طباعة

قارئات القرآن في مصر.. بدأن بـ"النواح والصراخ" وفتوى قضت على أحلامهن

الجمعة 08/06/2018 09:31 ص

مريم مرتضى

قراءة القرآن الكريم

إذا أدرت مؤشر الراديو ناحية إذاعة القرآن الكريم، أو فتحت التلفاز على إحدى القنوات الدينية ستجد القرآن يُتلى آناء الليل وأطراف النهار ولكن بأصوات ذكورية فقط، ما يدفع إلى التساؤل حول سبب غياب المرأة عن مصر، وهل كان لها وجود بين القراء الرجال، الحقيقة أنه تواجد في فترة ما عدد لا بأس به من القارئات اللاتي تميزن بأصواتهن وتركن بصمة واضحة في المجال، ولكن.. لماذا غابت ظاهرة قارئات القرآن في مصر، هل لأن صوت المرأة عورة كما أفتى الأزهر، وهل هذا الحكم حقيقة أم بدعة وحلقة جديدة من حلقات تضييق الخناق على المرأة ومحاولة تهميشها خارج السياق الإجتماعي؟، أيًا كان السبب فا مُثبت تاريخيًا وجود قارئات قرآن سابقًا في مصر، وقد شدت أصواتهن بآيات الذكر عبر الإذاعة المصرية، ومنحت بعضهن إجازة للقراءة، قبل أن تطوى صفحاتهن ولا يبقى منهن سوى ذكريات في كتب التاريخ.

بدأت القارئات حكايتهن من باب غريب للغاية، في بداية القرن العشرين اُشتهرت فيه النساء، بالنواح والتعديد، وكان يتم استأجرهن للبكاء على الميت، وإثارة مشاعر الحضور، على أساس أنه كلما كثر البكاء والعويل كانت مكانة الفقيد أكبر، بحسب معتقد كان سائداً، ومع الوقت، بطلت هذه العادات جزئياً، ولأنه لم يكن مسموحًا باختلاط الجنسين في العزاء ذلك الوقت، احترفت بعضهن تلاوة القرآن، ومع الوقت استقلت المهنة بنفسها، وظهرت قارئات محترفات، اللاتي تتلمذن على يد العلماء الكبار.

كريمة العدلية
ظهرت "كريمة العدلية" أيام الإذاعات الأهلية، وقد ذاع صيتها في مطلع القرن العشرين في مصر، حيث عرفها الجمهور من خلال ميكروفون الإذاعة، وظلت ترتل آيات الذكر الحكيم بصوتها حتى الحرب العالمية الثانية.
كريمة العدلية
كريمة العدلية
أم محمد
بدأت "أم محمد" مشوارها في عصر محمد علي، وكانت تقوم بإحياء ليالي رمضان في حرملك الوالي، كما كانت تقوم بإحياء ليالي المآتم في قصور قادة الجيش وكبار رجال الدولة، وكانت موضع إعجاب الباشا محمد علي، وحصلت منه على العديد من الجوائز والهدايا، وأمر محمد علي بسفرها إلى إسطنبول لإحياء ليالي شهر رمضان المعظم في حرملك السلطانة، وبعد وفاتها تم دفنها في مقبرة أنشئت لها خصيصًا في الإمام الشافعي، وتم تشييع جنازة عظيمة لها.

منيرة عبده
كانت بداية رحلة "منيرة عبده " مع القرآن في سن الـ18، عام 1920، وقد أحدثت ضجة كبيرة في العالم العربي حتى أصبح صوتها ندًا للمشايخ الكبار، وذاع صيتها في الخارج لدرجة أن أحد أثرياء تونس عرض عليها إحياء ليالي رمضان بصوتها في قصره بصفاقس بأجر 1000 جنيه عام 1925م، لكنها رفضت، فما كان منه إلا الحضور إلى القاهرة لسماع ترتيلها طوال الشهر الكريم، وكانت كفيفة.

ومع بدء بث الإذاعة المصرية، عام 1934م، كانت هي في طليعة الذين رتلوا القرآن بأجر قدره 5 جنيهات، في وقت كان الشيخ "محمد رفعت" يتقاضى خلالها 10 جنيهات، بعد ذلك اصطدمت بفتوى ظهرت مع دقات طبول الحرب العالمية الثانية، تقول أن صوت المرأة عورة!، وبالطبع أوقفتها الإذاعة المصرية عن العمل.

سكينة حسن
ولدت كفيفة وألحقها والدها بالكُتَّاب لتعلم القرآن، وكانت ترتل القرآن والتواشيح في المناسبات الدينية، وسجلت بعض آيات الذكر على أسطوانات، لكن الأزهر، حرّم هذه التسجيلات، ما دفعها لهجر القرآن والانتقال إلى الغناء، وسجَّلت مجموعة من القصائد والطقاطيق القديمة، وغيَّرت اسمها إلى "المطربة سكينة حسن".


نبوية النحاس.. آخر سيدات الإذاعة
استمرت تلاوة النساء للقرآن الكريم في ربوع مصر، حتى عام 1973م، وكانت الشيخة "نبوية النحاس" آخر سيدة مصرية ترتل القرآن الكريم في الاحتفالات العامة عام 1973م، طاوية بعدها راية النساء في ترتيل القرآن.