المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

"الفال في صعيد مصر" الحجلة تقتلك والسكساكة تفقرك وحكة الأيادي تجلب الرزق

الإثنين 03/سبتمبر/2018 - 10:31 ص
إسلام مصطفى
طباعة
"يا عم ده أنت فقري"، من منا لم تترد على مسامعه تلك الجملة، فالشعب المصري من أكثر الشعوب التي تؤمن بالتفاؤل أو التشاؤم، وبالرغم من أن الله سبحانه وتعالى حثنا على عدم التطير، ونهى الإنسان عن نعت الأشياء أو الأشخاص بالشؤم، لما تُحدثه من تأثير نفسي سلبي في نفوس الناس، إلا أن تلك العادة تجدها مُترسخة وبشدة بين المصريين، ومع ذلك فالعديد من البشر يؤمنون بها إيمانًا مُنقطع النظير بها، بل منهم من يوقف حياته عليها، والصعيد من أكثر المناطق التي ينتشر فيها الاعتقاد بالفال ما بين التشاؤم والتفاؤل، والحقيقة أن الأمر له جذور تاريخية.

تاريخ التشاؤم عند العرب و
السكساكة والكنس عند الصعايدة بالليل فقر
خمسة وخميسة
خمسة وخميسة
آمن العرب قديمًا بالتطير أو التشاؤم، حيث إنهم كانوا يرجمون طائر بالحجر فإن طار يمينًا دل ذلك على خير، وكان مصدر تفاؤل أما إن طار ناحية اليسار أصبح ذلك مصدر شؤم.

بينما كنا نتجول بين بيوت الصعيد، رصدنا مجموعة السيدات يجلسن أمام بيوتهن، فسألناهم عن الأشياء التي تجلب الفقر بحسب ما يعتقدون، فقالت أم محمود، سيدة في العقد الخامس من عُمرها، إن الكنس ليلًا يجلب الفقر؛ لأن التراب المنبعث أثناء الكنس، المعروف بـ"الشبورة" هو بمثابة فال شؤم، بل يعتقدون أن هناك أحداث غير محمودة ستقع.
السكساكة
السكساكة
فضلًا عن "السكساكة"؛ وهو أحد أنواع الطيور التي يُطلق عليها هذا الاسم، تشدو في وقت المغرب أو بعد الغروب، تقول: إنه على الشخص بمُجرد سماع ذلك الصوت عليه ترديد كلمة "خير" أكثر من مرة، حتى ينتهي الطائر؛ لأن ذلك معناه أن هناك شيء سيء سيحدث.

وأثناء حديثنا مع أم محمود قاطعتنا، سيدة أخرى في العقد السابع من عُمرها، قائلة: الشخص الذي يُخطي قشر الثوم، يحدث أمرًا يُنكد عليه، ربما يكون ذلك الحدث موت شخص عالي، أو فقد شيء أو مرض، أو يتشاجر مُشاجرة كبيرة خلال اليوم.

احذر مياه الغسيل و"الحجلة" و"الحبوب" يؤدون للوفاة
الحجلة
الحجلة
وتختلف قصة الربط بين مياه الغسيل ووفاة الزوج، حيثُ أن أغلب أهالي قرى الصعيد لا يعلمون ما العلاقة بينهما، كما تقول ولاء يحيى، امرأة في النصف الثاني من العقد الثالث من عُمرها، لافتةً إلى أنه حسب العادات الموروثة فإن الزوجة التي تضع قدميها في مياه غسيل الملابس يتوفى زوجها.

وقاطعت حديثنا فاطمة علي امرأة في العقد الثالث من عمرها، يقولون للفتيات "ما تتحنجليش عايزة أبوكي يموت"، في إشارة منها إلى لعبة "الحجلة" التي يلعبها الفتيات في صعيد مصر، لافتةً إلى أن لعبة "الحبوب" تنال نفس النصيب من التشاؤم بها.
وتابعت فاطمة أن عصر الملابس الجافة؛ أي لفها بطريقة توحي وكأنه يتم عصرها، يجلب الفقر، على حد وصفها، بل ويجلب الكثير من المصائب ومن يقوم بهذه الحركة عليه أن ينتظر أخبارًا غير سارة بالمرة.

ذيل القطة وعصر الملابس يجلبون المصائب
ذيل القطة
ذيل القطة
بينما روت أم ريتاج، أن أي شخص يمسك ذيل القطة، ثم يعود ويُمسك بنفس اليد التي أمسك بهذا ذيل القطة، هذا من شأنه أن يؤدي إلى كسر ذلك الشيء.

