طباعة

في ذكرى تتويجه.. فاروق آخر ملوك مصر الذي انطوت به صفحة محمد علي وأسرته

الجمعة 16/06/2017 11:04 م

منار سالم

فى 22 رمضان الموافق 1937 م، تم تتويج الملك فاروق ملكًا على عرش مصر رسميًا وذلك بعد وصوله لسن الرشد بالتاريخ الهجري بعد الفتوى التي طلبتها والدته الملكة نازلي من شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي.
بوفاة الملك فؤاد انطوت صفحة هامة فى تاريخ مصر الحديث، لتبدأ بعدها صفحة جديده من صفحات تاريخ اسرة محمد على باشا مؤسس الاسرة العلوية.

عاد الامير فاروق الى مصر فى 6 مايو سنة 1936، وهو التاريخ الذى اتخذ فيما بعد التاريخ الرسمى لجلوسه على العرش، ونصب ملكا على البلاد خلفا لوالده الملك فؤاد الاول، وذلك وفقا لنظام وراثة مصرى وضعه الملك فؤاد بنفسه بالتفاهم مع الانجليز.

ونظرا لكون فاروق كان قاصرًا ولم يبلغ بعد السن القانونية فقد تم تشكيل مجلس وصاية برئاسه ابن عمه الأمير محمد على بن الخديوي توفيق شقيق الملك فؤاد الأول ( الذى اصبح وليا للعهد ) وكان سبب إختياره هو من بين أمراء الأسرة العلوية بأنه كان أكبر الأمراء سنًا، وعضوية محمد شريف صبرى باشا، وعزيز عزت باشا، واستمرت مدة الوصاية مايقارب السنه وثلاث شهور إذ أنّ والدته الملكة نازلي خافت بأن يطمع الأمير محمد علي بالحكم ويأخذه لنفسه، فأخذت فتوى من المراغي شيخ الأزهر آنذاك بأن يحسب عمره بالتاريخ الهجري، وأدّى ذلك إلى أن يتوّج فاروق ملكًا رسميًا بتاريخ 29 يوليو 1937، وتم تعيين الأمير محمد علي باشا وليًا للعهد وظل بهذا المنصب حتى ولادة ابن فاروق الأول أحمد فؤاد.


فى مساء يوم الجمعة 8 مايو، عقدت جلسة البرلمان التاريخية لأختيار الاوصياء الثلاثة على العرش، وتم فتح المظروف الذى احتوى على الاوصياء الثلاثه كما اختارهم الملك فؤاد، ثم اسفر اختيار البرلمان عن تعيين حضرة صاحب السمو الملكى الامير محمد على ولى العهد رئيسا لمجلس الوصاية، ونراه بمنتصف الصورة وعلى يمين الصورة صاحب المقام الرفيع عزيز عزت باشا، وعلى يسار الصورة شريف صبرى باشا خال الملك فاروق ( اعضاء مجلس الوصاية )

وقد استقبل الشعب المصرى كله الملك الشاب استقبالا رائعا نابعا من قلوب المصريين الذين احبوا الملك الشاب، وكانت القلوب كلها تعطف عليه لحداثة سنه ولوفاة ابيه وهو بعيد عنه وفى بلاد غريبة، واستبشروا بقدومه خيرا بعد عهد ابيه الذى كان ينظر اليه على انه ملك مستبد وموال للانجليز، بالاضافة الى كون فاروق هو اول ملك مصرى يتولى الحكم منذ عهد الفراعنة.
عاد فاروق ملكا على مصر وهو لايزال شابا صغيرا، مقبلا على الدنيا بكل مباهجها سعيدا بما اتاه الله من ملك وجاه.


محاولة استكمال الدراسة:

بعد عودة فاروق الى مصر وتولى مجلس الوصاية القيام بوظائفه، طلب الامير محمد على من احمد حسنين ( بك ) اعداد برنامج دارسى للملك فاروق لكى يقوم بأستكمال دراسته التى لم يستكملها بالخارج، على ان يوافيه بعدها بتقارير دورية عن انتظام سير هذه الدراسة، وطلب احمد حسنين ( بك ) من حسين باشا حسنى تولى هذه المسئولية، الذى شرع بدوره فى وضع برنامج الدراسة المطلوب بالاشتراك مع احمد حسنين ( بك ).
وكان السير ( مايلز لامبسون ) المندوب السامى البريطانى قد رشح شاب انجليزى واسمه مستر ( فورد ) لتدريس اداب اللغه الانجليزية، وكذلك لتدريب الامير الشاب فى بعض الالعاب الرياضية، الا ان الامير الشاب لم يكن مرحبا بذلك الرجل الانجليزى لكونه كان مرشحا من المندوب البريطانى.


