سنوات الوحدة
لا أعلم لما أكتب تلك الكلمات تحديدًا، إلا أنني أعلم لمن، إلى من تاهت أرواحهم في عبثية هذه الدنيا، وإلى من شاء حظهم العاثر أن يقعوا فريسة للنهر والنبذ والعنف والذل، وإلى أولئك الذين كبروا وهم لا حول لهم ولا قوة فقرروا أن يثوروا على من كبلوا أرواحهم بعذاب يجلدهم ليس لهم فيه شيء إلا الرمق، وإلى الأطفال الذين ينبغي أن يحيوا حياة سوية لا يحرمون فيها من شيء وإن حُرِموا فلنتأكد أنهم يعوضون بشيء آخر أو أنهم لا يدفعون الثمن حتى لا يخرجوا مسوخًا أو وحوشًا، إلى المنكسرة قلوبهم وإلى من لزموا وحدة في وسط الصخب وإلى الذين لم يفهمهم إلا قليل وإلى من تعرضوا للخذلان والهجر والكسر.. إن لنفسك عليك حقًّا وإن لوحدتك عليك حقًّا وإن لأيامك وسنواتك عليك حقًّا فحاول ألا تدفع الثمن باهظًا.
إلى سنوات الوحدة.. هل مررتِ عزيزو.. أم مررتِ بذل وأوجاع وآلام وعشم خاب؟ إلى سنوات الوحدة هل عرفناكِ حق المعرفة.. هل استطعنا مصادقتك.. هل عشناكِ لنعرف فيكِ أنفسنا جيدًا.. نحن أيضًا مارسنا معك قهرًا ما.. نعتناكِ بالمرة رغم أنك مساحة للبعد عن الزيف واكتشاف العالم على حقيقته المرة، نعتناكِ بالجاني وأنتِ كنتِ تمهدين لنا الطرق بألا نكون ضحايا لكل ممارسات البشر، إلى سنوات الوحدة نأسف لأننا لم نكتشف أنفسنا فيكِ أكثر ونعرف قدراتنا بشكل أكبر، نأسف أننا لم نعيشكِ بشكل صادق فبحثنا عن الأنقياء والوحيدين مثلنا فخلقنا لأنفسنا عالمًا جميلًا ووفيًّا بدلًا من إصرارنا على العيش في ماضينا وإصلاحه رغم خرقه وأنه بات مهلهلا.. إلى سنوات الوحدة الآن نكتشف أن الوحدة رغم الصخب لا تبعث حزنًا بقدر ما تبعث قرارًا يعزز الكبرياء ويريح النفس ويبث راحة ما في انتظار الوعد بأنك ستنتهي عندما يتحقق ويظهر أولئك الموصوفون لنا.. من سيتقبلوننا كما نحن.. من سيداوون الماضي ويصادقون وحدتنا و يكملون معنا المسير بكل لين، إلى كل منكسر هناك أمل قادم من بصيص أوله نفسك وألا تصدق أنك منبوذ أو ملعون وانظر إلى نورك الذي لن يروه أبدًا.