طباعة

عَشق سيدة القصر و"كرارة" أشهر أحفاده.. "شكوكو" كأنك لم تعرفه من قبل

الإثنين 01/05/2017 02:09 م

ماريان مريد

تحول الفنان القدير محمود شوكوكو من نجار ماهر إلى مطرب منولوج أمهر من أي صانع، أشتهر بالجلباب والطاقية ومع ذلك أحبته صاحبة القصر طليقة العملاق" يوسف وهبي"، إحدى سيدات هوانم المجتمع من الطبقة الأرستقراطية، هو أول فنان يمتلك السيارة "بلانتي" التي أطلق عليها سيارة العظماء، صاحب عمارة شكوكو، ثم تحول به الحال للعلاج علي نفقة الدولة.

"محمود شكوكو" اسمه الحقيقي محمود إبراهيم اسماعيل موسى، مولود في أول يوليو عام 1912، بإحدى حواري حى الجمالية الشعبى بالقاهرة.

"شوكوكو" ممثل ومطرب مونولوجات مصري، شارك في العديد من الأفلام الأبيض والأسود وارتبط بإسماعيل ياسين، حيث عمل معه كثنائي مونولوجست، وكون فرقة خاصة به، هو الفنان المصري الوحيد الذي صنع له دمى صغيرة على شكله بالجلباب البلدي والقبعة المميزة التي كان يرتديها، لازالت الكثير من مونولوجاته باقية لدرجة أن شركة مصر للطيران تخصص إحدى قنوات الإذاعية على متن رحلاتها لمونولوجات محمود شكوكو.

شارك الفنان الراحل في بعض الأفلام الملونة في أواخر أيامه بأدوار ثانوية، وكان أبرزها دوره في فيلم عنتر ولبلب الذي لعب بطولته مع الفنان سراج منير.

نال كثير من الضرب من والده في بداية حياته الفنية، لأنه كان يعمل طوال اليوم في ورشة النجارة وفي الليل يغني في الأفراح والملاهي، وكان في المرحلة الأولى يقلد الفنانين ويغني لمحمد عبد الوهاب ومحمد عبد المطلب، ولكن لم يلقي أعجاب الجماهير فاتجه الى فن المونولوج.

بدأت شهرته وشعبيته تزداد يوما بعد يوم وأشتهر بالجلباب البلدي والطاقية الطويلة، التي يضعها على رأسه وهو يغني ويمثل ومن شدة اعجاب أحد النحاتين به، صنع له تمثالا من طين الصلصال وعرضه للبيع، ومن هنا انتشرت تماثيل شكوكو (عروسة شكوكو).

كان يخجل من نفسه لأنه لا يقرأ ولا يكتب بعد أن اقتحم مجال الفن، ولكن دفعه ذكاؤه الى أن يعلم نفسه بنفسه، فكان يسير في الشارع وعيناه على كل ما هو مكتوب على واجهات المتاجر واللافتات، وكان يدعو المارة ليقرأوا له ما هو مكتوب وكأنه يصورها في ذاكرته، وبالتالي بدأ يحفظ شكل الكلمات، وكان يشتري مجلة "البعكوكة" ذائعة الصيت في ذلك الوقت، ويطلب من أي شخص أن يقرأها له ويحاول تقليد ما هو مكتوب حتى تعلم القراءة والكتابة، وبدأ يحفظ بعض الكلمات الانكليزية والفرنسية التي كانت تتردد في تلك الأيام.

التقى بالفنان علي الكسار الذي أعجب به واختاره ليقدم المنولوجات بين فصول المسرحية، ولاحظ تفاعل الجمهور معه واعجابهم به فرفع أجره ومن خلال فرقة على الكسار تعرف "شكوكو" على عدد كبير من المؤلفين والملحنين، ثم عمل بالإذاعة المصرية بفضل كروان الإذاعة محمد فتحي، ولحسن حظ شكوكو أن الإذاعة كانت ستنقل حفلا على الهواء من نادي الزمالك (المختلط) بمناسبة عيد شم النسيم فاختاره الاذاعى محمد فتحي ليشارك في الحفل وتسمعه الجماهير في مصر من خلال الراديو، ويسمعه الموجودون داخل حديقة النادي.

فوجئ ذات يوم بوالده يبلغه خبرا سارًا، قال له يا بني كل الأموال التي أعطيتها لي ادخرتها لك واشتريت لك بها هذه البناية وأطلقت عليها اسمك واصبحت عمارة شكوكو.

