طباعة

"عكزة "على قارعة الطريق في ثوب ماسح أحذية

الأربعاء 14/03/2018 06:47 م

سارة منصور - تصوير: فادى جورج

ماسح احذية

بثياب بالية ورأس مطأطأ أمام العابرين يجلس، يركن إلى جانب الطريق بجانب أدواته البسيطة ويده الملونة بغير قصد، يصغي إلى المارة وأصوات المركبات السائرة ولا يتدخل، فلا يرفع رأسه إلا باقتراب أحدهم واضعا حذائه أمام وجهه قائلًا "ورنيش ياعم".

هو ماسح أحذية.. بأدواته البسيطة من علب الورنيش والفوطة المتسخة والكرسي الخشبي الصغير الذي يستخدم لرفع الأرجل ومن ثم تلميع الأحذية، تعرفه من أول وهلة وأنت سائر هنا أو هناك، ليس من أدواته فحسب، بل من نظرة الشقاء التى تطل من عينيه كلما أمعنت النظر إليه.

وبعيدًا عن الوجه والأدوات، فالخدمة ليس لها مقابل مادي معين، فكلما اسهب في تقديم عمله، كلما كان الجود المتوقع أعلي والذي لا يتعدى بضعة جنيهات إذا كان المار كريم أو عطف على الجالس، لتبقي المحصلة النهائية لليوم حفنة جنيهات قليلة قد تقيم أود أسرة بالكاد في ظل قفزات الأسعار الملتهبة التي لا ترحم فقير.

وتعد مهنة مسح الأحذية وتلميعها، مهنة لا تفتخر بها كثيرا بسبب نظرة البعض لها بكونها تحط من شأن صاحبها، فالمجتمع الذي يرحم السن ولا يكلف خاطره للعجائز، يحط من شأن ماسحي الأحذية على غرار المتسولين وبائعي الأحذية في نظرة عنصرية كثيرا ما تصدر من ذوى أصحاب الطبقة الواحدة كشعور متدني بالنقص وفي محاولة للتنكر في ثوب طبقة أعلى.

ولعل مهنة ماسح الأحذية هي مهنة الفقراء من كبار السن في مصر، ففي الوقت الذي تشتد فيه آلام عظام الكبار فلا يستطيعون القيام بالمهن الشاقة كحال الشباب، يركنون إلى تلك المهنة مما لا تحتاج إلا إلى مجهود عضلي مناسب للقدرة وغير مناسب للرحمة، حتى وان كانت تلك المهنة تدهس الكرامة بأحذية المارة.