المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

تشوّهات جسدية واضطرابات نفسية.. ماذا ينتظر ضحايا الحرائق

الثلاثاء 05/مارس/2019 - 04:33 م
مصطفى فرحات
طباعة
يتعرض ضحايا الحرائق إلى الكثير من المشكلات النفسية بجانب التشوهات الجسدية ؛ حيث إنه يعاني المصابون كثيرًا لتقبل هذا الوضع .

 ضحايا الحرائق
ويلجأ ضحايا الحرائق إلى الكثير من جراحات التجميل  وخبراء النفس للتأقلم على الوضع الجديد الذي تسبب فيه حادث حريق مفاجيء .

"موتوني مش عاوزة أعيش" تلك هي الكلمات التي تلفظت بها سيدة كانت ضمن ضحايا حادث محطة مصر، وذلك بعد أن تضررت أجزاء كبيرة من جسدها، شمل رموشها وشعرها وجلدها، وبهذه الكلمات وضعتنا السيدة مباشرة أمام الحالة النفسية التي يعيشها ضحايا الحرائق، وتوحّد ألمهم في التعايش مع الواقع.

ضحايا الحرائق
ضحايا الحرائق
كانوا أشخاصًا عاديين تحمل قلوبهم أحلامًا كثيرة يُقبلون بها على الحياة، يتيهون بما تملكه وجوههم من ملامح جميلة، تلاشت بمجرد إصابتهم في  حادث محطة مصر  وأصبحت أثرًا بعد عين، بين لحظة وأخرى يتغير مسار الأشياء، تهتز علاقتهم بالعالم، بعد أن صبغهم القدر بتشوهات تبقى معهم حتى يلفظوا أنفاسهم الأخيرة.

مع الوقت يرون العالم من خلال هذا الجلد المشوه، سيصير هو المعيار الذي يفاضلون بين الخيارات ويتحكم بشكل كبير في كل خطواتهم اللاحقة، من دراسة وعمل حتى العلاقات العاطفية سيبحثون دائمًا عن الأشخاص الذين ينظرون للإنسان على ما يحمله جوهره من أشياء جميلة وليس ما يحمله وجهه من ملامح لم تعد كما هي، ما يزيد من عبء الحمل الثقيل الذي يواجهونه بشكل يومي في نظرات الأخرين لهم في الطرقات إما فضولًا أو شفقة.
ضحايا الحرائق
ضحايا الحرائق
وفقًا للإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية  فإن حوادث الحروق تُعتبر السبب الثالث للوفاة في مصر، إذ يصل عدد ضحايا الحرائق  لـ 80 ألف مصاب سنويًا، أي بما يعادل 300 مريضًا يوميًا، كما أن توابعها من الأمراض المُميتة كالعدوى البكتيرية والفيروسية والتقرّحات وغيرهم؛ يتسبب في وفاة نحو 37% من إجمالي حالات الحروق سنويًا.

التأكد من التنفس وأن الضحية ما زال على قيد الحياة، هي الخطوة الأولى التي يقوم بها الأطباء لـ ضحايا الحرائق بمجرد وصولهم إلى المستشفى، بحسب ما يقول محمد عبدالحميد استشاري جراحات التجميل لـ بوابة المواطن  نظرًا لأن الدخان الناتج عن الحريق من الممكن أن يتواجد بثقل داخل رئة المريض وبالتالي لا يتمكن من التنفس بشكل جيد، فيتم وضع أنبوب حنجرية للتنفس، يعقبُها إزالة الملابس من على الجسد، ووضع المحاليل لتعويض كمية الماء التي فقدها الجسد أثناء الحادثة، وفي النهاية تحديد حجم الحرق ونسبة الخطورة.

