الشهادة الدراسية ليست مرادفًا للنجاح أبدًا، فهناك الملايين من الناس الذين حصلوا على أعلى الشهادات والدرجات العلمية ورغم ذلك لم يحققوا أي شئ ينسب لإسمهم، وفي المقابل نرى العديد من الذين لم يتلقوا تعليمًا كاملًا ورغم ذلك وصلوا لأعلى درجات الشهرة والنجاح، ولعل أبرز هؤلاء هي الكاتبة الإيطالية " جراتسيا ديليدا " التي لم تستطع إكمال تعليمها بسبب ظروف فقرها، ولكن رغم ذلك كانت هي ثاني إمرأة تحصل على جائزة نوبل في الأدب.
ميلادها ونشأتها
ولدت " جراتسيا ديليدا " في مدينة فيورو بجزيرة سردينيا في عام 1871م لأسرة فقيرة، وتلقت تعليمها الأساسي في مدرسة البلدة الابتدائية حتى بلغت العاشرة من عمرها، فاضطررتها الظروف المادية الصعبة إلى ترك المدرسة، وبعد ذلك تلقت دروسًا خصوصية في اللغة الايطالية واكتشف مدرسها نبوغها المبكر في الكتابة وطلب منها أن تقوم بنشر ما تكتبه في الصحف والمجلات، وكانت آنذاك في الثالثة عشر من عمرها فقط.
بداياتها الأدبية
تأثرت " جراتسيا " بالكثير من الأدباء الإنجليز مثل: " شاتو بريان، وفيكتور هيجو، وبلزاك"، ومن الإيطاليين : " كاردوتشي، ودانو نتسيو"، بالاضافة إلي العديد من الأدباء الروس الذين كان لهم تأثير واضح في روايتها القصيرة " في البحر الأزرق " التي قامت بنشرها عام 1890م.
وفي عام 1892م كتبت أولى رواياتها الطويلة وكانت بعنوان " زهرة سردينيا " وبعثت بها إلى أحد الناشرين في روما فنشرها ولاقت نجاحًا منقطع النظير، تلتها رواية " أنيم أونست " 1895م، ولكن أول نجاح حقيقي لها كان من خلال رواية " الياس بورتوليو " 1903م التي تُرجمت إلى جميع اللغات الأوروبية.
وفي أول سنة من القرن العشرين عام 1900م تزوجت جراتسيا و سافرت مع زوجها " بالميرو مودساني " إلى روما، وشعرت أنها المدينة التي بحثت عنها طويلًا، حيث اكتشفت عالمًا أكثر رحابة متمثلاً في المدنية بأبعادها الثقافية والحضارية المختلفة، ومتمثلاً أيضًا في المؤلفات الأجنبية التي غاصت فيها جراتسيا ديليدا تلتهمها بنهم حيث كان لهذه الاكتشافات الأثر العظيم في كتاباتها التي صارت أكثر تنوعًا وانفتاحًا.