هناك الكثير من العظماء في مختلف المجالات الحياتية والعلمية على مر التاريخ عانوا من الظلم الإعلامي، ولم يتم تقدير أعمالهم وأفكارهم حتى وفاتهم، وعلى رأس هؤلاء يأتي الشاعر الفرنسي "شارل بودلير" ذلك الناقد الفني الذي يستطيع بكلماته الغوص في مكنونات النفس البشرية، وحمل على عاتقيه مهمة توعية الناس ونقل آلاف الأفكار الحديثة المتطورة إليهم، ولكن لم يفهمه أحد ويأخذ حقه إلا بعد وفاته.
حياته ونشأته
هو شاعر فرنسي الجنسية وُلد في عام 1821م، في باريس، وهو مسيحي كاثوليكي والإبن الوحيد لـ "فرانسوا بودلير" والذي كان يُعد من الموظفين الكبار في فرنسا في هذا الوقت، درس بودلير في المعهد الثانوي "لوي لو غران"، ثم بعد ذلك درس القانون، وبدأ في كتابة قصائده الشعرية منذ أن كان مُراهقًا.
عوامل أثرت في طريقة تفكيره
نشأ شارل يتيم الأب حيث مات أبوه وهو في السادسة من عمره، وتزوجت والدته بعد وفاة والده بعام تقريبًا من "ليوتينانت كولونيل جاك" السفير الفرنسي، مما أدى لإهمال أمه له حيث كان وقتها مقسم بينه وبين الزوج الجديد، فقامت بوضعه في مدرسة داخلية للتفرغ تمامًا لزوجها، في وقت كان فيه بودلير مازال صغيرًا وفي حاجة لرعاية أمه، وقد كتب بودلير قائلًا عن علاقته بوالدته: "لم تكن فترة طفولتي بالنسبة لكِ إلا مرحلة حب كنتِ تعيشينها مع زوجك الجديد"، وبعد ذلك تدهورت علاقتهما أكثر عندما رفضت العلاقة التي نشأت بينه وبين "جين دوفال" التي كانت تُعد حب حياته، وقد كانت غانية تعرف عليها في البارات التي كان يرتادها وهو في كلية الحقوق، مما دفعه لشرب الخمر ومحاولة إنتحار فاشلة، وقامت أمه بتعيين وصي عليه وعلى أمواله، وقد كان رجلًا بخيلًا لا يُراعي متطلبات الشاعر الشاب.