طباعة

"محرقة الموت" تهدد حياة مرضى مستشفى تلا المركزي بالمنوفية.. والأهالي "احنا بنموت بالبطئ"

الجمعة 06/10/2017 10:28 ص

منير والي

صورة من المستشفى

"أحنا عملنا اللي علينا.. ولكن المريض بين أيادي الله" كلمات استهل بها أهالي محافظة المنوفية حديثهم عن أهمال المستشفيات، متهكمين على أطباء خريجي "معهد عبدو باشا"، على حد وصفهم.

ومابين "الأنين.. والبكاء"، خرج العديد من الأهالي عن صمتهم، متسائلين: "أين الرعاية الطبية.. أين رقابة وزارة الصحة"، ووسط ثورة غضب نتيجة تزايد حالات الوفيات في مستشفيات المنوفية، أرتفعت طلبات التطهير، والتدخل الفوري من قبل القيادات بالمحافظة ووزارة الصحة لاتخاذ اللازم تجاه مأساة "القتل العمد"، على حد وصف الأهالي، وسادت حالة من الغضب أصابت أهالي محافظة المنوفية.

وخلال السطور التالية يرصد "المواطن" محرقة نفايات المواد الطبية في مستشفى "تلا" العام بمحافظة المنوفية، التي تقوم بحرق النفايات الطبية للعديد من المستشفيات الطبية على مستوى مركز "تلا"، والتي تحولت إلى بؤرة للتلوث وإصابة المواطنين بالأمراض، حيث تنبعث منها الروائح الكريهة والغازات المسرطنة التي تتسبب في انتشار الأمراض، كما تؤثر سلبًا على المرضى في العنابر الداخلية للمستشفى وخاصة مرضى الأمراض الصدرية.

وأكد الاهالي على انه من المفترض أن تكون المستشفيات مكان لعلاج المرضي لا لإصابتهم بأمراض خطيرة، وتكون محاطة بهواء نقي يساعد على الشفاء، ولكن النقيض تماما فعند النظر للمستشفيات الحكوميه نري دخان أسود كثيف يتصاعد ليلًا ونهارًا، ويحمل روائح كريهة لا يتحملها بشر وغازات سامة تحمل في طياتها العديد من الأمراض القاتلة، ذلك هو الكابوس الذي يؤرق حياة مرضى المنوفية داخل المستشفيات.

أصبحت المخلفات الطبية اليومية التي تنتج عن العمليات الجراحية والإسعافات الأولية التي تجري بالمستشفيات العامة والمركزية، بالإضافة إلي مخلفات أقسام النساء والتوليد والغسيل الكلوي، التي تشكل خطرا كبيرا علي حياة المواطنين والبيئة، نظرا لعدم وجود محارق صحية بالمستشفيات والوحدات الصحية لإعدامها والتخلص منها.

 ومن هنا رصدت كاميرا "المواطن" إهمال مستشفيات المنوفية، إضافة إلى رصد معاناة الأهالي الذين قاموا بتقديم الشكاوي لإيقاف عمل محرقة مستشفي "تلا" المركزي، والتي يطلق عليها الأهالي "محرقة الموت".

وأكد عمرو السيسي، من أحد أبناء مركز الباجور، أن النفايات الطبية بالمستشفيات تعمل علي انتشار الأمراض المعدية لاحتواء هذه الأكياس علي نفايات الغسيل الكلوي، وبقايا أكياس الدم المستعملة، والنفايات الملوثة بالدم، والأورام المستأصلة وبقايا الدم الفاسد، وبعض النفايات الحادة كالسرنجات والمشارط، وبعض الأدوية منتهية الصلاحية أو غير المطابقة للمواصفات التي تؤدي إلي كوارث صحية وبيئية.

 وأضاف سامح الاشقر، إن الخطورة الحقيقية تكمن في المراكز الصحية المتخصصة والوحدات الصحية التي تلقي بنفاياتها في الشوارع، ومقالب القمامة خاصة أن سيارات المحارق لا تذهب حتي للمستشفيات الحكومية بصفة دورية بل كل فترة مما يجعل المستشفيات الحكومية تلقي نفاياتها الصحية في القمامة.

وقال بعض أهالي مركز تلا، أن الدخان الناتج عن المحرقة، هو مزيج سام من غاز أول أكسيد الكربون وغيره من المواد الكيميائية التي تضر البيئة وصحة المواطنين، وتسائل الأهالي كيف يتم وضع مثل هذه المحرقة وسط منطقة سكنية مطالبين بنقلها في مناطق بعيدة عن السكان.

