طباعة

"خطة شاور" حين استمرت الحرائق في مصر 54 يوماً

الأحد 03/06/2018 02:05 ص

وسيم عفيفي

الفسطاط التي حرقها شاور

يبلغ عمر القاهرة 1046 سنة منذ أن تأسست سنة 972 م على يد الفاطميين، وخلال تلك المدة شهدت القاهرة 300 حادث حريق في 8 قرون وذلك جراء عمليات عسكرية وتخريبية وقدرية مختلفة على مدى الفترات التاريخية المتعاقبة على مصر. 

يبقى حريق الفسطاط هو أحد أعنف حوادث الحرائق التي شهدتها القاهرة طيلة تاريخها، كون أنه الأطول مدة والأشد ضررًا على السكان حيث تسبب في عملية نزوح جماعي غير منظم. 

مع نهاية العصر الفاطمي شهدت مصر مرحلة من الانهيار الكامل على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، خاصةً في عصر العاضد الفاطمي الذي كان يؤلب وزراؤه على بعضهم البعض. 

في فترة الانهيار هذه كان الوزيرين شاور وضرغام هما سمة سوء الوضع، فلقد كان شاور حاكم الصعيد، وضرغام أمير فرقة العسكر المغاربة، وكلاهما يريد أن يصل لكرسي الوزارة سيرًا على جثة الآخر. 
"الاستعانة بالقوى الخارجية" خطيئة بطعم النجاح الفاشل 
عموري الأول – بحسب
عموري الأول – بحسب ويكيبيديا
لم تفلح عمليات الاغتيال في حسم الأمر، فتمت الإستعانة بالقوى الخارجية، حيث استغل شاور أطماع الصليبيين المتعلقة بمصر والشام لإقامة إمارة بهما، وأرسل لهم يحثهم على مساندته ضد ضرغام نظير ثلث الناتج الاقتصادي المصري. 

كان عموري ملك بيت المقدس ينتظر هذه الفرصة، فسافر إلى مصر بجيش جرار بحجة أن شاور لم يدفع الضريبة، وبدوره استنجد شاور بالأمير نور الدين محمود لكي ينقذه من الصليبيين. 
كان نور الدين محمود على درجة من الذكاء مكنته من فهم غرض شاور وهو الأهواء الشخصية والمصالح السياسية، فأراد التخلص من مثلث الخطر "شاور،الفاطميين،الصليبيين"، وأرسل جيشًا بقيادة أسد الدين شيركوه وصلاح الدين ليس فقط من أجل التخلص من المثلث المزعج وإنما لضم مصر إلى الشام. 

وجد شاور نفسه أمام جيشين الجيش الصليبي وجيش نور الدين محمود، فقرر اللعب على الطرفين حيث قام بدفع ثلث الاقتصاد المصري إلى نور الدين محمود ليحميه من الصليبيين، وفي نفس الوقت قام بتحذير عموري من قدوم جيش نور الدين ليكسبه في صفه. 
"شاور" بنسخة "نيرون".. هكذا حُرِقَت الفسطاط 
رسمة قديمة لإحدى
رسمة قديمة لإحدى حرائق القاهرة في مصر منذ قرون
لكي يعرقل شاور دخول الصليبيين للقاهرة، أصدر أمرًا بحرق الفسطاط، وأعلن لأهلها ضرورة المغادرة وترك منازلهم ومحالهم وأماكن أرزاقهم، والتوجه لقاهرة المعز خلال 72 ساعة. 

تمت عملية النزوح ومع نهايتها اشتعلت الفسطاط، حيث أحرقها شاور بالكامل عبر 20 ألف قارورة نفط، وعشر آلاف مشعل نار، في مشهد جنوني لم يفعله أحد من قبل سوى نيرون. 

استمر حريق الفسطاط 54 يومًا لدرجة أن العين المجردة كانت ترى اللهب والدخان على مسيرة 3 أيام، ليكون حريق الفسطاط أطول حريق شهدته مصر بالكامل. 

انتهت حياة شاور بالإعدام على يد الأيوبيين، لكن الحقيقة هي أن الفسطاط التي بناها عمرو بن العاص لم يتبقى منها مسجده وأطلال زمن انقض الواقع بمخالب الاهمال عليه.