طباعة

"تنحي.. صراعات.. إقالة"... ثلاث مشاهد من كواليس ما بعد النكسة

الثلاثاء 05/06/2018 01:23 م

مريم مرتضى

جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر

من قلب الهزيمة يأتي النصر، ولكن لكل نجاح ثمن، وما بين هزيمة يونيو ونصر أكتوبر كان هناك بعض الضحايا من كبار القادة العسكريين الذين رغم كل شئ ساهموا بشكل أو بأخر في نجاح حرب 73، حيث أنه قبل أن تندلع شرارة حرب أكتوبر بأكثر من ست سنوات شهدت الساحة المصرية الداخلية عدة معارك شرسة بين أبرز قادتها كانت لنتائجها تأثيرات كبيرة على طريق الحرب.
"عبدالحكيم عامر" التهديد والإستقالة
بدأت المشاكل بعد الهزيمة مباشرة، حيث لم تمضي سوى أيام معدودة على نكسة يونيو 1967م، إلا ودب الخلاف بين الصديقين "جمال عبدالناصر" و "عبدالحكيم عامر"، والحقيقة أنه قبل 1967م كان نظام جمال عبدالناصر لايزال مُتماسكًا رغم كل شىء، رغم سوء الأحوال الإقتصادية, ورغم عدد من الإنتكاسات السياسية في العلاقات الخارجية, وكان المشير عامر دائم التهديد لعبدالناصر بأنه سوف يُقدم اسقالته, وعبدالناصر يعلم أن قرار كهذا من قِبل المشير عامر من شأنه أن يخلق فراغ عسكري في الجيش أو حركة داخلية فى القوات المسلحة يحركها ضباط عامر, وبالتأكيد لم يكن جمال عبدالناصر بحاجة إلى مزيد من البلبلة، أما بعد هزيمة 1967م فقد حدث ما لم يكن جمال عبدالناصر يتخليه في أكثر أحلامه كوابيسًا، حيث الإنهيار التام والعام، وكان لابد من إتخاذ قرار التنحي.
جمال عبدالناصر وعبدالحكيم
جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر
بدأت المشاكل بعد الهزيمة مباشرة، حيث لم تمضي سوى أيام معدودة على نكسة يونيو 1967م، إلا ودب الخلاف بين الصديقين "جمال عبدالناصر" و "عبدالحكيم عامر"، والحقيقة أنه قبل 1967م كان نظام جمال عبدالناصر لايزال مُتماسكًا رغم كل شىء، رغم سوء الأحوال الإقتصادية, ورغم عدد من الإنتكاسات السياسية في العلاقات الخارجية, وكان المشير عامر دائم التهديد لعبدالناصر بأنه سوف يُقدم اسقالته, وعبدالناصر يعلم أن قرار كهذا من قِبل المشير عامر من شأنه أن يخلق فراغ عسكري في الجيش أو حركة داخلية فى القوات المسلحة يحركها ضباط عامر, وبالتأكيد لم يكن جمال عبدالناصر بحاجة إلى مزيد من البلبلة، أما بعد هزيمة 1967م فقد حدث ما لم يكن جمال عبدالناصر يتخليه في أكثر أحلامه كوابيسًا، حيث الإنهيار التام والعام، وكان لابد من إتخاذ قرار التنحي، وبعد أن هدأت الأمور وعاد عبدالناصر لدوره كرئيس الجمهورية، جاء الدور على عبدالحكيم عامر الذي قدم استقالته أيضًا وقت التنحي، وكان أول قرار لعبدالناصر هو قبول استقالة المشير عبد الحكيم عامر وكل رجاله، حيث صار الخلاص منه ضرورة لا رجوع عنها، خشية أن ينقسم الجيش إلى مُعسكرين، إحداهما مع "ناصر" والآخر مع "عامر"، وعلى الأرجح كان سينفرد المشير بالجيش إذا ما نجح هو أولًا في الإطاحة بالرئيس عن طريق إنقلاب عسكري، كاد بالفعل أن يُنفذ، لولا انتبه جمال عبدالناصر، وأصدر أوامره برسم خطة الإطاحة بعبدالحكيم عامر من الجيش، وأصدر الرئيس جمال عبدالناصر قرارات بتعيين الفريق "محمد فوزي" قائدًا عامًا للقوات المسلحة الذي استطاع أن يقوم بإعادة هيكلة وبناء القوات المسلحة من جديد، وتعيين الفريق "عبدالمنعم رياض" رئيسًا لهيئة أركان حرب القوات المسلحة، وتم القبض على كل رجال المشير والتحفظ عليهم للتحقيق والاستجواب، وصار