قال العاملين بالمستشفي، أن مخلفات المستشفيات والوحدات الصحية يتم تجميعها ووضعها بطريقة عشوائية بالطرقات داخل المستشفيات، وكذلك إلقاؤها خارج أسوار المستشفيات بطريقة عشوائية، مما يعرض حياة المواطنين للخطر.

وأفاد محمد.و.ح، إن تعطل المحارق بالمستشفيات ضاعف من المشكلة، وأنه هناك إهمال من مديرية الصحة في متابعة تلك المحارق المتوقفة عن العمل والإهمال في مراقبة نفايات المستشفيات البعيدة والعيادات الخاصة.

 
وأضاف أحد رواد مسجد السادات، الذي يقع بالقرب من المحرقة، إن الانبعاثات التي تصدر عن المحرقة تتسبب في اختناقنا أثناء الصلاة، كما أدت إلى إصابة من يقطنون في العقارات المجاورة لها بالأمراض الصدرية ولذا، طالبنا المسؤولين بسرعة نقل هذه المحرقة بعيدا عن الكتلة السكنية حرصا على حياة السكان والأطفال.

ويقول مجدي حبيب، أحد سكان المنطقة، لقد توفيت ابنة أخي جراء إصابتها بالسرطان نتيجة استنشاق الانبعاثات الصادرة عن هذه المحرقة التي حولت حياتنا إلى جحيم، وقد نتج عن هذه المحرقة إصابة العشرات من الأطفال بالأمراض الصدرية والسرطان.

ويقول مدير مستشفى تلا، إن الأبخرة المتصاعدة من المحرقة، نتيجة حرق سرنجات الحقن البلاستيكية ونفايات العمليات تضر بالصحة العامة وخاصة صحة الأطفال في المستشفى وفي المناطق المحيطة، لأن حرق البلاستيك ونفايات العمليات المحملة بالدم هي مادة مسرطنة على المدى الطويل وقد طالبنا مرارا وزارة البيئة والمحافظة بنقل المحرقة خارج الكتلة السكنية ومن المستشفى ولكن دون جدوى ولا دخل للمستشفى ببقائها لأننا متضررون من هذا التلوث.

وأضاف مدير الإدارة الطبية بمركز تلا، ليس هناك شك في أن المحرقة تشكل ضررا على المستشفى وصحة المواطنين، وخاصة المرضى رواد المستشفى والموجودين في العنابر الداخلية، وقد طالبنا مرارا بنقلها خارج الكردون السكني، وتم الاتصال بوزارة البيئة لحل هذه المشكلة، وحضر مندوب منها، ولكن دون جدوى ومازالت المحرقة تشكل ضررا بالغا على المرضى وسكان المناطق المحيطة بالمستشفى.

بالإضافة إلى مستشفي أشمون العام، التي تلقي المخلفات الطبية أمام المستشفي فلاتر، وسرنجات، وأجهزة وريد، وليس لها أي بيانات، وايضا مستشفي مركز الأمومة، التي أغلقت شهر عقب اكتشاف قيام المركز بإلقاء نفايات خطيرة بأحد مقالب القمامة.

وفى نفس السياق، فقد وجد من بين المخلفات خلاص ولادة، وأجزاء من بقايا عملية ولادة مما يضر بالمواطنين ويزيد من فرص نقل العدوي.

ومن جانب قال الدكتور عبد الباري العجيزي، مدير المستشفيات، أنه يتم تجميع المخلفات الطبية بالمستشفيات العامة والمركزية بصفة يومية، وبطريقة صحية ونقلها للمحارق، وقال إنها شددت علي مديري المستشفيات بالتنبيه علي العمال بعدم إلقاء أي مخلفات خارج أسوار المستشفيات حرصا علي صحة وسلامة المواطنين.

 واكد العجيزي، على إنه تم الانتهاء الفعلي من الإجراءات الخاصة بإقامة أول مجمع طبي جديد للمحارق الطبية بمركز ومدينة السادات.

جدير بالذكر أن عرضت مذكرة على الدكتور هشام عبد الباسط محافظ المنوفية، بشأن البدء في إقامة ذلك الصرح الطبي حماية للبيئة والتصدي لظاهرة التلوث الناتج عن المحارق التقليدية بالمستشفيات.

ولكن إلي أن يتم تنفيذه فسوف تضاعف أعداد المرضي والوفيات وسيظل المواطن يدفع ثمن تكاسل المسؤولين.