طباعة

في حوار خاص لـ"المواطن".. عبد العزيز نور: إهمال البحيرات سبب تدهور الثروة السمكية في مصر

السبت 15/07/2017 08:53 م

مديحة عبد الوهاب

ربما تكون الثروة السمكية أحد الموارد الهامة التي تغذي أي اقتصاد، خاصة ما إذا كان هذا الاقتصاد بعده لم يتخذ شكل هياكل تنظيمية كبرى، ما يجدر معه الالتفات إلى الموارد التي حبا الله بها مصر، ومحاولة البحث وعلاج أبرز ما تمر به من مشاكل، ولهذا السبب التقت "المواطن" الأستاذ الدكتور عبد العزيز نور، أستاذ الثروة السمكية بجامعة الإسكندرية، ليحدثنا عن أبرز مشاكل الثروة السمكية، والحلول العلمية لهان في سطور الحوار التالي.

بداية، ما هي أبرز أسباب نفوق الأسماك؟
هناك أسباب كثيرة، قد يكون الرئيسى منها، هو التلوث وتدهور جودة المياه، وكذلك الصرف الصحي بكافة أنواعه، والتعديات والإهمال التي تحدث بحق البحيرات، ما نعاني منه جميعا خلال السنوات الأخيرة، والتي تسببت في انخفاض معدلات الإنتاج بشكل كبير، ما يعوق الثروة السمكية في مصر.

ما هي الحلول المتاحة لهذه المشكلات؟
يمكن التعامل مع مشكلة الصرف الصحي، بإنشاء مصرف دائر حول البحيرة لحماية جسم البحيرة من أخطار التلوث، وتجمع هذه المياه وتعالج بعيدا عن جسم البحيرة ثم تعاد للبحيرات، وكذلك يمكن وقف التعديات بهذا الحل، أما الإهمال، فيتطلب جهدا كبيرا في التخلص منه، باستخدام المعدات التي تقوم بصيانة البحيرة، وتهيئتها للاستزراع السمكي.

هل هذا يحيلنا لمشروع تعذيب البحيرات؟
ربما فالمشروع الذي درسه بعناية العالم الجليل المرحوم الأستاذ الدكتور أحمد الجويلي لتكوين احتياطي استراتيجي للمياه تحسبًا لأزمات المستقبل، وقد ينصب البديل على تحسين جودة المياه وإلقاء الزريعة بعد عمل المفرخات وتعميق فتحات البراغيز مع البحر والقضاء على البوص بمجرد تغيير ملوحة المياه.

هل تبنت جامعة الإسكندرية أي مشروعات لتحسين جودة البحيرات الموجودة؟
بالطبع، فلجامعة الإسكندرية مشروع تنموي رائد منفذ بالجهود الذاتية فى بحيرة المنزلة بقرية الجمالية، وقد بدأ بحلول عام ٢٠٠٥ مرتكزا على حسن استغلال المسطح المائي العميق الناجم عن حفر جسم البحيرة بعرض ٩٠ متر وعمق ٤-٧ متر وطول ٤١ كيلو لتكوين جسر ترعة السلام.

وسبق وأن حاولت محافظة الدقهلية استغلال هذا المسطح المائي في وقت سابق لتربية البلطي في أقفاص كبديل لأقفاص النيل المزالة وفشل المشروع لنفوق الأسماك والسبب هو نمو عشوائي للطحالب تتسبب في نقص الأكسيجين ونفوق الأسماك، وضاعت خمسة ملايين جنية استثمارات محافظة الدقهلية.

وفى عام ٢٠٠٥ عقدت جامعة الاسكندرية ندوة بمقر المجلس الشعبي المحلى بعنوان" الأقفاص ما لها وما عليها " وشارك في الندوة شابين من شباب الخريجين من الجمالية بمحافظة الدقهلية وهم الأستاذ محمد القماش والأستاذ إبراهيم أبو شامة واشتكوا من فشل مشروعهم فأشرت عليهم بتغيير نوع السمك والتحول من البلطى الى المبروك الفضى الذى نجح نجاحا مذهلا وحول الفشل إلى نجاح.

وبهذه المشورة العلمية عادت الحياة للمشروع مرة أخرى وزادت استثمارات الشابين من ١٠ أقفاص إلى ١٢٠قفص القفص يعطى ٣ طن سمك وتكلفة الكيلو اقل من الجنية الواحد وعاد الشباب لممارسة أعمالهم بالمشروع.

لماذا نعاني أزمات الاستزراع السمكي في مصر؟
لأسباب كثيرة، منها أن مصر تعتمد حاليا على الاستزراع السمكي فى المزارع السمكية والزراعة السمكية كما نعلم زراعة موسمية ترتكز أساسا على استزراع البلطي وموعد زراعته في إبريل كل عام ويتم الصيد في أكتوبر وما بعده، إضافة إلى أن كميات الأسماك التي احتفظ بها المربون عن طريق التشتية يتم تصديرها للسعودية بأسعار مرتفعة، وكذلك التلوث والأمراض عوامل تحد كثيرا من الإنتاج الجيد، وانخفاض كفاءة المصائد الطبيعية وذلك لعدم إثراء مسطحاتنا بزراعة الأسماك، ناهيك جشع تجار الجملة والتجزئة.

وما هو الحل برأيك؟
ربما نحن مضطرين بل ومجبرين على تطبيق نتائج البحوث العلمية التي أجريت بجامعات مصر، حتى يتسنى لنا الاطلاع على البدائل وأن جهود الجميع في تربية أسماك لا تحتاج إلى التغذية بأية أعلاف صناعية، بل وتدبر احتياجاتها الغذائية من البيئة المائية حيث المعلوم عنها أنها اسماك تدبر احتياجاتها الغذائية من ترشيح المياه Filter Feeding Fish وتجمع الهوائم على خياشمها في صورة كوى تبتلعها وذلك تزامنا مع سحب المياه لاستخلاص الأكسجين اللازم لتنفسها.

ولعل تربية أسماك المبروك الفضي والرأس الكبيرة في نهر النيل هو طوق الإنقاذ لمصر من هذه المحنة والتي ستستمر حال اعتمادنا على الدولار واستيراد الخامات العلفية.

وكذلك فنحن لدينا المفرخات اللازمة لإنتاج الزريعة لتلقى بنهر النيل من أسوان حتى رشيد ودمياط ويتم الصيد بعد عام والجميع يعلم أن هذا الطرح العلمي الخاص لجامعة الإسكندرية العريقة قد تم تجربته بنجاح ويطبق حاليا على نطاق تجارى لدى شباب الخريجين بالجمالية بمحافظة الدقهلية ولا تنتظر سوى البدء في تعميم التجربة في نهر النيل وفروعه وملحقاته بأقل تكلفة ممكنة لإنتاج الأسماك النظيفة الآمنة المستدامة وتوفيرها للفقراء بسعر لا يزيد عن خمسة جنيهات للكيلو الواحد( ثمن الزريعة والصيد والتسويق).