وفي العام 1946 كون محمود شكوكو فرقة استعراضية باسمه تضم عبد العزيز محمود، وتحية كاريوكا وسميحة توفيق وتقدم عروضها على مسرح حديقة الأزبكية بالقاهرة.

قرر أن يحول نشاطه من الفن الاستعراضي إلى فن العرائس، خاصة وأنه نجار ماهر وصانع ماهر فكان يقوم بتصنيع العرائس الخشبية وقدم بعض مسرحيات العرائس مثل "السندباد البلدي"و "الكونت دي مونت شكوكو" وكلاهما من تلحين محمود الشريف وسيد مكاوي ومن اخراج صلاح السقا، وكان يقوم بالتمثيل فيها السيد راضي ويوسف شعبان وحمدي أحمد وايضا المخرج صلاح السقا.

هو أول فنان مصري يركب في أواخر الأربعينات السيارة الانكليزية ماركة "بانتيللي" التي لا يركبها غير اللوردات والسفراء والأمراء ما أثار عليه حقد أفراد الأسرة المالكة وبعض أفراد العائلات الأرستقراطية وأجبروه على بيعها.

اقترنت ملكية شكوكو لهذه السيارة بقصة حب ربطت بينه وبين سيدة المجتمع عائشة هانم فهمي صاحبة القصر المعروف باسمها في الزمالك، ويقال ان هذا الحب انتهى بالزواج بعد طلاق عائشة فهمي من زوجها الفنان "يوسف وهبي" الذي استشاط غيظا وحقدا على محمود شكوكو، وحرض عليه رجال القصر وأبناء العائلات الأرستقراطية في مصر، ليحولوا بينه وبين الاستمرار زوجا لإحدى سيدات هوانم المجتمع، وكان زواج شكوكو من عائشة فهمي طعنة لبنات الأسر الأرستقراطية، وتحولت نقمة القصر وغضب يوسف وهبي على محمود شكوكو الى حملة مسعورة ضده لم يستطع هو ولا عائشة الصمود أمامها، فابتعدا وطلقها لكنه أبدا لم يتأثر حبها له وحبه لها حتى بعد زواجه من أم أولاده.

وتزوج محمود شكوكو ثلاث مرات، الأولى أم ولديه سلطان وحماده، والثانية فتاة صغيرة تزوجها بالرغم من معارضة أسرتها لكنها مرضت بمرض خطير، وطاف بها على أطباء مصر وأولياء الله وأنفق آلاف الجنيهات على علاجها لكنها ماتت، واقتنع أهلها بأنه إنسان طيب وعطوف ووافقوا على أن يزوجوه أختها الصغرى.

في يوم تكريمه من الرئيس الراحل أنور السادات في عيد العلم والفن، ذهب الى الحفل مرتديا الجلباب البلدي تكريما لتاريخه الحافل في جميع ألوان الفنون وبخاصة السينما، التي قدم لها الكثير من الافلام منها البداية الصغيرة وفيلم بحبح فى بغداد من إخراج حسين فوزى وقام بالتمثيل أمام فوزى الجزايرلى الراقصة حوريه محمد والمطربة سعاد زكى وبشاره واكيم ومحمود المليجي ومحمد إدريس والمطرب محمد الكحلاوى وعبد المجيد شكرى وعرض 12 أكتوبر 1942، وتوقف وبعد قرابة عامين كان فيلم حسن وحسن من إخراج نيازى مصطفى وكانت إول أفلامه فى السينما.

وجاء آخر أفلامه ليكون "شلة الأنس" في 1976 الذي شاركت في بطولته الفنانة هدى سلطان وعزت العلايلى ووحيد سيف ومحمود التونى ومحمد رضا وغنى شفيق جلال ونعيمه الصغير وناديه الكيلانى وعماد حمدى ونور الشريف ونور الشريف ومن اخراج يحيى العلمى.

اشتد المرض على الفنان محمود شوكوكو وقامت الدولة باستكمال علاجه على نفقتها من دون علمه خوفا من أن يشتد المرض عليه، وخلال فترة مرضه كان يجري الاتصالات مع الصحف ويناشد أصدقائه الفنانين وجمهوره العريض، بزيارته في المستشفى ليخففوا عنه آلامه وكان يقول في الجرائد والمجلات "انه ثري وعنده مئات الألوف من الجنيهات ولا يطلب مساعدة أو علاجا على نفقة الدولة" كل ما يريده فقط أن يزوره الناس في المستشفى، وبالفعل توافد عليه المئات ورحل عن عالمنا فى 21 فبراير 1985".

يذكر أن من بين أحفاده الفنان المشهور "أمير كرارة" ابن السيدة الراحلة ليلى محمد شكوكو.