طباعة

"حرب اكتوبر الكرامة الخالدة".. إعتراف بهزيمة إسرائيل وإحترام العقلية المصرية

الخميس 05/10/2017 07:21 م

عواطف الوصيف

بواف جيلبير

يوم واحد، وتأتي ذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، تلك الحرب التي، ساعدت على استرجاع الأرض، وكانت بمثابة إثبات لقوة الجيش المصري، وكسر لاسطورة إسرائيل، وربما يكون هذا هو السبب، الذي يجعل ممثلي الحكم في تل أبيب، يلتزمون الصمت حتى الأن، لكن هناك من النقاط، التي عند الإطلاع عليها، يكون من السهل، أن نمسك طرف الخيط، الذي يفتح العديد من القضايا والملفات الخطيرة.

إعتقاد إسرائيلي خاطيء:
ربما يظن الإسرائيليون أن مستوى تفكير المصريين والعرب يتوقف عن مجرد قراءة كتب وتحليلات لكتاب ومحللون عرب، ولا يخطر ببالهم أنه من الممكن الإطلاع على رؤى أحد ممثليهم من المؤلفين، خاصة حينما تتعلق بكاتب ومحلل أكاديمي واستراتيجي بارز، وهو ما سيتضح سيدي القاريء خلال السطور المقبلة.

يواف جيلبير وحرب الاستنزاف المنسية:
يواف جيلبير، مؤرخ إسرائيلي، وواحدا من أهم الرموز في تل أبيب الذي يؤخذ برؤيته، لأنه وببساطة، قائد سابق، ومحلل أكاديمي استراتيجي، قام بتأليف كتاب، بعد الإطلاع عليه، يعد من أهم الكتب التي تم تداولها في إسرائيل، فهو لا يذكر أمور، تتعلق بمصر عن حقبة هامة وهي حرب أكتوبر المجيدة فحسب، فإن النقاط التي تطرق لها تعد فاصلة بالنسبة لإسرائيل، وهو ما أتضح في كتابه "حرب الاستنزاف المنسية.

حرب أكتوبر نتاج لمجهود:
أكد المؤرخ والخبير يواف جيلبير، أن النتيجة التي وصفها بالممتازة، التي حققتها حرب أكتوبر 73، هي في حقيقتها نتاج لمجهود كبير بذل خلال حرب الاستنزاف، والتي كانت في الفترة من 1968 وحتى 1970، مشيرا إلى أنه يستلزم الإعتراف بأن القوات المصرية قد تداركت الأخطاء التي وقعت فيها خلال حرب 67، وعملت على إصلاحها وبطريقة إيجابية ملموسة.

الهجمات المصرية:
يسرد المؤرخ الإسرائيلي، في كتابه "حرب الاستنزاف المنسية"، الذي أصدرته دار نشر "دبّيير" الإسرائيلية، أنه في الوقت الذي كانت الهجمات المصرية تتصاعد على خط القنال، كان الإسرائيليون يحتفلون بنصر 1967، ويقارنون بين رابين وبرنارد مونتجمري، الذي كان مشيرا للجيش البريطاني بعد انتصاراته في الحرب العالمية الثانية، كما حصد موشيه دايان، وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، لقب "رجل العام".

إسرائيل يملأها الغرور:
النقطة التي ذكرها جيلبير، التي تتعلق بالهجمات التي كانت توجهها القوات المصرية، في الوقت الذي كانت إسرائيل فيه تحتفل، تدل على سخريته من إسرائيل حينها، فقد أمتلك إسرائيل حالة من الغرور الشديد، فلا شك أن هزيمة 67 كانت كارثة، لكن إسرائيل لا تحاول أن ترى سوى الأمور التي تروق لها فقط، ولم تنتبه إلى أن المصريون من الصعب أن يتركوا ثأرهم، وسيبذلون جهودا لاسترداد حقوقهم، تلك حقيقة نعملها جيدا، لكن الأهم أنها جاءت بمثابة إعتراف على لسان واحد من أهم المحللين الأستراتيجيين في إسرائيل.

تطرق إسرائيلي لافت:
في الوقت الذي يلق الجميع باللوم على الرئيس جمال عبد الناصر، وإتهامه بأنه المسئول الأول على عن ما واجهته مصر في 67، يتطرق المؤرخ الإسرائيلي يواف جيلبير في كتابه "حرب الاستنزاف المنسية"، إلى نقطة يمكن وصفها بأنها بمثابة دفاع عن الرئيس جمال عبد الناصر.

دفاع إسرائيلي عن ناصر:
يرى المؤرخ جيلبير، أن الجهود التي بذلتها القوات المسلحة خلال حرب الاستنزاف، تعد دليلا على الجهود والخطط التي وضعها الرئيس جمال عبد الناصر، منذ 68 وحتى 70، مشيرا إلى أن ما تم ترتيبه بعد ذلك، جاء مبنيا على ما قام به ناصر، أي أن الأساسيات التي وضعها ناصر، منذ 68 وحتى 70، كانت سببا رئيسيا لتحقيق النصر في 73، وربما تكون هذه إشادة كافية يستلزم لكل من يؤيدون فقط سياسة الانتقاد، أن يقفوا عندها ليعرفوا من هو ناصر، وكيف بذل جهود لتحقيق النصر لمصر، خاصة وأنها إشادة نابعة عن مؤرخ وخبير استراتيجي اسرائيلي.

دراسة استقصائية:
بعد الإطلاع على أهم نقاط "حرب الاستنزاف المنسية"، سنحاول إلقاء الضوء على نقطة هامة، وهي أن إسرائيل قامت بدراسة استقصائية حول المصريين، وذلك بعد عقد جلسات مع الأسرى المصريين الذين اسروا بعد 67.

فلتت منك:
بحسب الجلسات التي قامت بها إسرائيل مع الأسرى المصريين، فقد أكدت أن المخابرات المصرية، والشعب المصري، أقل بكثير في المستوى، في حال مقارنتها مع إسرائيل، لكن وما شهدته حرب الاستنزاف من جهود بذلت، وما توصلنا له في حرب أكتوبر، فإن ذلك يدل على أن إسرائيل قد خانها التوفيق، وكانت هذه الدراسة خاطئة تماما، فإذا كان بالفعل المصريين أقل في المستوى، فكيف تمكنوا من إيجاد خطة محكمة جعلتهم يقررون إختيار يوم السبت بالتحديد، علاوة على إيجاد خطة محكمة، دمرت خط بارليف المنيع في ست ساعات فقط.

الخلاصة:
ستظل حرب أكتوبر ذكرى خالدة يتباهى بها أجيالها، وأجيال قادمة أيضا، لكن شهادة خبير ومؤرخ إسرائيلي ذات صقل داخل تل ابيب، يجعلنا نعتبر أكتوبر 73 إنجازا حقيقيا ونبراس فوق رؤؤسنا.