طباعة

"طائفة الأميش" شعب يحمل في جيناته إكسير الحياة وتوقف عنده الزمن

الخميس 24/05/2018 07:13 ص

مريم مرتضى

طائفة الأميش شعب
تُعتبر الشيخوخة واحدة من أكثر العمليات الحيوية تعقيدًا في حياة الإنسان، والتي يُشكل فهمها تحديًا حقيقيًا للعلماء والأطباء حتى الآن، وبالطبع يتمنى الجميع لو يمر من تلك المرحلة الصعبة بأقل الخسائر، ويسعى الجميع حول العالم إلى تقليل أعراض الشيخوخة والحد من أمراضها، وحتى وقت قريب لم يكن هناك أي مؤشر على وجود شئ بإمكانه أن يُقدم لنا إكسير الشباب، إلا أنه مؤخرًا عثر العلماء على طفرة جينية تتحدى العمر لدى شعب الأميش، الذين يعيشون في وسط غرب الولايات المتحدة، ووجد العلماء أن تلك الطفرة تجعلهم يعيشون في المتوسط حوالي 10 سنوات إضافية عن غيرهم من أفراد المجتمع الذين لا يملكون هذا الجين.
طائفة الأميش شعب
شعب الأميش
اوضح العلماء أنهم قاموا بإجراء بعض الدراسات حول طائفة تعيش بولاية إنديانا القديمة تسمى طائفة الأميش، وشعب تلك الطائفة معروف عنهم حبهم للعزلة، وتجنب التكنولوجيا، وكل ما هو حديث بما في ذلك الكهرباء والتلفزيون والانترنت، ومازالوا حتى الأن يتنقلون بعربات تجرها الخيول، وتعود أصولهم إلى جنوب ألمانيا وسويسرا والألزاس بشرق فرنسا، وقد لجأوا في نهاية القرن الثامن عشر إلى عدة مستوطنات في الولايات المتحدة وكندا هربًا من الاضطهاد الديني في أوروبا، باعتبار أنهم ينتمون إلى الطائفة المسيحية التجديدية والتي تعرف باسم "الآنابابتيست" آنذاك.
وأوضحت تلك الدراسات أن حوالي 43 شخص من أصل 117 تم إجراء الاختبارات عليهم، كان يملكون الطفرة الجينية التي تسمى "SERPINE1"، وهي الطفرة المسؤولة عن العمر الطويل لشعب الأميش.
طائفة الأميش شعب
الطفرة الجينية والشيخوخة
ومن جانبه أوضح الدكتور "دوجلاس فوجان" متخصص أمراض القلب والأوعية الدموية في جامعة نورث وسترن، والذي شارك في تأليف الدراسة في حوار له مع صحيفة الديلي ميل: "أن شعب الأميش لا يستفيدون من الطب الحديث بشكل عام، لذلك فإن متوسط العمر لديهم يقارب الـ 85 عامًا، بدون الإصابة بأمراض الشيخوخة المعروفة، وذلك يُعتبر أمرًا يجلب الاهتمام بشكل كبير".

وأضاف أنه "من النتائج المثيرة التي توصلنا إليها أن الآثار المضادة للشيخوخة للطفرة الجينية كانت واضحة في جميع أجهزة وخلايا الجسم".

ويشير" فوجان"، إلى أن هناك تحديًا كبيرًا أمام العلماء بشأن الجينات التي تطيل العمر، فالأمر لا يتعلق فقط بالعمر الطويل وإنما أيضًا بالتمتع بصحة أفضل، فالشيخوخة تأتي مُصاحبة لأمراض عِدة، وقد لاحظ فريق البحث أن هذه الطفرة الجينية يُمكنها أن تعالج الكثير من تلك الأمراض، من ضمنها الحماية ضد السكري، والحفاظ على صحة القلب، والأوعية الدموية.

وأوضح فوجان في حديثه أن هذه الطفرة الجينية تؤدي إلى إطالة "التيلومترات"، وهي تركيبات للحمض النووي البروتيني تتواجد في أطراف الصبغيات حقيقية النوى، والتي تمنعها من التحلل واندماج النهايات الصبغية بعضها ببعض، باعتبار أن قصر التيلوميرات قد يرتبط بالشيخوخة، وهو ما يفسر تأثير "SERPINE1" في تعزيز الحياة.

ويقول فوجان إن احتمال وجود مثل هذه الطفرة لدى عموم السكان قد يحدث بمعدل واحد لكل 70 ألف شخص، والجدير بالذكر أن شعب الأميش لا يملك نسخة واحدة فقط من هذه الطفرة الجينية بل نسختين إحداهما تعمل عكس الأولى تمامًا وترتبط بحدوث نزيف نادر، ولم تسجل أي حالات نزيف لدى أولئك الذين يمتلكون نسخة واحدة من الطفرة الجينية.

تطوير علاج كيميائي
قرر الباحثون من جامعة نورث وسترن عقد شراكة مع جامعة توهوكو اليابانية لتطوير واختبار دواء فموي يسمى "TM5614"، يحاكي تأثير تلك الطفرة الجينية التي توجد في شعب الأميش، وقد أثبتت المرحلة الأولى من التجارب قد نجاحها بشأن الالتزام بمقومات السلامة الأساسية، ويُجرى الآن اختبار الدواء في المرحلة الثانية في اليابان، لاختبار مدى فعالية عمله مع حساسية الإنسولين في الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني والذين يعانون من السمنة، وقد يكون للدواء تأثير وقائي ضد أمراض عدة، بحيث يساهم في الحماية من الإصابة بالزهايمر وغيره من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة.