الصهيوني من إنشاء الممر الإسرائيلي للطائرات السريعة بطول 7 كيلو مترات من عدمه، حيثُ كتب: "كنت صديق عذرا وايزمان، قائد القوات الإسرائيلية الذي أصبح رئيسًا لإسرائيل فيما بعد، وهو من مواليد حي الموسكي بالقاهرة، وكان في ذلك الوقت يُسهل لى إجراءات السفر إلى إسرائيل للقيام بالمهام السياسية المُكلّف بها من المخابرات العامة المصرية، وكان يساعدني اعتقادًا منه بأننى عميل مزدوج، فكُنّا نتبادل المعلومات العسكرية، بمعنى أننى كنت أعطيه المعلومة، وأحصل في الحال على معلومة مقابلة، وكانت المخابرات المصرية تريد من خلال إحدى هذه المهام التي كلّفتني بها أن تعرف، وتتأكد من أن الممرّ الذي تقيمه إسرائيل بطول 7 كيلو مترات للطائرات السريعة تم إنشاؤه أم لا".

ولما كانت علاقات الفنان المُقاتل مُتشعبة، فكان من المنطقي أن يكون همزة الوصل بين الرئيس الراحل أنور السادات، ورئيس الكونجرس الأمريكي آنذاك، وولتر مونديال، كما ذكر في مُذكراته، عبر توصيل خطاب من الأخير إلى السادات، تؤكد فيه السُلطات الأمريكية تعويض السادات عن أي تنازُلات سيُقدمها للجانب الإسرائيلي مقابل عقد اتفاقية "كامب ديفيد".

أزمة نافع مع صدام حسين

إيهاب نافع في أواخر أيامه

معظم الناس لم يعرفوا قصة عِمالة الفنان إيهاب نافع، فأيضًا لم يعلم الكثيرون عن أزمته مع الرئيس صدام حسين، التي أسفرت عن محاكمته غيابيًا مع مجموعة من المسؤولين والشخصيات العربية والأجنبية، عقب زيارتهم لشمال العراق الخارج عن السيطرة العراقية مُنذ ما يقرب من 9 سنوات، وجاءت زيارة نافع للعراق في مارس 2000م، إلى إقليم كوردستان العراق بالتحديد، عن طريق تركيا، واستقبلته قائم مقام قضاء زاخو بصحبة مجموعة من الفنانين الكورديين، بل اتسم الاستقبال بالحفاوة.

أثارت زيارة إيهاب نافع غضب الرئيس صدام حسين، الذي سُرعان ما أعلن عن محاكمته غيابيًا ضمن حوالي 400 شخصية زاروا إقليم كوردستان، كتبت عنها صحيفة "الشرق الأوسط" مانشيت قالت فيه: "بغداد تحاكم غيابيًا عربيًا وأجانب زاروا العراق"، ووجهت الدولة العراقية لهم تهم قلب نظام الحُكم، ودخول البلاد بطريقة غير شرعية، فضلًا عن السعي إلى ترسيخ أوضاع هدفها تقسيم الدولة العراقية، وأعلنت الدولة العراقية آنذاك أن الأحكام تتراوح ما بين الإعدام والسجن 7 سنوات على الأقل.

شاء القدر أن يرحل الفنان إيهاب نافع في نفس التاريخ الذي أُعدم فيه الرئيس العراقي صدام حسين؛ 30 ديسمبر 2006م، عن عُمر ناهز 71 عامًا، تاركًا خلفه زخماً تاريخيًا حافلًا بالأعمال الفنية المُميزة، وبطولات يتشرف بها من التصق اسمهم باسمه.