طباعة

ما بين التراجع أو الاستمرار في المقاطعة القطرية.. خبراء: "هناك من يلعب على الحبلين"

الجمعة 21/07/2017 12:00 م

عواطف الوصيف - دعاء جمال

مقاطعة قطر، أزمة بدأت منذ أكثر من شهر، ولا تزال الأبرز والأهم على الساحة، ولا تزال تشغل الرأي العام العالمي، ولا يزال البحث لمعرفة ما يمكن أن يحدث وما يمكن أن تتأثر به الشعوب سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.

تداولت خلال الأونة الأخيرة، أخبار عن احتمالية تراجع دول منطقة الخليج، عن قرارها، وأن تتراجع عن الشروط التي وضعتها، رغبة منها في أن تعود العلاقات بينها وبين قطر كالسابق، ربما تكون شعرت بأن استمرار المقاطعة أكثر من ذلك لن يصب في مصلحتها، سياسيًا واقتصاديًا، وعلى مستوى علاقاتها الخارجية أيضًا.

يستلزم الإنتباه أن كل من "تركيا وإيران"، أعربوا عن دعمهم ووقوفهم مع قطر، وأنهم على استعداد لتقديم أي مساعدات لها، فربما يكون ذلك من الأسباب التي جعلت دول الخليج تفكر في التراجع، حتى لا تترك الفرصة لتركيا أو طهران، أن يفرضا نفوذهما في المنطقة.

حددت المملكة السعودية موقفها، حيث أعلنت أنها لن تتراجع عن الـ13 شرطًا، الذي تم وضعهم، وأكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، اليوم الخميس، أن المشكلة تكمن في أن قطر، تعمل على نشر أفكار الكراهية والتطرف، عبر منصاتها الإعلامية وتعمل على إيواء المتهمين بالإرهاب، وهو ما يعد اعترافًا صارخًا بأن السعودية التي بادرت بقرار المقاطعة، ترى قطر دولة داعمة للإرهاب، ولن تتراجع عن موقفها.

الأهم والأبرز في هذه القضية، هي مصر، التي أصبحت واحدة من ضمن الدول التي قررت مقاطعة قطر، فلابد الآن أن نفكر ما هو القرار الذي من الممكن أن تتخذه، وهل ستستمر في مقاطعة قطر، وكذلك ما الذي يمكن أن يعود عليها في النهاية، هل ستكون خاسرة أم رابحة.

أفاد الكاتب الصحفي، وأستاذ العلاقات السياسية، الدكتور سعيد اللاوندي، أن هناك تضارب في الأراء بين مؤيد ومعارض، حول هذه القضية، فهناك من يظن أن دول الخليج سوف تتراجع عن الشروط التي وضعتها، وستعمل على تحسين علاقاتها مع قطر، حرصًا منها على مصلحتها، وهناك من يرى أن هذا الاحتمال أمر صعب تحقيقه.

يرى اللاوندي، أن مسألة التراجع، من الصعب تحقيقها، حيث أن دول الخليج لن تتنازل عن رغبتها في أن تنفذ قطر، كافة الشروط والمتطلبات التي تم وضعها، لكن الأزمة هي أن قطر هي الأخرى لن تنصاع لمثل هذه المتطلبات، فهي ببساطة تعتبر ذلك تدخل صارخ في شئونها، ورغبة في فرض ضغوط عليها.

كما أكد اللاوندي، على أن مصر تقف مع دول الخليج قلبًا وقالبًا، وأنها لن تتنازل عن موقفها حيال قطر، أو قرار المقاطعة، مشيرًا إلى أن ذلك لم يعود عليها بأي خسائر، وأنها ستكون هي الرابحة في كافة الأحوال.

من ناحية أخرى، يرى الدكتور منصور عبد الوهاب، أستاذ اللغة العبرية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، والمترجم السابق للرئيس الأسبق حسني مبارك، إن دول الخليج من الممكن أن تتغاضى عن موقفها عن الشروط التي وضعتها، وذلك للحفاظ على مصالحها مع قطر، منوهًا أن هناك من يلعب على "الحبلين" على حد وصفه، ويقصد هنا الولايات المتحدة الأمريكية.

وألق الدكتور "منصور" الضوء على نقطة هامة، وهي أن موقف واشنطن من الصعب تحديده، ففي بداية الأمر، أكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه يقف ضد قطر وضد محاولتها لترويج الإرهاب والتطرف، لكن نفاجيء بعد ذلك بوزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، وهو يعقد مؤتمرًا، ويوقع إتفاقات معه، ويؤكد على أن قطر دولة لا تحث على العنف أو التطرف، لذلك يعد الأمر غريبًا وتشوبه الكثير من علامات الاستفهام.

أضاف أستاذ اللغة العبرية، أن أكثر ما يهم الولايات المتحدة هو مصلحتها، ومن سيدفع لها أكثر ماليًا، فإذا كانت قطر هي التي ستبادر ماليًا فستقف معها وتؤيدها.

