المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

بالصور.. «المواطن» داخل قطار الصعيد.. رحلة عذاب لساعات ترصد معاناه المسافرين.. الحمامات تتحول لغرف نوم شخصية.. والأطعمة تذكرة سفر لدار الآخرة

الخميس 08/سبتمبر/2016 - 10:36 ص
إسلام أبو خطوة
طباعة
يسير بخطى بطيئة، حاملًا على كتفية حقيبته السوداء، ومن خلفة تسير زوجته وبيدها أبنائها الثلاث، تخبطات يتعرض لها الرجل الأربعيني وزوجته إثر حالة الزحام الشديد على محطة مصر.

فى إحدى زوايا المحطة يجلس «شعبان» على الأرض ليلتقط أنفاسه، حالة من التحفظ الشديد من قبل زوجة عم شعبان، ورفض شديد للحديث حفاظًا على عاداتها وتقاليدها الصعيدية، بينما قال الزوج بلهجة صعيدية لا تخلو من الدال: «أنا شغال بواب في مصر وكل عيد بنزل قنا علشان أعيد مع العيلة، وبنشوف الموت كل دقيقة في القطر لحد ما نوصل البيت».

عشرات من المسافرين في حالة ترقب لقدوم القطار الذي يستقلهم للصعيد من أجل قضاء إجازة العيد، وأصوات الباعة المتجولين يتعالى ترويجًا للشاي تارة، وللمأكولات تارة أخرى وأجسام تتلاحم من كثرة الزحام، وعلى مدخل المحطة ينادي أصحاب الميكروباصات لإلتقاط بعض الزبائن، حالة نفور يجدونها من قبل المسافرين لخشيتهم من الحوادث أو خوفًا من استغلالهم في رفع سعر أجرة المواصلة.

دقائق ودقت صافرة قدوم القطار، الأمر الذي أصاب رصيف المحطة بحالة من الهرج وتحركات جسدية غير محتسبة، وآخرين من ضعاف البنية يتساقطون على الأرض، حتى أن جاء القطار وتحول الرصيف لساحة قتال على أسبقية الدخول للعربات التي يغلب عليها السواد من كثرة الأتربه المتراكمة عليها.

أجساد تتدفق على باب القطار وصراخ السيدات تعلو من كثرة التلاحم بهن، وحاول محرر «المواطن» أن يخوض المعاناه معهم، ومن داخل القطار عالم آخر من الشقاء والعناء، مقاعد مليئة بالأتربة، وطرقات غير واضح معالمها من كثرة القمامة، وبعد ثوان قليلة اختفت هذه المعالم من كثرة المسافرين، فالبعض منهم استطاع أن يتحصل على المقاعد وآخرون اتخذوا من الأرضية مقعدًا لهم وافترشوا على القمامة غير عابرين بالروائح التي تشمئز منها الأنوف التي تخرج من أسفل المقاعد، وآخرون افترشوا حاملات الشنط.

وبدأت رحلة العذاب، بانطلاق القطار بعد علو صوت صافرة عامل المحطة، البعض ظل يردد أدعية خاصة بالسفر والبعض الآخر بدأوا يتسامرون، وآخرون مما افترشوا على الأرض يحاولون يبتكرون أفكارًا لمحاولة السيطرة على الروائح الكريهة.

أما «الحمام» والذي يصيب من يقدم عليه بالغثيان لما يحتويه من قبح وروائح كريهة، والتي تنم على عدم نظافته لشهور طوال، فقد افترش بداخله على هيئة القرفصاء شخصان وأخذوا يتناولون وجبة الغذاء غير عابرين لما يحيطهم.

بعد دقائق من انطلاق القطار أصبح القطار كامل العدد من أرضيات وطرقات ومقاعد وحمامات وحاملات، أقدام الباعة تسير وتدهس الجالسين وصراعات مستمرة على طول الطريق، وأصوات عالية بنبرات ذات حدة عالية.

«عيش.. جبنه وبيض وعيش».. جملة عادة ما اعتاد سماعها المسافرين من قبل الباعة المتجولين، يقوموا ببيع الأكل والذي وصفه البعض بتذكرة الموت للآخرة، يقول علي سالم أحد المسافرين: «الأكل هنا بخاف أكله علشان مش عارف مصدره ايه ولا بيعملوه إزاي ده غير الريحة اللي بتطلع منه مش حلوة».

وتابع: «أشكال الباعة بتسد النفس عن كل حاجة وإيديهم مش نظيفة، بيقوموا بالإمساك بالطعام وبيخلينا نقرف منهم، أنا مش بسافر كتير إلا على الأعياد وكل مرة مش بلحق أجيب تذاكر مكيفة فبركب القطار ده».

واستطرد: «القطار مهما كان قرفة أهون بكتير من المواصلات اللي مش مضمون وبنشوف قدامنا حوادث كتيرة علشان كدة إحنا بنستحمل القرف اللي موجود في القطار ده وبنعديها ونقول أيام عيد».

«اللي رماك على المر إلا الأمر منه».. بهذه العبارة يستهل عبد الجليل محفوظ، أحد المسافرين حديثه مشيرًا إلى أن هذه المعاناة يعيشها مع كل عيد يقبل عليه، كما يقول: إنه يظل طيلة الـ10 ساعات في القطار لا يستطيع الدخول للحمام أو الأكل من القطار بسبب ما يراه أمامه من مناظر قبيحة.

وأقدم القطار على محطة الجيزة، وتكرر نفس السيناريو من جديد من صراعات وأصبح القطار لا يوجد به سنتيمتر للتحرك به، وقال دسوقي متولي أحد المسافرين: «الدنيا زحمة موت والحرامية بيكتروا في الموسم ده بالذات».

وتابع: «فيه نصابين كتير في القطار ومنهم الباعة بتوع الحاجة الساقعة اللي بينادوا أن الحاجة الساقعة بـ جنيه ونص ولما بنشربها يقولوا بخمسة جنيهات ولما نتكلم بيجمعوا نفسهم علشان يبلطجوا علينا».

سويعات قليلة وغلب التعب على الجميع ودخل عدد كبير منهم في نوبة النوم القاتل الذي جعلهم ينفصلون عن العالم الخارجي، البعض منهم غلب عليه من المشقة والعناء، والبعض الآخر لجأ للنوم لتهوين ساعات السفر الطوال.

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads