طباعة

"الحمار" خرج.. و"عم سمير" سكن مكانه.. "أرحم من النوم في الشارع"

السبت 26/11/2016 01:49 ص

فاطمة أبو الوفا

عم سمير

على باب الغرفة وقف مذهولًا، يحدث نفسه ويتسائل: "الأوضة اللى الحمار خارج منها دى أنا اللى هسكن فيها؟!، الواقع الذي لم يتقبله عم سمير في البداية، لكن سرعان ما تعايش معه: "أهي عيشة وخلاص بدل ما أترمي في الشارع"، لم يتحمل الرائحة الكريهة التي تلازم الغرفة طوال الوقت، فأصيب بالتهاب رئوي، لينتقل من الخوف الذي يعرفه إلى الهول الذي لا يعرفه ويصبح على مشارف الموت "بسبب حمار" وفق قوله.

بدأت مأساة الرجل الستيني بوفاة والديه عقب ولادته مباشرة، نشأ بلا سند وتحمل مسؤولية معيشته فصارت طفولته كالأحجار المتناثرة التي لم ينظمها عقد، يؤكد أنه أصيب بالكبد والأملاح والسكر عقب خروجه من الجيش، وكانت الصدمة الكبري عندما أخبره الطبيب بأن صحته لا تسمح بالزاوج.

سنوات عديدة قضاها في التنقل من غرفة لأخرى، فتمر الأيام وحالته في تدهور مستمر حتى فقد عمله بالفرن: "مش هينفع تشتغل تانى عشان حالتك صعبة"، الجملة التي وقعت كالصاعقة عليه عقبما نطقها الطبيب وضاعفت من معاناته: "كنت ساكن في أوضة عاملة زي التربة، بعدها جيت الأوضة اللي كان فيها الحمارعشان الفلوس".

حاول "عم سمير" التغلب على مرضه، وقرر نزول عمله يومين خلال الأسبوع وباءت محاولته بالفشل: "عملت كده عشان مش عاوز شفقة من حد، بس كنت بقع من طولى وأنا شغال".

يؤكد أنه كان ينام واقفًا من كثرة الحقن التي أخذها في عضله، رغم حاجته إلى الطعام الجيد، إلا أنه لا ياكل سوى الجبن والفول، ويعيش في غرفته التي تحتوي سريره وبعضًا من صوره القديمة، يتطلع إليها بين الحين والآخر متحسرًا على عمره الذي حطمه المرض وقضى على ريعان شبابه: "نفسيتي تعبت من الأوضة ومبقدرش أنضفها ومكتومة على طول لما هموت فيها خلاص".