بعد ممارسته لها 45 سنة .. نقاش نحاس: لو متعلم حرفة غيرها كنت سبتها
الخميس 18/أكتوبر/2018 - 03:01 ص
أحمد هلال - حنفى القاضى
طباعة
فى أحد أركان ورشة صغيرة تبدو عليها العراقة، يجلس عم مسعد ممارسا مهنة النقش على النحاس، متمسكا بها رغم كونها على وشك الإنديثار، الحرفة التى عشقها لطالما مارسها طوال 45 عاما، محاولا خلالها الحفاظ على هذه الحرفة.
ربما كان أسامة أنور عكاشة هو المعبر الأول عن حاله من خلال مسلسل أرابيسك الذي ناقش الحرف التراثية من حيث معاناتها مع الماكينات والآلات والتكنولوجيا، فضلاً عن أزمتها مع الهوية ذاتها.
النقش على النحاس هو أحد أهم الفنون الشعبية، وحرفة تعتبر جزءا من الإسلامى الذى يعد من أبرز الفنون التى عرفتها البشرية، فيقول الكاتب الفرنسى جاستن ميجو : لم تأتى أمة من الأمم فى فنونها مايضاهى العبقرية التى تتجلى فى الفن الزحرفى الإسلامى.
النقش على النحاس
قال عم مسعد : أنا أتعلمت المهنة دى وأنا عندى 12 سنة مع أخواتى فى الورشة بتاعتهم، أيام ما كان المهنة دى ليها قيمتها، كان السياح بيجو من كل مكان علشان يروحوا بلدهم ومعاهم الحاجات اللى بنصنعها ويفتكروا بها عظمة الإسلام .
وأضاف أن المهنة تحمل أسرار كبيرة وقواعد تحتاج سنوات لتعلمها وإتقانها، فى ظل عدم الإقبال من الشباب على التعلم، والإتجاه لغيرها من الحرف، أو تفضيل البطالة عليها.
النقش على النحاس
وأشار إلى أن الحرفيين يواجهون صعوبات كثيرة من أهمها أن المهنة لم تعد تسد حاجتهم المالية، وقال : أنا عندى ولدين ، أنا معلمتهمش المهنة علشان ميكونوش فى نفس حالتى فى يوم من الأيام ، وأنا لو علمت حد هكون بظلمه .
وأكد أن المهنة ستختفى بعد 10 سنوات، بسبب تناقص عدد الحرفين ، وخاصة مع ظهور الصناعات الصينية، وأوضح أن الحرفين ما زالوا يمارسون المهنة لكبر سنهم وصعوبة تعلم غيرها من المهن .
وناشد عم مسعد الجهات المعنية بالأمر للحفاظ على هذه الحرفة الحضارية، والعمل على إنشاء ورش تدربية لأجيال جديدة، ومنع إستيراد الصناعات الصينية.
سر الصنعة يكمن في أن هناك عدّة أنواع من النحاس الذي يمكن النقش والحفر عليه وهي: النحاس الأصفر، والنحاس الأحمر، والنحاس الأبيض، ولكن في وقتنا الحالي يُستخدم نوعان فقط هما: الأحمر والأصفر، والأصفر منه غالي الثمن لنقائه وخلوّه من الشوائب ويتميّز بطراوته وسهولة النقش عليه.
النقش على النحاس
تتم عملية الحفر على النحاس بعدة خطوات هي كالتالي:
ـ يتم اختيار القطعة المناسبة ومساواتها أي الطرق عليها بالمطرقة والسندان لتتساوى جميع أجزائها ثم مسحها بشكل جيد لتكون ملساء.
ـ الرسم على القطعة بواسطة قلم رصاص الشكل الذي نُريد ويكون ذلك بمساعدة رسام أو نفس الشخص إذا كان يُجيد الرسم والتخطيط.
ـ البدء بعملية تبكير الخانات التي قمنا برسمها أي تنسيق الخانات لتكون متساوية مع بعضها البعض من خلال استخدام القلم والبرجل.
ـ الدق على قلم الحفر أو النقش بالشاكوش ومن هذه الأقلام قلم "الجوهارسة" والذي يُستخدم لتشكيل دوائر صغيرة واستخدام قلم "الزنبة" من أجل حفر النقاط المطلوبة في الرسمة وقلم "النرمبل" لعمل أرضية النحاس كالرمل وكذلك قلم "المقطع" لعمل الفراغات.
ـ النقر والحفر على النحاس بتمرير القلم على الشكل المرسوم بواسطة الدق عليه وذلك يحتاج للصبر والدقة.
ـ بقطعة النحاس إلى المخرطة للحصول على شكل القطعة الخارجي سواءً دائرياً أو مستطيلاً أو غير ذلك.
ـ تلميع القطعة بواسطة الفرشاة ثمّ طليها إما بالذهب أو البرونز أو الفضة ويمكن طلاؤها بأكثر من لون.
وتتم عملية الحفر أو الزخرفة على النحاس بثلاث طرق وهي: طريقة النقش بواسطة الأزميل والمطرقة، فأما طريقة النقر البارز هي تقوم على سكب معدن الفضة على النحاس وهي من الطرق الصعبة وتحتاج لمهارة وخبرة.
أما مشاكل تواجه حرفة الحفر على النحاس الزيادة الكبيرة في ثمن النحاس ممّا أدّى لترك الكثير من الحرفيين هذه الحرفة، وقلّة مرابح هذه الحرفة واستيراد منتجات نحاسية رخيصة الثمن من الخارج بالرغم من رداءته وابتكار عمليات حفر بواسطة الحفر الكيميائيّ.
