المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

جمال عبدالناصر.. بطل شهد له التاريخ وبات فلسفة يقتدي به الأجيال

الخميس 27/سبتمبر/2018 - 02:56 م
عواطف الوصيف
طباعة
شهدت مصر العديد من الزعماء والقادة على مدار تاريخها، وبالتأكيد فإن جمال عبدالناصر كان واحداً منهم حيث أدى دوراً ريادياً أثر بشكل إيجابي في مختلف المجالات، وأهم صفة ميزته هي وطنيته وحبه لتراب مصر.


الإسكندرية تشهد ميلاد زعيم
ولد الرئيس جمال عبد الناصر، في باكوس بالإسكندرية، في الخامس عشر من يناير عام 1918، في حي باكوس بالإسكندرية، وتعود أصوله إلى قرية بني مر التي تقع في محافظة أسيوط، وكان ناصر مرتبط بأمه إرتباطا وثيقا، ولم يكتب له الله أن يودعها قبل وففاتها، وقد أعرب عن حزنه لفقدانها بكلمات تمس القلب قبل الأذن ، حيث قال عن مشاعره لفقدانها:
"لقد كان فقداني لأمي في حد ذاته أمرا محزنا للغاية، فقد كان فقدها بهذه الطريقة، وعدم توديعي إياها صدمة تركت في شعورا لا يمحوه الزمن وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضا بالغا في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين


نضال منذ الصغر
بات عبد الناصر رمزا ملفتا بالنسبة لجيله، فقد بدأ نضاله منذ سن مبكر جدا تحديدا عام 1930، أي أن عمره لم يكن يتجاوز الـ 12 عام، حينما شارك في إحدى المظاهرات، التي أندلعت في ميدان المنشية بالإسكندرية، على الرغم من أنه لم يكن يعرف سبب إندلاعها لكن الهتاف بإسم مصر استفز مشاعره وبعدها علم أن هذه المظاهرة، أشعلتها جمعية مصر الفتاة، وكانت من أجل التنديد بالإستعمار الإنجليزي على مصر، ورغم صغر سنه، إلا أن قوات الإحتلال لم تراع ذلك وألقت القبض عليه وقضى ليلة كاملة خلف قضبان سجن قوات الإستعمار الإنجليزي.