وأردفت قائلة: "فوران القهوة مش خير خالص"، حيثُ يتبعه مجموعة من المصائب والكوارث للشخص الذي لم يحترس أثناء تحضير القهوة؛ للدرجة التي تجعلها تفور.

تقول ولاء محمد، خريجة جامعية، أنها تتشاءم من تحريك المقص في الهواء، لافتةً إلى أنها وجدت والدتها تتشاءم من تلك الحركة، التي من شأنها أن تؤدي إلى جلب الصائب.

فيما رأت الحاجة فتحية، أن قلب الأكواب أو الشبشب وعقد الأيادي مع بعضها البعض، ووضعها فوق الرأس يجلب الفقر، مُضيفةً أن طنين الأذن اليُسرى من شأنه أن يؤدي إلى وقوع وجلب المشاكل والمصائب.
وأثناء سيرنا بين شوارع القرية، سمعنا صوت نعيق غراب، وفي تلك اللحظة لمحنا امرأة يبدو على وجهها العبس، وفمها يُتمتم ببعض الكلمات، وبسؤالها عن السبب، أجابت: "مش سامعة صوت الغراب؟ ده صوته يجيب الفقر، لازم الإنسان يُردد كلمة خير أول ما يسمع صوته"، مُضيفةً أن البومة أيضًا تجلب الفقر.

"وش الشاي" و"حكة الأيادي" فال خير
الشاي
الشاي
لم يقتصر الفال عند المصريين، بالتحديد أهالي الصعيد على الشؤم فقط، فهناك الكثير من الأشياء التي يستبشرون بها خيرًا، أشياءً موروثة عن الآباء بل الأجداد.

تروي لنا أم حمادة، سيدة في العقد الخامس من عُمرها، أنه ذات مرة تبرز عصفور على ملابسها أثناء سيرها في الطريق، هذه الواقعة كانت سبب من وجهة نظرها في أن تشتري ملابس جديدة في اليوم التالي، مُشيرة إلى أن فضلات العصافير سواء على الملابس التي يرتديها الأشخاص أو المنشورة لتجف فال حسن؛ لأن معناها أن الشخص "هيتكسي"؛ أي يشتري ملابس جديدة.

وتابعت أم حمادة، أخبرتي أمي أن "الوش" المتكون على الشاي بسبب تقليبه، معناه محمود؛ حيث ُ أنه يدل على أن الشخص تم تحضير الشاي له يمتلك أموالًا كثيرة، أو أنه سيُرزق بأموالٍ كثيرة، والعكس لو لم يتكون "وش" على الشاي معناه أن هذا الشخص فقري.

وقاطعت الحديث أم مُصطفى سيدة في العقد السادس من عُمرها، مؤكدة أن حكة اليد سواء اليُمنى أو اليُسرى، فال خير، لأن الشخص الذي يصاب بالحكة في يده اليُمنى، عليه أن ينتظر مقابلة شخص عزيز عليه ويصافحه، في حين أن من يُصاب الحكة في يده اليُسرى ينتظر تسلم زرقًا وفير.

ورأت أم عُمر أن الهُدهد و"العرسة" والحمام من الحيوانات التي تجلب الخير والبركة، مُشيرةً إلى أن العرسة في الغالب تعيش في الأماكن المليئة بالذهب، ولذلك حينما أحد الأشخاص "عرسة" يستبشر خيرًا، بأن رزقًا وفير قادم إليه، أما عن الحمام والهُدهد، يستبشر به الناس خيرًا لارتباطه بوقائع حدثت مع نبيا الله محمد وسُليمان.

الأوقاف: التطير حرام شرعًا
وزارة الأوقاف
وزارة الأوقاف
وفي هذا السياق يقول الشيخ مصطفى عبد الهادي، أحد علماء وزارة الأوقاف، إن النبي صلى الله عليه وسلم، حث الناس على التفاؤل، لا على التطير، مُضيفًا أن التطير حرام شرعًا؛ لما فيه من أذىٍ نفسي يُصيب المُتشائم أو الشخص الذي يتم التشاؤم منه، في حالة كان التشاؤم من شخص.

وأضاف عبد الهادي في تصريح خاص لـ"المواطن" أن من يتشائم بالشيء يقع فيه، مُشيرًا إلى أن الاعتقاد الجازم في الله تبارك وتعالى بالخير، يجلب الخير دائمًا إلى إليهم.

وتابع، الفأل الحسن لا حُرمانية فيه على الإطلاق، لافتًا إلى كون بعض الأشخاص يتفاءلون بأشخاصٍ آخرين عادة محمودة حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم.

أخبار تهمك

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads