السر العظيم
تُعتبر الدورة الشهرية في مجتمعاتنا الشرقية واحدة من أعظم أسرار الفتيات، حيث يجب على الفتاة أن تخفي ذلك السر بروحها، لا يجب أن يعلم أحد أنها في فترة الحيض، ولا يجب حتى أن تُظهر آلامها لأحد، فمجتمعنا يرى أنه شيء يدعو للخجل ولا يجب الحديث عنه، بل أنهم حتى لا يدعونها فيما بينهم بأسمائها الحقيقية، فأطلقوا عليها العديد من الأسماء التي تغلفها، مثل: "البتاعة، الظروف، الزفتة"، وهكذا، العديد من الأسماء.
ولكن هي في النهاية "الدورة الشهرية" فقط، ذلك الدم الذي يخرج من رحم الأنثى، وبه يُخلصها الله من سموم جسدها، ذلك الدم الذي لولا وجوده لن يتكون الجنين في رحمها، وبالرغم من أن المجتمع يعي تمامًا أن الأمر حدث طبي صحي، وأنه مجرد حالة عضوية تحدث للأنثى دون الرجل، إلا أنهم يتعاملون معها وفق موروثات ثقافية وتاريخية تناقلتها الأجيال جيلًا بعد آخر تحمل فيما معناه أن ذلك الحدث يُعد إنتقاص للأنثى دون أي مبرر لذلك الانتقاص.
الأسوء من ذلك أن الفتاة قد تعاني من مشاكل صحية وتُظهرها الدورة الشهرية، لكن الخوف والرهبة التي تتربى عليهم بخصوص تلك الفترة يجعلها لا تتكلم أو تتألم بصوت، ومن تتجرأ عليها مواجهة المجتمع، أو لتصمت وترضى بمعاناتها.
بطانة الرحم المهاجرة
مرض بطانة الرحم المهاجرة من الأمراض المُزمنة غير معروفة السبب، وفيه تنمو بعض خلايا بطانة الرحم وأنسجتها في أماكن وأعضاء أخرى ليس من الطبيعي أن تنمو فيها كقناتي فالوب والمبيضين، وبعد الإصابة لا تستطيع خلايا وأنسجة الرحم المهاجرة الخروج خارج الرحم من المهبل، فتنزف في مكانها وتتسبب في حدوث تقرحات وندوب على هذه الأعضاء، كما أن الدم الناتج عنها قد يتجمع وبالتالي يكون أكياس داخل جسد الفتاة، وتكرار ذلك مع كل مرة تحدث فيها الدورة الشهرية قد يؤدي إلى تضخم هذه الأجزاء، وزيادة سمكها، وبالطبع معظم الفتيات المصابات بهذا المرض لا يعلمن به أصلًا، نتيجة للموروثات الثقافية التي تُحرم على الفتاة التحدث عن آلامها وقت الدورة، وهذا المرض قد يتسبب في حدوث العقم، وكلما تأخر الكشف عنه يقل الأمل في الشفاء منه.
وبالطبع ليس ذلك هو المرض الوحيد الذي قد يُصيب الفتيات، بل هناك العديد من الأمراض الأخرى التي تدخل مع آلام الدورة، وتخاف المريضات من الإفصاح عن آلامهن.