طباعة

رحلت دلوعة السينما.. "شادية" الفن وراهبة "الأيتام"

الثلاثاء 28/11/2017 08:22 م

أحمد زكي

شادية

"سيد الحبايب يا حبيبة".. من منا لا يتذكر تلك الكلمات ليشدو بها أمام أمه في كل مناسبة، دون أن يدري أن صاحبتها لم تنجب أطفالًا، ولكنها عاشت عاطفة الأمومة ربما أكثر من أمهات كُثر، لأطفال أيتام حرمتهم الأقدار من الأمهات والآباء، ومن منا لم يتغني يومًا "مصر اليوم في عيد" وهو يتذكر صاحبة الأغنية بشموخها تقف أمامه.. إنها "شادية" الكلمات.

في منطقة الحلمية الجديدة في حي عابدين العريق، وبعد مرور 8 أيام من شهر فبراير للعام 1938، استقبل مهندس الزراعة والري أحمد كمال، طفلته الجديدة "فاطمة" ولم يكن يدري وقتها أن تلك المولودة الصغيرة ستتحول يومًا إلى أحد أيقونات السينما المصرية، بل والمسرح أيضًا حتى وإن كان بمسرحية يتيمة هي "ريا وسكينة".

عاشت شادية حياتها للفن وبالفن، حتى في زواجها حين تزوجت عماد حمدي، بعد المهندس عزيز فتحي، قبل أن تختتم رحلتها مع الرجال عام 1969 بالانفصال عن زوجها الثالث صلاح ذو الفقار، دون أن ترزق بأبناء.

بدأت شادية رحلتها الفنية مبكرًا عام 1947، لتستمر حتى عام 1984، مع المخرج أحمد بدرخان الذي وجد فيها ضالته حين بحث عن وجوه جديدة لتبهره شادية كما أبهرت جميع الحضور اي استديو مصر، ولكن القدر شاء أن يتوقف المشروع، ما دفع بدرخان لترشيحها لدور البطولة في فيلم "العقل في إجازة" أمام محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه، وأول فيلم من إخراج حلمي رفلة، ليتعاقد معها "فوزي" بعد ذلك على أفلام الروح والجسد، الزوجة السابعة، صاحبة الملاليم، بنات حواء.

نجاح شادية الكبير دفع الفنان أنور وجدي للتعاقد معها على سلسلة أفلام بدأت بـ"ليلة العيد" عام 1949 و"ليلة الحنة" بعام 1951، ليحققا نجاحات كبيرة، تبعتها بأدوارها الخفيفة مع كمال الشناوي، الذي وصف إيرادات أفلامها قائلًا "إيرادات بنت عمارات وجابت أراضي".

ظلت "دلوعة السينما" تحقق النجاح تلو الآخر حتى قررت أن تترك الشهرة والمجد والأضواء تاركة رسالة حملت معانيها فلسفة تنم عن شخصية تحمل من القوة والعمق الكثير، حين قالت "لأننى في عز مجدي أفكر في الاعتزال لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويدًا رويدًا، لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتى في خيال الناس".  

وبعد الاعتزال اختارت شادية حياتها بعيدًا عن الشهرة والأضواء والدعاية الزائفة، وكرستها لرعاية الأطفال الأيتام، حتى رحلت عن دنيانا اليوم بعد 86 عامًا قضت مع نصفها نجمة في سماء الفن، والنصف الأخر نجمة في الخفاء ترعي الأيتام دون ريثاء أو بحث عن مجد زائف.