رجال المشير مُطاردون، كانت ضربة رهيبة ومباغتة تلقاها رجال المشير ومجموعته الذين لجأوا إلى بيت "عبدالحكيم عامر" وأقاموا فيه بسلاحهم, وأصبح بيت عامر فى الجيزة حصنًا خارجًا على سُلطة الدولة, ووضعت المخابرات العامة برئاسة أمين هويدي آنذاك، خطة أسمتها "جونسون"، تقضي بإعتقال المشير عبدالحكيم عامر، في شارع صلاح سالم، أثناء عودته مساءً من مصر الجديدة إلى منزله في منطقة الجيزة، لكن تم التراجع عن تنفيذها خشية أن يحدث تبادل لإطلاق النار بين الفريقين، واستقر الأمر على استدراج المشير عامر إلى منزل الرئيس جمال عبد الناصر، عن طريق دعوة الرئيس له بحجة تناول العشاء معه في منزله، واتصل عبدالناصر بصديقه ودعاه بلغة ودودة لتناول العشاء معه في منزله، وفق الخطة المرسومة، وقد سعد المشير كثيرًا بذلك الاتصال، وشعر أن المياه سوف تعود إلى مجاريها بينهما، وأصر رغم تحذيرات المقربين له على تلبية دعوة الرئيس، وأثناء توجه المشير إلى منزل صديقه الرئيس جمال عبدالناصر، كانت قد تحركت قوات أمنية لتطويق منزل المشير في الجيزة، وإعتقال كل من فيه، وتفريغه من الأسلحة والذخائر التي كانت به، مع وضع حراسة عليه، وكل ذلك دون المساس بأسرة المشير، وفق تعليمات جمال عبد الناصر نفسه، وبعد ذلك طالبه الرئيس بترك القوات المسلحة، وأن يكتفي بمنصب نائب رئيس الجمهورية، فرفض المشير، وبناء عليه تم تحديد إقامته.
المشير أحمد إسماعيل
المشير أحمد إسماعيل
"أحمد إسماعيل" ضحية حادث الزعفرانة
ضحية أخرى من ضحايا النكسة الذين ساهموا في نصر أكتوبر كان المشير " أحمد إسماعيل" حيث أنه وبعد أيام من النكسة، أصدر جمال عبدالناصر قرارًا بإقالته، وبعد أقل من 24 ساعة، أمر عبدالناصر بإعادته للخدمة وتعيينه رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة، وبعد 3 أشهر فقط من معارك 1967 أقام أول خط دفاعي، وبعد استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض في مارس عام 1969 تولى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة، ولكن تم إقالته مرة أخرى فى سبتمبر عام 1969م بسبب حادثة الزعفرانة، حيث كان جمال عبدالناصر بصحبة بالفريق أول محمد فوزي، وزير الحربية، واللواء أحمد إسماعيل، رئيس أركان الحرب يحضرون مناورة حية لفرقة مُدرعة ووصلت أخبار عن هجوم إسرائيلي برمائي على شاطئ خليج السويس في منطقة الزعفرانة وسرقة رادار مصري، ووجه عبدالناصر أوامره إلى أحمد إسماعيل بالتوجه إلى موقع الحدث وإدارة المواجهة، لكن أحمد إسماعيل فضّل العودة للقاهرة، مُخالفًا أوامر الرئيس، وظن أنه من الأفضل الإدارة من غرفة العمليات، وبالطبع استشاط عبدالناصر غضبًا من ذلك، فأمر بعزله في التو واللحظة، وعين مكانه "محمد صادق" كنوع من أنواع تأمين القوات المسلحة بعد حركة الإقالات هذه، كما أنه كان له دورًا فعالًا وقت حرب الاستنزاف، حيث قام بإعداد خطة لمُحاربة العدو من خلال العمليات الخاصة أو العمليات الفدائية، بمجموعة من الضُباط والصف والجنود، تلك المجموعة تطورت فيما بعد وأصبحت المجموعة 39 قتال، كما عمل على تكوين مجموعة من الفدائيين المدنيين أطلق عليها "منظمة سيناء العربية"، وتوالت العمليات الخاصة.
ولكن في عام 1972م قرر السادات إعفاء الفريق أول محمد صادق، وتعيين أحمد إسماعيل، لخلفيته العسكرية‏،‏ وبالفعل كان له دور معنوي وقيادي كبير في حرب أكتوبر، حيث أنقذ الجبهة المصرية من الانهيار‏.