طباعة

"هيلين توماس" أول مراسلة صحفية وأول باحثة عن المتاعب في الصحافة

الخميس 31/05/2018 12:15 م

مريم مرتضى

الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب بلا مُنازع بالطبع، وأن تكون صحفيًا يعني أن تكون على استعداد تام لمواجهة كافى الصعاب حتى تصل لهدفك، وأن تترك بصمة في حياة الصحافة يعني أن تكون جريئًا واقعيًا مُحايدًا في تصرفاتك، وأبرز الصحفيين الذين تركوا بصمة كبيرة للغاية في عالم الصحافة كانت الصحفية اللامعة "هيلين توماس" التي كانت رئيس قسم البيت الأبيض في وكالة "يونايتد برس انترناشيونال" وأول مراسلة صحفية، وأول رئيسة للجمعية، رافقت عشرة رؤساء بالبيت الأبيض وغطت جميع لقاءاتهم الصحفية، وكانت معروفة بجرأتها الشديدة واعترضت بشدة على سياسة جورج دبليو بوش داخل العراق، ووصفت إسرائيل بالمحتلة وكان أثر هذه التصريحات التي وصفت بالغير مسئولة من قبل البيت الأبيض وطالبت هيلين بالاعتذار وصدر قرار تقاعدها حتى توفت في عام 2013م.
هيلين توماس أول مراسلة
هيلين توماس 
وُلدت هيلين في عام 1920م في وينشستر بولاية كنتاكي، لأب وأم من أصول لبنانية، وهو ما كانت تفتخر به دومًا أصولها العربية اللبنانية، والتحقت هيلين بالتعليم الجامعي، وحصلت على البكالوريوس من جامعة واين في عام 1942م، وبمجرد التخرج استطاعت أن تحصل على وظيفة ثابتة بمرتب بسيط في جريدة "واشنطن ديلي نيوز"، وفي العام التالي قررت التخلي عن وظيفتها والالتحاق بجريدة أخرى وهي "يونايتد برس انترناشيونال" وكان ذلك في عام 1943م، واستطاعت هيلين في فترة قصيرة إثبات جدارتها كمراسلة صحفية جيدة لها تغطيات جريئة وواقعية عن المرأة وأصبح لها عامود صحفي تحت عنوان "Names in the News" حتى أصبحت رئيس نادي المرأة القومي للصحافة في عام 1959م.
هيلين توماس أول مراسلة
العمل في البيت الأبيض
في عام 1960م أسُندت لها مهمة تغطية نشاطات الرئيس "جون كيندي" وفي عام 1961م وعملت كمراسلة صحفية لوكالة يونايتد برس داخل البيت الأبيض، وأطلق عليها لقب "عميدة المراسلين الصحفيين"، وأسندت إليها مهمة إلقاء السؤال الأول على الرئيس خلال لقاءاته الصحفية، وكذلك إلقاء الجملة الختامية لنهاية أي لقاء صحفي وهي "شكرًا سيدي الرئيس" وظل هذا التقليد بشكل رسمي خلال جميع اللقاءات الصحفية لرؤساء البيت الأبيض، حتى وصول جورج بوش الإبن الذي حرمها ذلك الإمتياز نتيجة انتقاداتها اللاذعة لقراراته.
هيلين توماس أول مراسلة
رئاسة جورج بوش الإبن
وجهت هيلين العديد من الانتقادات لفترة رئاسة جورج بوش الإبن خلال إحدى اللقاءات الصحفية لها في عام 2004م قالت فيها: " أن الرئيس الأمريكي بات ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية على الولايات المتحدة، ينظر إلى كل من يعترض على سياسته، وخاصةً في العراق على أنه يقف مع الإرهابيين، وإذا كان أميركيًا فإنه غير وطني".
وجاءت تصريحاتها الأجرأ أمام مركز الحوار العربي في واشنطن التي عبرت فيها عن رأيها الشخصي حول فترة رئاسة جورج بوش الإبن وقالت: " أن بوش الإبن هو أسوء الرؤساء الأمريكيين على الإطلاق، لأنه أدخل العالم في مرحلة من الحروب الأبدية المستديمة، وهو ما يكرر أهوال الماضي، وفي عهده خسرت أمريكا معظم أصدقائها في العالم".
هيلين توماس أول مراسلة
استقالة وإحالة للتقاعد
كانت تصريحات هيلين جريئة طوال الوقت وهو ما أفقدها وظيفتها التي طالما أحبتها وأخلصت لها، ففي إحدى تصريحاتها عن دولة إسرائيل في عام 2010م، عندما وجه لها أحد المراسلين الصحفيين سؤال عن رأيها في الادعاء بأن هناك محاولات إسرائيلية للتجسس على أمريكا، وهو ما جعلها تضحك معلقة :"إنهم موجودون في كل مكان، فما حاجتهم للتجسس"، وأكملت هيلين حديثها عن إسرائيل قائلة: "هؤلاء الناس محتلون عليهم ان يعودوا إلى ألمانيا أو بولندا، أخبرهم أن يخرجوا من فلسطين".
وقد اعُتبرت هذه التصريحات عدائية وغير مسؤولة، وطالب المتحدث الرسمي بالبيت الأبيض هيلين بالإعتذار، وقد فعلت بعد أن أعلنت اعتزالها وقرار التقاعد النهائي بعد مسيرة حافلة بالتغطيات الرئاسية لعشرة رؤساء بالبيت الأبيض، وبعد أن أسست نظرية أن الصحافة هي حقًا مهنة البحث عن المتاعب.