طباعة

تراكمات الماضي والحاضر.. توجه للرؤية اليسارية وتحالف مع الفكر الشيعي

الإثنين 16/10/2017 01:38 م

عواطف الوصيف

أردوغان وروحاني وبوتين

تختلف طبيعة العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة، عن علاقاتها مع روسيا وإيران، فمن الصعب على الأمريكيون دخول الأراضي التركية، وذلك بسبب الأزمة الأخيرة التي وقعت بين البلدين، حيث احتجاز السلطات التركية لموظف تركي يعمل في القنصلية الأمريكية باسطنبول، على خلفية اتهامه بالمشاركة في المحاولة الانقلابية الفاشلة، وعلى العكس من ذلك يستطيع مواطنو روسيا وإيران الدخول لتركيا، من دون حصولهم على إذن دخول مسبق.

يستلزم الإشارة إلى أن مثل هذه المواقف، تعد سببا رئيسيا في تدهور العلاقة بين تركيا وحلفاءها الغربيين من دول حلف شمال الأطلسي، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وهو ما يمكن أن تعتبره بعض البلدان مثل روسيا وإيران بأنه نقطة إيجابية لأن هذا التوتر وببساطة يخدم مصالحهما فيما يتعلق بالحرب في سوريا، ونحن بالفعل نلاحظ تقارب في المصالح بين تركيا وإيران وروسيا، حول الأوضاع في دمشق، وهو ما تعتبره واشنطن منافيا لمصالحها وأهدافها.

الاستشهاد برؤية عالمية:
يصف الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أصلي أيدنتنباس، هذه المرحلة بأنها أسوأ مرحلة منذ استقلال الجمهورية التركية عام 1923، ويمضي قائلاً: "إن الرابط المؤسسي مع الولايات المتحدة بدأ يضعف، وانسحب انعدام الثقة على العلاقات التجارية، وعلى القرارات الاستثمارية، وحتى على إطار الناتو".

أوباما ينتقد أردوغان:
إذا حاولنا أن نعود للوراء قليلا، وتحديدا في حقبة الرئيس باراك أوباما، سنجد أنه وجه له انتقادا شديدا، للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كونه ومن وجهة نظره يقف أمام الحريات العامة والديمقراطية والحقوق المدنية، كما أن الإدارة الأمريكية، منذ أوباما وحتى الأن وهي تعتبر أردوغان بمثابة خطورة على الميليشيات الكردية، التي تدعمها الولايات المتحدة, من أجل الوقوف في مواجهة مسلحي "داعش"، شمال سوريا.

ما بعد الانقلاب:
استنتج كبار المسئولين في أنقرة، وتحديدا بعد الانقلاب العسكري الذي وقع، أن الولايات المتحدة هي السر وراء ما حدث، وأنها أجرت العديد من التدابير والمكائد، لإسقاط النظام التركي، والرئيس أردوغان، وذلك من خلال المؤسسات الأمريكية، وهو ما نفته واشنطن تماما.

شعور بالإحباط:
تشعر أنقرة أيضاً بالإحباط بسبب اعتقال رضا ضراب، وهو رجل أعمال تركي إيراني وله علاقات مع أردوغان، وتم توجيه الاتهام إليه في نيويورك، بحجة انتهاكه العقوبات المفروضة على إيران، كما تشعر أيضاً تركيا بالإحباط من استمرار وجود فتح الله جولن في ولاية بنسلفانيا، وهو واعظ إسلامي تتهمه تركيا بأنه وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة، وترغب في تسليمه إليها، وينفي كلا الرجلين الاتهامات الموجهة إليهما.

تراكمات ورا بعضها:
إذا وضعنا كل ما سبق ذكره جنب إلى جنب مع ما أشيع حول مزاعم واشنطن بالسلوك السيء لحراس أردوغان أثناء زيارته لواشنطن في مايو الماضي، سنجده كفيلا، بأن يرسخ إعتقاد داخل الإدارة والكونجرس بأن محاولات التهدئة مع تركيا أصبحت بلا جدوى على نحو متزايد.

تفضيلات تركية:
منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في العام الماضي، ظل مسؤولون أتراك، يفضلون مواصلة التعاون مع الغرب، يحذرون من تصاعد التيارات القومية المتطرفة، أو ما يعرف بالاتجاهات "الأوراسية" اليمينية المناوئة للغرب، خصوصاً داخل المؤسسة العسكرية والأمنية في تركيا. والذي فكر في هذه الخطوة ودعمها هو دوغو بيرينشيك، السياسي التركي، الذي سعى لإعادة تركيا إلى ما وصفه ب"التحالف الحضاري الجديد مع روسيا والصين وإيران"، مؤكدا أنه يفضل قطع كافة العلاقات الثنائية مع الغرب.


الخلاصة:
ما يمكن أن نستنتجه مما سبق أن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، تشهد توترا ملحوظا، خلال الفترة الأخيرة، ويمكن أن نستشف أيضاً تزايد انفراط الرابط مع أوروبا، خاصة بعد التصريحات، التي أدلى بها أردوغان، يوم الثلاثاء الماضي، ومفادها أنه يؤكد بأن القنصلية الأمريكية في إسطنبول "موبوءة بالجواسيس"، على حد قوله وهو ما يجعل إيجاد حل سريع لهذه الأزمة مستحيلاً.