الرئيس عبد الناصر
الرئيس عبد الناصر في الصغر أبن 12 عام
حرب فلسطين والشهادة أمريكية
بعد أن أنهى عبد الناصر دراسته العسكرية، كان واحدا من أهم المشاركين في حرب فلسطين التي كانت عام 1948، والتي بذلت فيها القوات المسلحة المصرية قصارى جهدها من أجل تحقيق النصر على العدو الصهيوني، وعلى الرغم من نجاح القوات الإسرائيلية، من حصار الجنود المصرييين، في الفالوجة إلا أنهم رفضوا الاستسلام، وتحملت القوات المصرية القصف العنيف في الفالوجة، بالرغم من أنها كانت معزولة عن قيادتها. وأصبح المدافعون، بما فيهم الضابط جمال عبد الناصر أبطالا وطنيين حينها، وهذا ما أكدته شهادة واحدا من أهم الصحفيين الذي غطى الأحداث حينها وهو لإريك مارغوليس، الذي لابد من الإنتباه إلى أنه أمريكي الجنسية أي أنه لم يكن عربيا لنقول أنه يحاول إظهار قواتنا المصرية بصورة جيدة، فقد كان صحفيا يقول ما يمليه عليه ضميره.
حرب فلسطين
حرب فلسطين
الصحفي الأمريكي إريك
الصحفي الأمريكي إريك مارغوليس
الضباط الأحرار وثورة 52
كانت حرب فلسطين، بداية التغير الفعلي في مسار مصر السياسي، فوسط الثكنات العسكرية، وتحت الحصار الإسرائيلي، كون عبد الناصر، تشكيل من مجموعة من الضباط المصريين، الذين يتفقون جميعا ي شيء أساسي، وهو حب مصر والعمل على النهوض بها، حتى وإن كان الثمن التضحية بالروح لأجلها، وسمي هذا التشكيل بإسم "الضباط الأحرار"، وكرس جهوده للعمل على التخلص من شيئين رئيسين وهما الإحتلال الإنجليزي لمصر, والأهم هو الإطاحة بم يستند عليه هذا الاستعمار وهو الحكم الملكي، فعملوا على الإطاحة بالملك فاروق، ونجحوا بالفعل، وأندلعت ثورة يوليو 1952، التي دُعمت بقوى الشعب، لتكون النتيجة أنه وبقيادة أبن أسيوط الذي لم يتعد عمره الـ 34، إنهاء حكم أسرة محمد علي لمصر، وبدء فجر جديد لتكون دولة مستقلة يحكمها النظام الجمهوري بسواعد أبناءها من المصريين.
تنظيم الضباط الأحرار
تنظيم الضباط الأحرار
قانون الإصلاح الزراعي
تركز تفكير عبد الناصر في المواطن المصري، وكيف يمكن أن تتطور حياته للأفضل، لذلك حرص على فرض قانون الإصلاح الزراعي، فلم يكن من العدل بأي حال من الأحوال أن تكون أراضي مصر الزراعية في قبضة عائلة لا تنتمي أصولها لمصر، ويعيش الفلاح المصري، وهو لا يملك قوت يومه، يقضي وقته بالكامل يزرع ويجتهد ولا ينال مقابل مجهوداته، سوى القليل الذي لا يكفيه هو وأولاده، فتم توزيع الأراضي الزراعية، بين فلاحين مصر، لتكون الأرض لمن يزرعها هناك من يمتلك خمسة فدادين، وأخرون ثلاثة، حيث تم التقسيم بحسب الحالة الإجتماعية، وهنا لابد من الإنتباه إلى أن كل ما أثير من أن عبد الناصر تعمد أن يأخذ الأراضي الزراعية، ويترك ذوي العائلة المالكة فقراء لا يملكون شيئا، ما هو إلا أكاذيب روجها أصحاب الفكر الرأسمالي، علاوة على رموز العائلة المالكة، فقد عمل على ترك 100 فدان لكل عائلة لكي تستمر حياتهم كريمة كما هي، وهذا أسمى صور العدل.
فلسفة الثورة
يعد كتاب فلسفة الثورة، واحدا من أهم وأقوى المصادر التي من الممكن الإعتماد عليها لمعرفة ماهية ثورة 1952، وعلى أي مباديء قد تأسست، وكل نقطة في هذا الكتاب تعد بحرا، تحتاج إلى شرح تفصيلي ربما في حلقات منفصلة عن بعضها البعض، لكن من الممكن توضيح أن هذا الكتاب قال عنه عبد الناصر أنه خواطر قصد أن يوضحها بنفسه، كتبها وقام بصياغتها أستاذ الصحافة في الوطن العربي، محمد حسنين هيكل، وفي فى الجزء الأول من الكتاب ينفى ناصر الانطباع بأن الثورة جاءت نتاجا للإخفاق فى حرب فلسطين، أو الأسلحة الفاسدة...إلخ، ولكنها جاءت نتاجا لتراكمات متوالية، أهمه حادث 4 فبراير، ومظاهرات 1935 من أجل إعادة دستور 1923، ثم ينتهى بتفسير لماذا كان الجيش هو القوة المؤهلة للتغيير، وبتسجيل انطباعاته بعد الثورة عن انقسام و تناحر النخبة المصرية ، والحاجة إلى ثورتين سياسية واجتماعية، أما الجزء الثانى موضوعه كيف يتحقق التغيير وما هو العمل الإيجابى المطلوب أداؤه مستعرضا المظاهرات الحماسية التى شارك فيها ، ثم تفكيره ومحاولته الفاشلة للاغتيال السياسى كطريق للتغييرثم رجوعه بسرعة عنه.

فلسفة الثورة وسياسة مصر الخارجية
في الجزء الثالث من "فلسفة الثورة"، يتحدث عبد الناصر عن سياسة مصر الخارجية انطلاقا من تصوره لدور على مصر القيام به على الدوائر العربية والإفريقية والإسلامية، وفى النهاية يقول أن ظروف التاريخ مليئة بأدوار الإطولة المجيدة التى لم تجد بعد الأبطال الذين يقومون بها على مسرحه ويقول لما أشير إليه في الكتاب وصاغه هيكل: 
" لست أدرى لماذا أتخيل دائما أن فى هذه المنطقة التى نعيش فيها دورا هائما على وجهه يبحث عن البطل الذى يقوم به، ثم لست أدرى لماذا يخيل إلى ان هذا الدور الذى أرهقه التجوال فى المنطقة الواسعة الممتدة فى كل مكان حولنا قد استقر به المطاف متعبا منهوك القوى على حدود بلادنا يشير عليها أن تتحرك.....فإن أحدا غيرنا لا يستطيع القيام به".
فلسفة الثورة
فلسفة الثورة
النهوض بمصر
قرر الزعيم جمال عبد الناصر النهوض بمصر على المستويين الإقتصادي والصناعي، ففكر في بناء السد العالي، ذلك المشروع القومي، الذي أستغل الغرب، إحتياج مصر للنقود وقرض دولي لإتمامه، فوقفوا ضده، وحرضوا لمنع منح مصر هذا القرض، لأنهم تيقنوا بأن ناصر سيتمكن من النهوض بمصر، وهذا ما لا يريدونه لأنه وبضعف مصر تضعف المنطقة العربية ويتمكنون من فرض اليطرة عليها، فكانت الخطوة الحاسمة من ناصر، حيث تأميم قناة السويس.