ضحايا الحرائق
ضحايا الحرائق
تتوقف نسبة الخطورة التي تُهدد الضحية، على حجم الجرح الذي خلفه الحريق، والتي حصرها محمد عبد الحميد في ثلاث مراحل، تبدأ بأقل من 50% وهي المرحلة التي تختفي فيها الخطورة، والتي تزيد إذا وصلت إلى أكثر من 50% "بتبقى حالته خطرة جدًا"، لتتفاقم في حالة إذا تعدت الإصابة حاجز الـ70%، حينها تكون احتمالية الموت واردة بشكل كبير، وإذا لم يكن في لحظتها يكون في الأيام اللاحقة "بحد أقصى 5 أيام وبيموت"، وخلال تلك الفترة على اختلاف أحجام الحروق ونسب الخطورة، يتم عمل تحاليل للضحية بشكل مستمر وإعطائه المضادات الحيوية لتخفيف الألم. 

بعد التأكد من سلامة الضحايا يتم التعامل مع آثار الحريق، وهي المرحلة الأصعب في رحلة العلاج نتيجة لما تحمله من قلق وترقب وآمال العودة لما كانوا عليه قبل الحادث، مما يجعلها الأشد إيلامًا على الجانب الجسدي والنفسي، وعن آلية العلاج يقول استشاري جراحات التجميل، إنهم يبدأون بعمل تشحطيات للجلد في حالة لو كان مشدودًا أو تعرّض للقصر بنتيجة الحادث، واستبدال تلك الأجزاء بالرقع الجلدية، وأي تشوهات يصعب التعامل معها يتم استخدام الليزر.

الأيام التي يستغرقها العلاج تمضي بثقل على الشخص المحترق نظرًا لأنه يتعجّل النتائج، يتمنى أن يغمض عينه ويفتحها على صورته الأولى قبل أن تعبث النار بها وتشوهها، مما يجعلها عبئًا عليه وعلى أهله أيضًا، لكنها نسبية تختلف من شخص لآخر حسب حجم الجزء المحترق من الجسد، فالحالات التي تقل فيها نسبة الخطورة يستغرق علاجها مدة تتراوح بين 4أو 6 أسابيع، فيما تصل في الحالات المتوسطة إلى سنيتن، أما الحالات بالغة الخطورة فيستحيل معالجتها ويظل الحرق على حالته دون تغيير، ولا تجدي معه عمليات التجميل مهما كثرت "عمرك ما هترجع الجلد اللي ربنا خلقه".

يصمت قليلًا ثم يقول "إحنا بنحاول نحسن من الشكل لكن عمرنا ما هنشيل التشوهات"، موضحًا أن كل المستشفيات الجامعية في مصر بها وحدات حروق يشرف عليها دكاترة متخصصين، لا يقلون خبرة عن الأطباء في الخارج، والذين يعتقد البعض أن بإمكانهم إعادة الملامح كما كانت، وهو ما يعجزون عنه لأن الطب في مصر وخارجها لم يجد حتى الآن حلًا لتلك المشكلة.

ما حدث بمحطة مصر من رش الضحايا بالمياه وجري الضحايا على الرصيف، يراه جراح التجميل منافيًا لأدبيات الإسعافات الأولية التي يجب أن يكون كل فرد على دراية بها حتى تكون لديه الخبرة في التعامل مع هذا الموقف إذا ما تعرض له، فيقول إنه في تلك الحالة لابد أن يكف المُحترق عن الجري أو التحرك، والتقلب على كلا الجانبين، ووضع بطانية أو قطعة قماش على جسده.

في تصريح لوزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي في مايو عام 2018، قالت إن أكثر الناس تعرّضًا للحروق هم الأقل وعيًا وتعليمًا ودخلًا، وهذا ما يؤكده محمد عبدالحميد، في أن معظم الأشخاص في القرى والنجوع قديمًا كانوا أكثر المعرضين للحروق نتيجة استعمالهم لـ"وابور الجاز"، وبدأت هذه الحوادث في التقلص بعد اختفاءه.

أخبار تهمك

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads