طباعة

"دير ياسين".. أشهر المجازر الإسرائيلية في حق العرب

الأحد 09/04/2017 10:22 ص

رحاب جمعة

دير ياسين

صرخات مدوية، ودماء في الطرقات، ودخان كثيف ناتج من ركام المنازل، جثث ملقاه على الأرض ما بين أطفال ونساءً وشيوخ، من بقي منهم حيًا كان جسدًا هاويًا يملأ وجوههم الرعب، والألم الكبير، هذا كان حال إحدى القرى الفلسطينية الشاهدة على أشهر مذابح الاحتلال الصهيوني.

"دير ياسين" إحدى القرى الفلسطينية البسيطة تقع غربي القدس، يعيش أهلها كغيرهم في أي قرية أخرى، يخرج رجالها صباحًا للعمل، ونسائها لترتيب أوضاع المنزل، وأطفالها يلهون ويلعبون، وفي مثل هذا اليوم التاسع من إبريل 1948، تبدّلت أحوال القرية وشهدت أكبر مجازر الاحتلال الصهيوني، الذي تحوّل القرية مقبرة دّفن بها جميع أهلها.

تقع "دير ياسين" على بُعد بضعة كيلو مترات من القدس، على تل يربط بينها وبين تل أبيب، وكانت القدس آنذاك تتعرض لضربات متلاحقة، وكان العرب، بزعامة المقاوم عبد القادر الحسيني، يحرزون الانتصارات في مواقعهم، وهو ما جعل الصهاينة يبحثون عن انتصار لكسر الروح المعنوية لدى العرب، ورفع الروح المعنوية لدى الصهاينة، فكانت مذبحة "دير ياسين" نتيجة هذا البحث، باعتبار أن القرية صغيرة ومن الممكن السيطرة عليها.

تفاصيل المذبحة

بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة للقرية، ووافق عليها أهالي قرية دير ياسين، داهمت عصابات "شتيرن" و"الأرجون" الصهيونية القرية الفلسطينية في الثانية فجرًا، وسبقت قواتهم سيارة مصفحة، إلا أنهم تفاجئوا بأهالي القرية يستقبلونهم بالنيران، وسقط من اليهود 4 قتلى و32 جريح، فطلبوا المساعدة من قيادة "الهاجاناه" في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكّنت الميليشيات من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على القرويين دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.

استمرت المجزرة الصهيونية حتى ساعات الظهيرة، وقبل الانسحاب من القرية جمع الإرهابيون الصهاينة كل من بقي حيًا من المواطنين العرب داخل القرية، وأطلقت عليهم النيران لإعدامهم، واتضح بعد وصول طواقم الإنقاذ أن الإرهابيين الصهاينة قتلوا 360 شهيدًا معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال.

شهادة شهود عيان

وقال شهود عيان إن إرهابيي العصابات الصهيونية شرعوا بقتل كل من وقع في مرمى أسلحتهم، وبعد ذلك أخذ الإرهابيون يلقون القنابل داخل منازل القرية لتدميرها على من فيها، فقد كانت الأوامر الصادرة لهم تقضي بتدمير كل بيوت القرية العربية، في الوقت ذاته سار خلف رجال المتفجرات إرهابيو "الأرجون" و"شتيرن" فقتلوا كل من بقي حيًا داخل المنازل المدمرة.

وروى مراسل صحفي عاصر المذبحة "إنه شيء تأنف الوحوش نفسها ارتكابه"، حيث قامت القوات الصهيونية بعمليات تشويه متعمدة "تعذيب، اعتداء، بتر أعضاء، ذبح الحوامل والمراهنة على نوع الأجنة"، وأُلقي بـ53 من الأطفال الأحياء وراء سور المدينة القديمة، واقتيد 25 من الرجال الأحياء في حافلات ليطوفوا بهم داخل القدس طواف النصر على غرار الجيوش الرومانية القديمة، ثم تم إعدامهم رميًا بالرصاص، وألقيت الجثث في بئر القرية وأُغلق بابه بإحكام لإخفاء معالم الجريمة، كما منعت المنظمات العسكرية الصهيونية مبعوث الصليب الأحمر "جاك دي رينييه" من دخول القرية لأكثر من يوم، بينما قام أفراد عصابة "الهاجاناة" الذين احتلوا القرية بجمع الجثث في مكان واحد وفجروها لتضليل مندوبي الهيئات الدولية، وللإيحاء بأن الضحايا لقوا حتفهم خلال صدامات مسلحة لكن مبعوث الصليب الأحمر عثر على الجثث التي أُلقيت في البئر فيما بعد.

احتفالات اليهود بالنصر

بعد مذبحة "دير ياسين" استوطن اليهود القرية، وبعد نحو عام من ارتكاب المجزرة، أقامت قوات الاحتلال احتفالات بالقرية المنكوبة حضرها أعضاء الحكومة الإسرائيلية وحاخامات اليهود، وفي عام 1980 أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلين "الآرجون" الذين نفّذوا تلك المذبحة.

عدد الضحايا

راح ضحية هذه المذبحة أعداد كبيرة من السكان هذه القرية من الأطفال وكبار السن والنساء والشباب، فقد كانت العصابات الصهيونية تقتل كل ما هو متحرك دون تمييز، في عام 1948، اتفق الكثير من الصحفيين الذين تمكّنوا من تغطية مذبحة دير ياسين أن عدد القتلى وصل إلى 254 من القرويين، فيما تذكر المصادر العربية والفلسطينية أن الضحايا ما بين 250 إلى 360 ضحية تم قتلها.

نتائج المذبحة

كانت مذبحة "دير ياسين" عاملًا مهمًا في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين والبلدان العربية المجاورة لما سببته المذبحة من حالة رعب عند المدنيين، وعملت بشاعة المذبحة على تأليب الرأي العام العربي وتشكيل الجيش الذي خاض حرب الـ 1948.