تربع على عرش التمثيل زهاء ثلاثين عامًا امتدت حتى مطلع القرن العشرين، حيث أنه وضع الأساسيات الأولى لتطوير الموسيقى في مجال المسرح الغنائي العربي، ومعه أصبحت الأغنية جزءًا من الرواية أو المسرحية متأثرة بأحداث المسرحية، وليست دخيلة عليها، إنه الشيخ " سلامة حجازي" الذي ارتقى بالمستوى الفني للمسرح في مختلف نواحيه التأليف والاخراج والديكور، حتى بدأ المسرح يتخذ الصورة الحقيقية التي يستحقها.
نشأته يتيمًا
وُلد سلامة عام 1852م، بحى رأس التين بمدينة الإسكندرية، ولما بلغ العام الثالث من مولده أُصيب والده بإلتهاب رئوي ذهب بحياته، وفارقت أمه العجوز الحياة إثر صدمتها فى ولدها ولم يكد ينتهى الأسبوع الأول.
ترك والده مالًا كثيرًا وعقارًا كبيرًا، وتخيرت زوجته صديقه " محمود الكحلة " زوجًا يقوم على إدارة أملاكها، ولكنه كان رجلًا مستهترًا سكيرًا شهوانيًا، ولذلك لم يلبث إلا بضعة أشهر على وفاة صديقه حتى أبطل عادة الضيافة، وأقفل الباب فى وجه الزائرين والمريدين لأهل حجازى، وكبر سلامة مع اخوته الذين رُزقت بهم أمه من زوجها الثاني، وهو لا يشعر نحو هذا الرجل الذى يدعوه باسم الأبوة بأي مشاعر حقيقية، وقام الزوج السكير ببيع منزل العائلة ونُزعت سفنهم، وبذلك ضاعت على الطفل ثروة كانت تقيه غدر الزمان لو كان تصرف وكيله وزوج أمه حسنًا.
ولجأت الأم للشيخ سلامة الرأس كبير المنطقة واستنجدت به، فما كان منه إلا أن اشترى لها منزلًا في حارة بزامه ومعروف بدار سلامة إلى الآن، وعطف عليها، وبعث بأولادها إلى الكُتاب، واختص الطفل سلامة الذي سُمي على إسمه بأكبر جزء من عنايته، فأدخله مكتب سيدى عبد الرحمن ابن هرمز وتلقى مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن، والنصف الأخير من اليوم كان يتعلم مهنة الحلاقة فى أحد الدكاكين.
المُقرئ سلامة
في السادسة من عمره كان سلامة حجازي قد أتم حفظ القرآن الكريم كاملًا، وبدأ في مشاركة المقرئين والمنشدين في الأذكار، وتعلم قواعد الغناء الإنشاد على يد الشيخ " أحمد الياسرجي" الذي كان كبير المنشدين بالاسكندرية، ومن بعده على يد الشيخ "خليل محرم" الذي حفظ عنه الكثير من القصائد والألحان.
وفي عام 1882م قامت الثورة العرابية فرحل الشيخ سلامة حجازي وأسرته إلى رشيد، وعمل مؤذنُا بجامع زغلول، وبعد صلاة العشاء كان يقوم بإحياء الليالى في القرى المجاورة، وذلك بغناء الموشحات وأدوار الشيخ عبد الرحيم المسلوب وعبده الحامولي ومحمد عثمان .