انتقال بطل العالم مع منتخب بلاده الأرجنتين وأفضل لاعب في تاريخ الساحرة المستديرة إلى الدوري الأمريكي كانت تشبه إلى حد ما حفل قداس، بدأت بأمطار غزيرة هطلت أثناء تقديم البرغوث الأرجنتيني لجماهير نادي ميامي، ففي المباراة الأولى لميسي أمتع بها الناظرين كالعادة ولا شيء جديد سوى السحر.

مما لا شك فيه أن تواجد ميسي بألوان القميص الوردي قبل اعتزال كرة القدم سيرًا على خطى أساطير كرة القدم من قبله يستحق الكثير من الاهتمام، ويتساءل البعض، لماذا اختار ميسي أن يلعب في أمريكا في هذا الوقت وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تعيشها الأندية الأمريكية؟ وما هو تأثير البرغوث الأرجنتيني على الدوري الأمريكي؟ وهل ليونيل ميسي يحطم الأرقام القياسية في كل مجال أم في مجال كرة القدم فقط؟

من أفضل لاعب كرة قدم إلى كبار رجال الأعمال

تواجد أفضل لاعب كرة قدم في الدوري الأمريكي غير متعلق فقط بارتفاع مبيعات الأزياء الرياضية أو الإيرادات المالية التي يحصدها نادي ميامي، فالأرجنتيني أصبح لها بصمة واضحة في الدوري، حيث أشارت الإحصائيات إلى ارتفاع أسعار التذاكر في السوق إلى أكثر من 1000% لتصل إلى نحو 715 دولار، وذلك بحسب ما نشره موقع تيكت سمارتز.
فالساعات الأولى لتواجد ميسي في الدوري الأمريكي كانت هي الأفضل في مسيرة اللاعب، حيث كشف الموقع عن ارتفاع كبير في نسبة بيع سلع الفريق لتصل لأكثر من 50% مقارنة بأقرب منافس لنادي ميامي الأمريكي، وما هي إلا أيام قليلة من بعد انضمام الأرجنتيني حتى أعلن أحد ملاك نادي انتر ميامي عن نفاذ المتاجر من قمصان النجم البرغوثي، ليفتتح بعدها متجر استثنائي لبيع قمصان ميسي في وسط مدينة ميامي لتقليل الضغط على المتاجر الأخرى المعروفة.
ارتفعت إيرادات النادي الأمريكي إلى أكثر من 620 مليون دولار مقارنة بـ 56 مليون دولار فقط في عام 2022، وذلك بحسب ما نشرت مجلة فورس الشهيرة، ولا يقتصر الأمر فقط على الإيرادات المالية الضخمة، بل وكشفت المجلة عن انضمام نحو 990 ألف مشترك لمتابعة مباريات الدوري الأمريكي MLS، كذلك الحال بالنسبة للبطاقات الرياضية التي دفعت المشجعين لشراء مقتنيات اللاعب من متجر جولدن لتصل قيمة البطاقة الواحدة إلى أكثر من 250 ألف دولار أمريكي، مع كل هذا، ألا يستحق ليونيل ميسي أن يكون أفضل رجل أعمال إلى جانب كونه أفضل لاعب كرة قدم على مر التاريخ؟

هل أصبحت كرة القدم أمريكية بامتياز؟

ربما كانت الأمطار الغزيرة التي هطلت أثناء تقديم اللاعب مقدسة لينتشر السحر في الدوري الأمريكي، هكذا وصفها البعض، ولكنها كانت دليلًا على أحد المشاكل التي يعاني منها الدوري الأمريكي، فبينما العالم يتابع وبشدة الميركاتو الصيفي الساخن وانتقالات اللاعبين للدوري السعودي، تنطلق بطولة الدوري الأمريكي في فصل الصيف، فأداء اللاعب الأرجنتيني مع ناديه الجديد إنتر ميامي دون الدخول في فترة إعداد أو تدريب ما هي إلا دليل واضح على ضعف مستوى لاعبي الدوري الأمريكي.
وبحسب ما يتردد في وكالات الإعلام الأمريكية اليوم، يتساءل العديد من محبي رياضة كرة القدم، هل فعلًا أصبحت كرة القدم أمريكية بامتياز مع تواجد الليونيل ميسي؟ وهل انضمام ميسي سيحفز أمريكيا لكي ترتقي بكرة القدم وتصعد لهرم اللعبة؟ وهل سيكون بإمكان أمريكا جذب أفضل لاعبي كرة القدم الموهوبين، لينافس الدوري الأمريكي MLS الدوريات الخمس الكبرى؟

الولايات المتحدة أكبر سوق إعلامي على مستوى العالم


هل بالفعل بدأ عهد كرة القدم الأمريكية؟

القصة لا تتعلق فيما إذا كان بالفعل قد بدأ عهد كرة القدم الأمريكية وارتباطها بعقود البث الضخمة، أو انتقال البرغوث الأرجنتيني إلى نادي إنتر ميامي، أو تنظيم الولايات المتحدة لبطولة كأس العالم، بل أنها متعلقة بتدفق كم كبير من الأموال المؤسسية الأمريكية من خلال صناديق استثمارية وأسهم خاصة وتشويه ثقافي؛ لتقديم نموذج ملكية خاصة للأندية الأمريكية في القارة العجوز، تمامًا كما يحدث مع النادي الإنجليزي تشيلسي الآن، وكما حدث في السابق مع نادي مان يونايتد.
فالمتعارف عليه في أمريكا أن المشجعين ليس لهم صوتًا، فالإحصائيات تقول أن مشجعي الفرق الرياضية في أمريكا لا يتمتعون بنسبة مشاركة تاريخيًا، إضافة إلى أن تأثيرهم ضئيل جدًا في تقرير مستقبل أنديتهم مقارنة بما يحدث في الدوريات الخمس الكبرى وقدرة المشجعين على تقرير مصير فرقهم الكروية.
ختامًا، يمكننا الجزم أن تواجد الليونيل ميسي في الدوري الأمريكي سيعزز من مكانة الدوري الأمريكي، وسيكون أداة لتسويق بطولة كأس العالم القادمة2026 ، كذلك سيكون سببًا هامًا لانقضاض أشرس المستثمرين الأمريكيين على المجال الرياضي، ويبقى السؤال هنا، كيف ستغير الولايات المتحدة أسلوب كرة القدم؟