طباعة

غلق الأزهر مرتين.. الأولى على يد صلاح الدين والثانية على يد أكبر مشايخه

الأربعاء 20/06/2018 02:01 م

مريم مرتضى

الأزهر االشريف

واحد من أهم وأشهر المساجد في مصر والعالم الإسلامي بأكمله، بلغ من القدم ما يتجاوز الألف عام، وتعدى دوره كجامع وصار جامعة أيضًا، تخرج منها ملايين الطلاب، حتى صار قبلة العلم لكل المسلمين، ومنارة للإسلام بذاته، إنه جامع الأزهر الشريف، الذي يُعد هو أول عمل معماري أقامه الفاطميون في مصر، وأول مسجد أنشئ في مدينة القاهرة التي أسسها جوهر الصقلي لتكون عاصمة للدولة الفاطمية. 


صورة قديمة للأزهر
صورة قديمة للأزهر
ولكن ما لا يعلمه الكثيرون، أن جامع الأزهر كان هدفه في البداية هو نشر المذهب الشيعي في مصر، وكان يقوم بتدريس أصول ذلك المذهب، ولكن بعدما فتح صلاح الدين الأيوبي مصر، قام بوقف الخطبة والتدريس في المسجد الكبير في عام 1171م، وحارب المذهب الشيعي، وسعى لنشر المذهب السُني، وظلت الصلاة مُعطلة في المسجد أكثر من 100 عام، وأعادها السلطان المملوكي "بيبرس" في عام 1267م.


صلاح الدين الأيوبي يقضي على الأزهر الشيعي
وعلى الرغم من إغلاق الأزهر في العصر الأيوبي، إلا أن الحياة العلمية لم تتأثر أبدًا ولم يتوقف النشاط التعليمي، فقام صلاح الدين بإنشاء مدرسة للشافعية بجوار مسجد عمرو، ومدرسة أخرى للمالكية وعرفت باسم دار الغزل ثم عرفت بالمدرسة القمحية، وبنى مدرسة ثالثة للفقهاء الحنفية أطلق عليها اسم المدرسة السيوفية، كما بنى مدرستين أخريين لفقهاء المذهب الشافعى خاصة، وهو المذهب الذي كان عليه أكثر أفراد البيت الأيوبي نفسه، وكانت مدرسة منها بجوار الإمام الشافعي والأخرى بجوار المشهد الحسيني.
صورة قديمة للأزهر
صورة قديمة للأزهر


قتل كليبر يتسبب في غلق الأزهر
في عام 1798م، غزت الحملة الفرنسية بقيادة "نابليون بونابرت" مصر، كان الأزهر هو المكان الذي اشتعلت منه الثورة ضدهم في ثورتي القاهرة الأولى والثانية، وتسبب ذلك في وضع الأزهر بموقف مؤسف حيث تم اقتحامه بالخيول، وألقت المصاحف أرضًا، وعاث الفرنسيون فيه إفسادًا، ولكن جاء الفصل الأخير من تلك المقاومة في تلك اللحظة التي قُتل فيها الجنرال الفرنسي "كليبر"، على يد الطالب الأزهري "سليمان الحلبي"، الذي تبين بعد التحقيق معه أنه كان طالبًا بالأزهر لمدة ثلاث سنوات، وتركه ولكنه عاد مرة أخرى هو وثلاث زملاء له من غزة بهدف قتل كليبر فقط، وبعد التحقيق معه وقتله، اتخذ شيخ الأزهر وقتها الشيخ "عبدالله الشرقاوي" قرارًا لم يتخذه من قبله ولا من بعده أحد، وهو إغلاق الأزهر جامع وجامعة في 22 يونيو 1800م، وظلت أبوابه مغلقة حتى وصول المساعدات العثمانية والبريطانية، وخروج الحملة الفرنسية من مصر في أغسطس 1801م.
الحملة الفرنسية تقتحم
الحملة الفرنسية تقتحم الأزهر بالخيول
مقتل كليبر
مقتل كليبر



من جامع القاهرة إلى جامع الأزهر

عُرف منذ إنشائه، باسم جامع القاهرة، وظل هكذا معظم سنوات الحكم الفاطمي، ولكن بعد ذلك اندثر ذلك الاسم، وظهر مسمى الجامع الأزهر، وهناك عدة أقاويل في ذلك، لعل أقواها هو ذلك الرأي الذي يقول أن لفظة الأزهر مشتقة من الزهراء لقب السيدة فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، التي كانت الدولة الفاطمية تنتسب إليها، ومن ثم أطلق على جامع القاهرة اسم الأزهر، تيمنًا باسم السيدة فاطمة الزهراء.


أروقة الجامع الأزهر
أروقة الأزهر هو مصطلح أطلق على المجالس العلمية التي كانت تُقام في الجامع الأزهر، وكانت عبارة عن أماكن للمعيشة الكاملة، من طعام وإقامة وكسوة ومرتبات وتعليم، وكان جامع الأزهر وقت بنائه يتكون من صحن تطل عليه ثلاثة أروقة، أكبرها «رواق القبلة»، وكانت مساحته تقترب من نصف مساحته الآن، ثم أضيفت له مجموعة من الأروقة والمدارس والمحاريب والمآذن، غيرت من معالمه عمّا كان عليه، وأول عمارة له قام بها الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله، عندما زاد في مساحة الأروقة، وأقام قبة منقوشة نقشًا بارزًا، حتى وصل عدد تلك الأروقة اليوم إلى 14 رواقًا حديثًا، يُدرس فيها الأنشطة العلمية لكافة المواطنين المصريين والوافدين دون استثناء، وهي أروقة "القرآن الكريم وعلومه، العلوم الشرعية، المتون العلمية، الفكر والثقافة، الدعوة، التواصل الاجتماعي، الإعلام، البحوث والنشر والتحقيق وإحياء التراث اللغة العربية لغير الناطقين بها، اللغات الأجنبية، التنمية البشرية والتدريب وتنمية مهارات التواصل، المكتبة، الخط العربي".
الأزهر قديمًا
الأزهر قديمًا


بلغ عدد أروقة الأزهر تسعة وعشرين رواقًا أنشأها السلاطين والأمراء والعظماء، وخصص معظمها للطلاب الفقراء والمنقطعين لطلب العلم وكان معظمهم من الأغراب الذين لا مأوى لهم، وبعضها خصص لأهل مصر خاصة من طلاب الريف الذين لا سكن لهم بالقاهرة، وكان لكل رواق شيخاً يعتبر بمثابة رئيس ومدير لمصالح الرواق، يعاونه وكيل يقوم مقامه في غيبته، كما يساعدهما نقيب الرواق، وهو من الطلاب القدامى ويتولى أخذ الغياب والحضور وغير ذلك.