تأميم القناة والعدوان الثلاثي
أمم عبد الناصر قناة السويس، واطاح بأخر صورة من صور الإحتلال على أرض مصر، وكان الرد هو عدوان مسلح على أرض مصر من قبل: "بريطانيا وإسرائيل وفرنسا"، لنجد الشعب المصري، يسجل شجاعة وبطولة غير عادية ويتمكن من الوقوف أمام قوى الاستعمار، وتنتصر الإرادة المصرية، وتؤمم القناة، ويتم إنشاء السد العالي.
الفكر الإشتراكي
حرص عبد الناصر على تطبيق الفكر الإشتراكي، الذي يعتمد في مبادءه على تطبيق مبدأ المساواة بين مختلف أطياف وفئات الشعب، حيث أنه لا يوجد فرق بين شخص وأخر، وأن تقيم الفرد سيكون بناءا على العمل الذي يقدمه لبلده ووطنه، وهو ما حاول الإخوان استغلاله ضده، فقد حاولوا ترويج أن مثل هذا الفكر هو دليل على الكفر والإلحاد ونسوا، ما أكده رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم من أن الناس سواء كأسنان المشط، وأن كل إنسان يكون تقي عند الله بالعمل الذي يقدمه، ولعل عبد الناصر، هو أفضل من يرد على الإخوان، فيما يتعلق بهذه النقطة، ليس فقط من الناحية الدينية، لكن على المستوى السياسي أيضا.
حرب 67
مثلما لفت الإنتباه إلى الإنجازات فلابد من الإلتفات إلى السلبيات، ولكل رئيس سلبيا كيفما له إيجابيات، وتعد حرب 67، واحدة من أهم وأبرز سلبيات الرئيس جمال عبد الناصر، فقد أخفق الجيش في مواجهاته أمام إسرائيل نظرا للتقصير في بعض الأمور العسكرية، التي أدت إلى الهزيمة وضياع جزء غال من أرض مصر وهو سيناء، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تسببت 67 أيضا في ضياع الضفة الغربية، والجولان السوري، وأجزاء من أرض من الأردن، وكانت النكسة.

حرب 67
حرب 67
خطاب التنحي
قرر عبد الناصر التنحي عن حكم مصر بعد أن علم بكارثة نكسة 67، ومعاناة القوات المسلحة من الجيش المصري، في مواجهاتهم أمام إسرائيل، ووفق لما نوه عنه الأستاذ محمد حسنين هيكل، فقد عمل على كتابة الخطاب بنفسه وصياغته، على أن يشار فيه إلى أن المسؤولية تقع على عاتق كل من الرئيس جمال عبد الناصر, والمشير عبد الحكين عامر، واللواء شمس بدران، وهو ما رفضه عب الناصر تماما، ووفق لشهادة هيكل، فقد طلب عبد الناصر بأن يتم كتابة الخطالب ويصاغ بم يوضح أن المسؤولية تقع على عاتقه وحده، حيث أعتبر نفسه المخطيء الوحيد الذي ربما أخطأ في التقدير وإختيار مستشاريه ومساعدينه خاصة ممن يتولون مناصب حساسة يتوقف عليها مصير بلد.
الشعب يطالب وناصر ينفذ
وقف الشعب في تظاهرات حاشدة، يطالب عبد الناصر بالبقاء في الحكم، وتغنت أم كلثوم بأغنيتها الشهيرة، "أبق فانت الأمل الباق"، ونفذ عبد الناصر رغبة الشعب وإنصاع له، مقررا أن يجري تغيرات شاملة في إدارة سياسة البلاد، خاصة من الناحية العسكرية.

خطوات إيجابية
أتخذ عبد الناصر خطوات إيجابي، وبدأ يدرس السلبيات خاصة على الجبهة العسكرية، لتكون حرب الاستنزاف بداية النصر الذي تحقق في السادس من أكتوبر، ولعل شهادة  المؤرخ والخبير الإسرائيلي يواف جيلبير، خير دليل على ذلك ، فقد نوه في كتابه "حرب الاستنزاف المنسية"، أن النتيجة التي وصفها بالممتازة، التي حققتها حرب أكتوبر 73، هي في حقيقتها نتاج لمجهود كبير بذل خلال حرب الاستنزاف، والتي كانت في الفترة من 1968 وحتى 1970، مشيرا إلى أنه يستلزم الإعتراف بأن القوات المصرية قد تداركت الأخطاء التي وقعت فيها خلال حرب 67، وعملت على إصلاحها وبطريقة إيجابية ملموسة.

المؤرخ والخبير الإسرائيلي
المؤرخ والخبير الإسرائيلي يواف جيلبير
رحيل ناصر و5 مليون مواطن
رحل عبد الناصر عن عالمنا في الثامن والعشرون من سبتمبر عام 1970، لتشهد جنازته 5 مليون مواطن، يبكون حسرة وحزنا عليه، وهناك من رثى رحيله، بأن "مصر قد عرفت معنى اليتم"، لكنه ترك أفكار ومباديء وإنجازات، رفعت من قيمة مصر على مستوى المنطقة العربية، وربما في عيون أعداءنا أيضا، الذين أعترفوا بأنه كان فخرا لمصر وللمنطقة بأسرها.

أخبار تهمك

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads