طباعة

يقوم بضربي ولا يعطيني ما يقدر مجهودي طوال اليوم.. "المواطن" يقضي يوم مع بائع أحذية على رصيف الفيوم.. رجل أعمال منتظر

الأحد 09/07/2017 08:31 م

مديحة عبد الوهاب

حمادة ذلك الشاب البالغ من العمر 18 عام يقطن أحد الأحياء الشعبية بمحافظة الفيوم ، لم يكمل تعليمه خرج من الصف الثالث الإبتدائي بعد وفات والده ليكون رجل الأسرة الذي يخرج للعمل وينفق عليها يقول حمادة أن اليوم في الشارع بألف يوم مأساة في حياتك وأنت بعيد عن أهلك وصغر سنك علمتنا الحياة ما يجعلنا من الشيبان في تلك الفترة القليلة .

ويضبف حمادة، أنه كان يحب التعليم جدا ولكن عند وفاة والدي لم تستطيع أمي أن تنفق علينا فقالت لي أنت راجل البيت من بعد وفات وأبوك ، فكان أول عملي عند صاحب معرض جزم ولكن كان يقوم بضربي ولا يعطيني ما يقدر مجهودي طوال اليوم .

وذات يوم وجدت والدتي تبكي على من الحسرة والألم فاقتربت منها وقولت لها ماذا بك يا أمي فقالت لي أن أختي على "وش جواز" ومن أين ننفق على زوجها عندما يتقدم لها أحد الشباب ويأتي لها صاحب النصيب .

في ذلك اليوم فكرت أن أعمل بمفردي وأبدأ بفرشة صغيرة على البحر في وسط الفيوم ولكن كانت تواجهني عدة مشاكل .

أولها أنني "لم أسلم من البلدية " التي كانت تبهدلنا كل يوم مصادرة البضاعة، الذي جعلني أهرب ببضاعتي لمسافات كبيرة حتى تتم مصادرة بضاعتي .

ثانيا : أصحاب الفرشات الكبيرة كانوا يكيدون مني ويعتبرونني منافس لهم رغم صغر حجم تجارتي فكانوا يتسببون لي في مشاكل يومية من تسليط الصبيان اللذين يعملون عندهم في المحلات علي كل يوم لإختلاق المشاكل .

ورغم ذلك قررت أن أستمر وأقوم بشراء بضاعة من المحلات الكبيرة والمعارض على الحساب لأنهم كانوا يثقون في تعاملي معهم حتى أكون قادر ممارسة البيع مرة أخرى فكانت الموافقة بسبب الثقة في مهارتي في البيع كما أنني تعاملت معهم أكثر من مرة .

وتابع : "أنا كنت كل يوم بفرش من بدري ولم أعرف الرزق المنتظر وكنت بقول يارب والحمد لله يوم وراء يوم أتعرفت في المكان وناس كتير بتيجي تشتري مني لأن أسعاري كويسة وغير مبالغ فيها وأحسن من أسعار المحلات بكتير تناسبط الطبقة الفقيرة والمتوسطة لأنهم بيدخلوا المحلات بيذهلوا من الأسعار".

وأشار حمادة إلى أنه مرتبط عاطفيا بإحدى الفتيات ويتمنى أن يقدره الله ويجمع مهرها ويتزوجها ويساعد أخته على الزواج ويكفي نفقات والدته ولا يجعل بيته يحتاج شيء .


وعندما سألته عن حلمه في المستقبل كيف يرى نفسه!؟ ، فأجاب حمادة : "بتمنى الفرشة تكبر وتكبر وتبقى أكبر فرشة أحذية في السوق وبعدها أكون قادر بفتح محل وبعدها أكبر معرض أحذية في الفيوم فأنا أحببت المهنة وأعرف كل مميزتها وعيوبها لذلك أتمنى لأن أصل إلى ما تمنيت الوصول إليه في يوم من الأيام"

كما يقول حمادة أن 99% من الرزق موجود في التجارة : "وأنا نفسي أبقى تاجر شريف زي ما الرسول عليه الصلاة والسلام قال لأن الناس كلهم شقيانين وتعبانين والحياة فعلا بقت غاليه جدا خاصة في ظل الظروف الصعبة والغلاء اللي البلد بتمر بيه ، حتى أصحاب المحلات الكبيرة بتشتكي من أرتفاع الأسعار فما بالك بالمواطن الفقير" .

ويرى حمادة أن مصر تمر بظروف صعبة ويجب أن نتكاتف ونقطع الأزمة حتى ييسر الله أحوال البلاد .

هناك الآلاف من الأطفال اللذين أصبحوا شبابا وشيوخ بسبب ما يرونه في الشارع وما تفرضه عليهم الحياة لا يعلم أياً منا هل من الممكن بعد مماته أن تأتي مثل هذه الظروف على عائلته وتمر الدائرة عليه أيضا ، ويخروجوا بحثاً عن لقمة العيش اللذي يفتقدها أولادنا عندما يغيب رب الأسرة.


ولكن على قدر ما كانت ظروف هؤلاء صعبة ولكنها جعلت منهم رجالا يعرفون قدر المسئولية التي تقع على عاتقهم فلهم منا كل التحية والحب والاحترام إلى حمادة و أمثاله من الكادحين .