ويذكر الدكتور حسين حسنى باشا السكرتير الخاص للملك فاروق فى كتابه ( سنوات مع الملك فاروق )، عن الاحتفال بتنصيب الملك فاروق فيقول ( ولقد كانت حفلات تولية الملك عيدا بل مهرجانا متواصلا لم تر البلاد له مثيلا من قبل، ولم يسبق ان ذخرت العاصمه بمثل مااحتشد فيها خلالها من جموع الوافدين اليها من اقصى انحاء البلاد ومن الخارج للمشاركة فى الاحتفاء بالملك الشاب، او لمجرد رؤية موكبه للذهاب الى البرلمان ولتأدية الصلاة، او لحضور العرض العسكرى، او لأجتلاء الزينات التى اقيمت فى الشوارع والميادين وعلى المبانى العامه والخاصة، كما شهد القصر فيها مالم يشهده من قبل من ازدحام فاضت به جوانبه وجوانب السرادق الكبير الذى اقيم فى ساحته لأستقبال المهنئين يوم التشريفات التى امتدت ساعتين اطول مما كان مقدرا لها، وظل الملك خلالها واقفا على قدميه لمصافحة كل فرد من المهنئين مما جعله يطلب فترة قصيرة للراحة، وفضلا عن ذلك فأن ممثلى تلك الجموع من مختلف الفئات والهيئات دعوا الى حفلة الشاى التى اقيمت بحديقة القصر فى اخر ايام الحفلات، واخذ الملك يتنقل بين الموائد المختلفه لتحية المدعوين قبل ان يأخذ مكانه على المائده الكبرى وسطهم، وقد كان سعيدا كل السعادة بما تم على يده من فتح جديد فى تقاليد القصر وما كان يحوطه به الشعب من مظاهر وتجاوب معه ).
فاروق يمارس سلطاته الدستوريه كملكا على مصر:
تولى فاروق حكم مصر وبدأ فى ممارسة سلطته كملك على البلاد، وذلك وسط ظروف صعبة، متمثله فى احتلال جاثم على انفاس المصريين، بالاضافه الى حياة سياسية مليئه بالاحداث الساخنة.
فوجد فاروق نفسه فى بحر عميق لم تسعفه فيه قلة خبرته بالحياة السياسية ولم يستطيع ان يحافظ على عرشه وكونه ملك لأكبر دولة اسلامية، فوقع اسيرا لنزواته متأثرا بمن حوله من رجال الحاشية الذين لم يكن لهم هدف الا افساد الملك الشاب، وتحقيق اكبر استفاده ممكنه منه، تلك الحاشية التى نسب اليها افساد الملك منذ توليه العرش حتى سقوطه.


تزوج الملك فاروق بالملكة فريدة فى 20 يناير سنة 1938، وذلك بعد قصة حب جمعت بينهما وخاصة بعد رحلة اوروبا فى سنة 1937، حيث كانت تلك الرحلة سببا فى تعميق العلاقه بين الملك الشابة وبين ملكة المستقبل.
وقد كان ثمرة ذلك الزواج هو ثلاثة بنات هن الاميرات فريال وفوزية وفادية، الا ان الملكة فريدة لم تنجب ابناء ذكور، وقد كان هذا مبعث خلاف بينها وبين الملك الشاب الذى كان يحلم بولد ذكر يكون وريثا للعرش من بعده.
وفى 17 نوفمبر سنة 1948 وقع الطلاق بين الملك فاروق والملكة فريدة.

تزوج الملك فاروق بالملكة ناريمان صادق فى 6 مايو سنة 1951، وذلك بعد ان وقع عليها الاختيار لتكون ملكة المستقبل، وانجبت ا لملكة ناريمان للملك فاروق الولد الذى كان يتمناه، وذلك فى 16 يناير سنة 1952، وقد كان المولود ذكرا كما كان يتمنى الملك فاروق، ليكون وريثا لعرش مصر من بعده، الا ان هذا الوليد لم يسعد او يهنأ بكرسى العرش الذى كان والده يتمناه له، اذ قامت ثورة يوليو بعد ولادة وريث العرش بحوالى ستة اشهر فقط، وبذلك لم يتحقق الحلم الذى طالما حلم به الملك فاروق، وهو ان يكون ابنه هو وريثا لعرش مصر من بعده.
انقلاب يوليو 1952 ونهاية الحكم الملكى المصرى:

استمر حكم فاروق مدة سته عشر سنة إلى أن أرغمته ثورة 23 يوليو 1952 على التنازل عن العرش لإبنه الطفل أحمد فؤاد والذي كان عمره حينها ستة اشهر، فى تمام الساعة السادسة والعشرون دقيقة مساء يوم 26 يوليو 1952 غادر الملك فاروق مصر على ظهر اليخت الملكي المحروسة ( وهو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديوي إسماعيل عند عزله عن الحكم ) وأدى الضباط التحية العسكرية وأطلقت المدفعية إحدى وعشرون طلقة لتحية الملك فاروق عند وداعه، وكان في وداعه اللواء محمد نجيب وأعضاء حركة الضباط الأحرار والذين كانوا قد قرروا الاكتفاء بعزله ونفيه من مصر بينما أراد بعضهم محاكمته وإعدامه كما فعلت ثورات أخرى مع ملوكها.

فاروق فى المنفى:

وبعد تنازله عن العرش ورحيلة عن مصر مصطحبا معه بناته الثلاثة من الملكة فريدة، وزوجته الملكه ناريمان والامير الصغير احمد فؤاد، أقام فاروق في منفاه بروما عاصمة إيطاليا، وعاش حياته فى المنفى كملك مخلوع عن عرشه، حياة بها الكثير من الالام والصعاب، الام فراقه لمصر التى احبها واختار ان يفارقها راضيا ودون ان يسمح بأراقة دماء اى مواطن مصرى من اجل الحفاظ على العرش، بالاضافه الى الصعاب التى قابلها خلال منفاه حيث لاحياة هادئه ولا استقرار، اذ انه وبعد وصوله الى منفاه بثلاثة اشهر تقريبا دبت الخلافات بينه وبين زوجته الملكة السابقة ناريمان، وزادت بينهم المشاكل والخلافات، حتى عادت الملكة السابقة الى مصر برفقة والدتها اصيلة هانم تاركة معه الامير الصغير،احمد فؤاد، ثم مالبث ان طلبت الطلاق بعد وصولها الى مصر، حتى حصلت عليه فى عام 1954.