السؤال الذي يراود العديد منا، سواء صغارا أو كبارا، والذي إجابته غالبا ما تثير فضولنا، لماذا لا تطبع الدولة المزيد من الأموال، و نقضي على الفقر؟.
نظريا قد يبدو سؤالا منطقيا لماذا لم ننتهي مش مشكلة الفقر ونقوم بإصلاح كل شيء، طالما أن الأمر لا يحتاج سوى المال، فلماذا لا تقوم الدولة بطباعة المزيد من الأموال؟ ولكن تطبيقيا الأمر لا يبدو أبدا بمثل تلك السهولة وقد يبدو إجابة السؤال غير مفهوم للبعض لذلك دعونا نوضح ذلك بساطة في السطور القادمة:
-أولا لو قامت كل دولة بطبع مزيد من الأموال للقضاء على الفقر، وأصبح الكثير مننا يمتلكه، لن تجد من يقوم بالعديد من الخدمات الأخرى كزرع الخضراوات أو بيعها، أو إصلاح السيارات أو غيرها من المهن البسيطة، لأن الجميع سيمتلك المال ولن يكون في حاجة إلى العمل، وبالتالي ستتوقف وتتعطل الحياة.
-ثانيا طباعة النقود عملية فنية معقدة اقتصاديًا، وفي حال طباعة نقود دون أن يكون لها غطاء أو ما يسيطر عليها، سيؤدي ذلك إلى نتيجة أساسية واحدة، هي: ارتفاع الأسعار، حيث يزيد المعروض النقدي دون أن يقابله زيادة موازية في السلع والخدمات، ونتيجة لذلك أن يقوم الناس بالتخلص مما لديهم من هذه العملة وشراء عملات أجنبية أو أصول عينية مثل العقارات والذهب، والذي يؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمتها، والذي يؤدي في النهاية إلى انهيار قيمتها ومن ثم الانهيار الاقتصادي.
-ثالثا النقود مثل أي سلعة أخرى تطبق عليها قوانين الاقتصاد الأساسية وقواعد الطلب والعرض، بمعنى أن أسعار السلع والخدمات تحدد عن طريق آلية العرض والطلب، فكلما زاد العرض لسلعة معينة سيقل سعر السلعة لأن الكمية الموجودة في السوق زائدة عن الحاجة وتغطي طلبات الأفراد، مما يدفع المنتجين إلى تقليل أسعار منتجاتهم كإستراتيجية للتسويق وطريقة لتحفيز للأفراد لشراء كميات أكبر، والعكس أيضا صحيح، نفس المفهوم يطبق على النقود، إذا كانت كمية النقود المطبوعة (العرض) أكبر وأسرع من النمو الاقتصادي الطبيعي الذي تحققه الدولة.