وفيما يتعلق بمصر، أشار الدكتور منصور عبد الوهاب، أنها لن تتراجع عن موقفها أو مقاطعتها لعلاقاتها مع قطر، لأن شروطها وببساطة هي عدم استمرار قطر، في دعم قطر للجماعات الإرهابية المسلحة، التي تؤثر سلبًا على البلاد شعبًا وحكومة.

على صعيد أخر، أشار "منصور" إلى أنه وفي حال تراجع دول الخليج، عن متطلباتها وشروطها، فستجد مصر نفسها وحدها على الساحة، تواجه قطر بمفردها كما كانت فى السابق، منوهًا أنه من الصعب عليها أن تخسر علاقاتها مع مختلف دول الخليج، لكنها في نفس الوقت من الصعب أن تقف بجانب قطر، لذلك ستجد نفسها بمفردها لكي تحمي أمنها وسلامة شعبها.

عقبت دكتورة "هالة الهلالي"، أستاذ العلوم السياسية جامعة 6 أكتوبر، على ما تداولته وسائل الإعلام من احتمالية تراجع دول الخليج عن قرار المقاطعة مع قطر وموقف مصر من هذا الأمر، قائلة: "أعتقد أن مصر ستستمر في المطالب الخاص بها أو المقاطعة الخاصة بها تحديدًا، فالدولة المصرية قد تضررت ضررًا كبيرًا من السياسات القطرية أكثر من دول الخليج، ولذلك أعتقد لو هناك تراجع في الموقف الخليجي فلا يمكن أن يكون هناك تراجع من الموقف المصري".

وأضافت: "لن تتراجع مصر عن موقفها، حيث علقت مصر على توقيع قطر لإتفاقية مع الولايات المتحدة، في حين لم تسحب قطر لمطالب الدول الأربع حتى وإن كانت الوثيقة الخاصة بأمريكا تشمل بعض مطالب الدول العربية".

وأردفت: "إن مصر منذ البداية متحفظة على قطر وسياستها حتى قبل تلك المبادرة من جانب دول الخليج، وكان هناك مناداة دولية بتجريم قطر، فبالتالي موقف مصر سابق على موقف دول الخليج ولن يكون هناك تراجع من قبلها".

وأوضحت الهلالي، أنه في حال تراجع دول الخليج في استمرار الحكومة المصرية سيُعيد دول الخليج عن هذا التراجع لأن السياسات القطرية سياسات غير متزنة وغير واضحة، وفيها إدانة لدول الجوار وإقحام في سياسات دول الجوار، وبالتالي ستضر بالدول العربية وستعود الدول العربية في المقاطعة مرة أخرى.

ومن جانبه، علق الدكتور "محمد حسين"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: "أن التراجع قد حدث بالفعل ولكن من الواضح أنه لا يزال هناك تمسك بـ 6 مبادئ فقط، والذي قد خرجوا خلال المؤتمر وليس بـ 13 مبادئ، حيث قالوا حينها أن 13 نقطة تنفيذيين وهذا يعد تراجع سخيف حيث أنهم لا يمتلكون الأدلة وإن ظهرت أدلة فهي تُدين السعودية والإمارات أكثر من قطر".

وأوضح حسين، خلال تصريحاته للمواطن أن قطر لم تكن هي من تدعم الإرهاب، وأن الذي يدعم الإرهاب هم الإمارات والسعودية، مضيفًا: "إن قطر لديها أدلة وأنها قدمتها لأمريكا ومن ثم الأخيرة اقتنعت بهذا الأمر".

وعند سؤاله عن خروج الصحف السعودية، اليوم الخميس، وتأكيدها عدم تراجعها عن موقفها إزاء قطر، فوصف حسين هذا الأمر بأنه نوع من "المكابرة"، لأن قطر لديها أدلة تدين السعودية وكذلك عند السعودية فلديها أدلة تدين قطر ولكن أمام أمريكا فكلاهما مدان".
وعن سؤاله عن موقف مصر تجاه ما يحدث، وما إذا تراجعت دول الخليج، فعلق أستاذ العلوم السياسية قائلًا: "قطر أو السعودية أو أي دولة لها يد في الإرهاب الذي حدث عندنا سواء تفجير الكنائس أو من يقتل العساكر والضباط، لابد وأن نأخذ منه موقف فمصر غير تابعة لأي دولة".

وأضاف: "الآن كل من السعودية وقطر يفضحون بعضهم البعض ونحن في نهاية الأمر نحاسب كلاهما"، وأكد أن مصر ستستمر على موقفها إذا كان لديها أدلة بأن قطر أو غيرها من الدول هي أحد دعائم الإرهاب، وحينئذ سنُطالب أيًا كان بتعويضات كبيرة".